السعودية: مطالبات بسد الثغرات في إلزامية التأمين على رخصة القيادة عبر نظام المرور الجديد بعد 14 شهرا من تطبيقه

رئيس «التعاونية»: ربط التأمين بالمركبة لن يرفع قيمة الأقساط وندعو لتوحيد نظام التأمين الإلزامي على المركبات العابرة للدول الخليجية

TT

أكد موسى عبد الكريم الربيعان الرئيس التنفيذي للتعاونية للتأمين ان الاشهر الـ14 الماضية، التي شهدت تطبيق الزامية التأمين على رخصة القيادة في السعودية، كشفت عن بعض الثغرات في هذه الصيغة، مطالبا بإعادة النظر في ربط التأمين بالرخصة وجعله مرتبطاً بالمركبة. وقال الربيعان، الذي يدير اكبر شركات التأمين في السعودية، ان الصيغة الانسب هي تطبيق التأمين على المركبة بدلا من الرخصة، لأنها تضع السعودية في نفس الإطار التأميني والتشريعي الذي تطبقه جميع دول العالم, مشيرا الى ان نظام المرور الجديد ـ الذي يتكون من حوالي 80 مادة ويدرس حاليا في اللجنة الأمنية في مجلس الشورى السعودي ـ أفرد باباً عن نظام التأمين الإلزامي يعالج من خلاله السلبيات التي أفرزتها التجربة، موضحا ان التعاونية زودت اللجنة التي تنظر الموضوع في مجلس الشورى بتقرير يحدد هذه السلبيات والحلول اللازمة لمعالجتها. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان السعودية هي الدولة الوحيدة التي تفرض تأمين المسؤولية تجاه الغير على الرخصة، بينما تطبق دول مجلس التعاون الخليجي التأمين الإلزامي على المركبة. وفي محاولة جادة لتخفيف العبء عن المواطنين الخليجيين المسافرين بين دول المجلس، ولتفادي ازدواجية التأمين على السيارة عند انتقالها عبر دول المجلس وللحد من الإجراءات الإدارية أثناء السفر، طرحت اللجان المرورية الخليجية وهيئة التنسيق لشركات التأمين وإعادة التأمين الخليجية مشروعاً لتوحيد نظام التأمين الإلزامي على المركبات العابرة للدول الخليجية. ولتطبيق تلك الخطوة على أرض الواقع يجب توحيد نظم التأمين وإجراء الممارسة وفق قواعد تأمينية موحدة.

* ما هي أهم مآخذكم على الطريقة الحالية لإلزامية التأمين على الرخصة ضد الغير؟ وما هو السبب الذي دفع شركة التعاونية للتأمين التي تعد أول مطبق لهذه الصيغة بل وتعد من أول الجهات التي طالبت بفرض إلزامية التأمين على الرخصة ضد الغير للمطالبة بفرض صيغة أخرى في حين لم يمض على تطبيق إلزامية التأمين سوى فترة قصيرة نسبياً؟

