السعودية تطبق فعليا سعودة 6 آلاف وظيفة في سوق الذهب

محاولات للالتفاف على القرار وإصرار حكومي على التنفيذ بدون استثناء

TT

استقبل السوق السعودي أمس, قرار تطبيق سعودة سوق الذهب والمجوهرات بشيء من الحذر من قبل أرباب العمل قابله تفاؤل أكبر من طالبي العمل من الشباب السعودي الذين خضعوا لدورات مكثفة من التدريب والتأهيل، وهم في سباق مع الزمن من أجل استقطابهم وإحلالهم محل الأجانب العاملين في هذا القطاع والذي يقدر عدد الوظائف فيه بنحو 20 ألف وظيفة حسب تقديرات المسؤولين.

وكان قرار سعودة قطاع الذهب والمجوهرات قد مر قبل تطبيقه بصفة نهائية بمراحل متدرجة وشهد شدا وجذبا بين لجان السعودة المكلفة تطبيقه ورجال الأعمال من أرباب العمل تدرجت خلاله النسب في التطبيق, حيث بلغت في بعض المناطق من السعودية 95 في المائة.

وتوقع رجال أعمال ومتعاملون في مجال الذهب والمجوهرات في جدة الا تظهر نتائج هذا القرار في يومه الأول على أقل تقدير خاصة وأن جدة مدينة كبيرة ولا يمكن مشاهدة ردة فعل السوق فيها في يوم وليلة حسب قولهم, وأشاروا إلى أن العديد من رجال الأعمال قد أوجدوا البديل في الفترة الفاصلة بين تطبيق القرار والتأجيل الذي امتد لمدة عام، وذلك أما بتأمين أنفسهم وتوفير البديل من العمالة الوطنية وبما يتواءم مع القرار أو تصفية وتقليص نشاطهم في هذه المرحلة بالذات حتى لا تطالهم العقوبات, خاصة وأنه لا نية إطلاقاً على تأجيل القرار مرة أخرى حسب تصريحات المسؤولين.

وقال رجل أعمال في مجال الذهب والمجوهرات في جدة فضل عدم الكشف عن هويته لـ «الشرق الأوسط»، إنه كان من الأفضل تطبيق قرار السعودية في مهن أخرى كثيرة التي لا تحتاج إلى مهارات وفن في التعامل والتمرس. وحول تأثير القرار في السوق, قال «اعتقد أصحاب المهنة الحقيقيين من التجار سوف لن يتأثروا بهذا القرار، وقد تجد في الأسرة الواحدة من يتوارث هذه المهنة أبا عن جد, وهذا يساعد كثيراً في استمرارية النشاط, صحيح ربما يلجأ البعض في تقلص الفروع والاكتفاء بعدد قليل منها حتى يمكن الإشراف مباشرة من رب العمل, أما الذين يمارسون هذه المهنة بالتستر فقطعاً سيصفون تجارتهم وينسحبون من السوق».

أما الشريف أحمد صاحب مؤسسة «الشريف أحمد عبد الله للذهب والمجوهرات» في جدة, فيقول ان ما يزيد على 30 في المائة من المحال قد خرجت من السوق حتى قبل تطبيق القرار أمس, وقال « إنه بالإضافة إلى قرار السعودة فان ارتفاع أسعار الذهب في السنوات الماضية قد ساهم بدوره في خروج الكثير من التجار من السوق بعد أن استغله البعض للهروب من هذا الواقع وبعد أن فشلوا في توفير البديل المناسب».

وفي محاولة لالتفاف على قرار سعودة محلات الذهب والمجوهرات عقد 35 رجل اعمال في الغرفة التجارية بمكة المكرمة، اجتماعا مع الامين العام للمشروع الوطني للتدريب والتوظيف بمنطقة مكة الدكتور عبدالعزيز الهزاع طالبو فيه بالسماح لاصحاب المحلات بتشغيل شخص واحد اجنبي في كل محل من محلات الذهب لمدة عام واحد فقط ليقوم بتدريب الشباب خلال العام على البيع وعلى جميع خلفيات هذا المجال وبعدها يتم السعودة كاملة ، وبرغم انه وعدهم برفع الامر الى الجهات العليا الا انه اكد في الوقت نفسة عدم وجود أي استثناءات وان أي محل مخالف سيتم تطبيق العقوبات ضده وجاء ذلك الموقف من امين المشروع الوطني ليبين لهم ضرورة التنفيذ باقصى سرعة ودون تأجيل. واضاف «على جميع المحلات الالتزام بالقرار وسعودة جميع العاملين في هذه المحلات»، مشيرا الى ان لجان السعودة بدأت جولاتها الميدانية لمراقبة عمليات التنفيذ وآلياته وقال لـ«الشرق الاوسط» غرم الله الغامدي احد اصحاب محلات الذهب « ان ايجاد موظف سعودي يتمتع بخبرة عالية في مجال بيع الذهب والمجوهرات امر صعب جدا وخاصة ان اغلب العاملين في هذة المحلات من أي جنسية يملكون خبرة عالية تفوق خبراتنا نحن اصحاب المحلات، فهم يعملون في هذا المجال منذ عشرات السنين وبعضهم قضى عمره كله للعمل في هذا المجال وبالتالي فان ايجاد موظف سعودي بنفس الخبرة والامكانيات سيكون امر صعبا، واضاف «كما ان اصحاب المحلات لايرغبون ايضا في تشغيل السعودي ولكن ربما يدفعهم ذلك الى العمل في محلاتهم كما فعلت انا، فقد فتحت محلي التجاري وعملت فيه انا لاني حاولت خلال العام الماضي باكمله ان ادرب عددا من الشباب السعودي ولكنهم يخذلونني غالبا لانهم يقومون بأمور كثيرة لاتتناسب معي مثل عدم الالتزام وخاصة ان مثل عملنا يحتاج بدرجة كبيرة الى الالتزام والخبرة والامانة وهي اهم الشروط التي يجب توفرها في العامل أيا كانت جنسيته». وفي الوقت نفسة وجد تنفيذ القرار صدى ايجابيا لدى الشباب السعوديين الذين ابدوا سرورهم بذلك، مشيرين الى ان ذلك سيسهم بشكل كبير في خفض معدلات البطالة ومطالبين بعدم اعطاء اصحاب المحلات أي مهلة او استثناء. وقال سعود العتيبي احد الطلاب الذين حصلوا على دورات تدريبية في مجال الذهب والمجوهرات «ان الامر ليس صعبا وما يحتاجه هو قليل من التركيز كما ان المهلة اعطيت اكثر من مرة ولكن تلك محاولة للالتفاف على القرار والغائه او تأجيله لكي لا ينفذ اطلاقا ولا تتم السعودة» .

وقال احمد الغمري ان أي تأجيل يعتبر الغاء للمشروع بأكمله وتعطيلا للتطبيق ويعني خيبة امل لمئات بل الاف الشباب السعوديين الذين ينتظرون هذه الفرص للعمل بعد ان اصبحوا عاطلين عن العمل، وكثير منهم تحولوا الى لصوص ومجرمين لعدم وجود مصدر يأكلون ويشربون منه واضاف « استغرب أي وطنية يتحدث عنها رجال الاعمال وهم يرفضون ابن البلد ويحافظون على الاجانب من دون النظر لآثار ذلك وسلبياته».