ـ تجربتنا مع تأمين الرخصة التي بدأت عام 1995 أفرزت إيجابيات كثيرة للعملاء وللمجتمع ولشركات التأمين. وقد ساعد اقتصار التأمين على نوع واحد فقط هو تأمين الرخصة الخاصة والقلة النسبية لعدد وثائق التأمين المصدرة خلال تلك الفترة على إدارة محفظة هذا التأمين بشكل جيد. واستفاد العملاء الذين حصلوا على تأمين الرخصة باختيارهم منافعه الكثيرة لأنهم كانوا على مستوى عال من الوعي والإدراك لمزاياه. إلا أنه وللتوضيح، فقد كانت توصية الشركة عند مناقشة موضوع التأمين الإلزامي في اللجنة المسؤولة في مجلس الشورى هو الأخذ بتأمين المسؤولية تجاه الطرف الثالث على المركبة وليس على الرخصة، وقد صدر قرار مجلس الشورى بأن يكون التأمين على المركبة، لكن فوجئنا بأن التأمين ربط بالرخصة. وبعد صدور القرار كان لزاماً على التعاونية للتأمين دعم نظام التأمين الإلزامي على الرخصة، وكانت هناك نظرة تفاؤلية من سوق التأمين عموماً إلى إيجابيات تطبيق هذا النظام دفعت بعض الخبراء إلى وصفه بأنه ثورة في التشريع التأميني. لكن إلزام مئات الآلاف بالتأمين وتوسيع عملية التطبيق لتشمل كل أنواع رخص القيادة أفرزا عدة سلبيات شكلت عوائق للاستفادة من نظام تأمين الرخصة. وعلى مدى 14 شهراً هي الفترة التي استغرقتها عملية التطبيق الإلزامي لتأمين الرخصة واجهنا الكثير من الحالات التي أظهرت بعض الثغرات في هذا التأمين. مثل حالات الأسر التي لديها سيارة واحدة يقودها عدد من السائقين وفرض عليهم النظام الحصول على عدة وثائق لقيادة تلك السيارة، كذلك التزام بعض السعوديين الذين لديهم سيارات أجنبية بالحصول على تأمين على رخصة القيادة السعودية، وتأمين آخر على السيارة الأجنبية التي يقودها، بل والتزام أصحاب السيارات الذين لديهم تأمين شامل على سياراتهم بشراء تأمين إضافي على الرخصة بموجب النظام. ودفع السائقون في بعض الحالات قسطاً كبيراً نسبياً لأنهم يحملون مثلاً رخصة قيادة عمومية بينما يقودون في الواقع سيارة خصوصية. هناك أيضاً حالات الحوادث التي لا يعوض عنها تأمين الرخصة، مثل تلك التي تقع عندما يكون السائق غير موجود بالمركبة كأن تتدحرج المركبة لتصطدم بسيارة أخرى واقفة أمامها، أو تحترق السيارة وهي واقفة بدون سائق. فهذه الحالات لا يعوض عنها تأمين الرخصة وبالتالي يصبح أمراً غير ذي جدوى. ولا يمكن أن نغفل الأضرار التي تعرضت لها شركات التأمين من جراء مطالبات احتيال وقعت بسبب تحميل الطرف الذي يحمل تأمين الرخصة مسؤولية حادث لم يتسبب فيه. كما استخدمت بطاقة تأمين الرخصة لتغطية حوادث تسبب بها سائقون ليس لديهم تأمين بعد التبديل بالسائق المتسبب في الحادث سائق آخر لديه تأمين رخصة مستغلين ربط التأمين بالرخصة وليس بالمركبة المشتركة في الحادث. كل ذلك دفعنا إلى إعادة النظر في إلزامية التأمين ضد المسؤوليات تجاه الغير الناتجة عن حوادث السيارات وجدوى ربطه بالرخصة وليس بالمركبة.

* هل يعالج نظام المرور الجديد الذي يدرس حالياً في مجلس الشورى المشاكل التي طرحتموها؟ وهل تمت استشارتكم في بعض بنود النظام؟

ـ حسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن مشروع نظام المرور الجديد أفرد باباً عن نظام التأمين الإلزامي يعالج من خلاله السلبيات التي أفرزتها التجربة. وقد زودنا اللجنة التي تنظر الموضوع في مجلس الشورى بتقرير يحدد هذه السلبيات ويوضح رؤيتنا للحلول اللازمة لمعالجتها سواء بإعادة النظر في ربط التأمين بالرخصة وجعله مرتبطاً بالمركبة، أو بتحديد الهياكل والآليات التي نحتاجها لضمان نجاح عملية التطبيق. وأرجو أن تؤخذ تلك الرؤية في الاعتبار عند صدور نظام المرور الجديد.

* يرى البعض أن مطالبات شركات التأمين يقف وراءها سبب واحد هو الرغبة في رفع مداخيلها من إصدار بوليصات تأمين شاملة واكتشاف أن بوالص التأمين الحالية تعطي السائق الحق في الحصول على التعويض بغض النظر عن ملكيته للمركبة التي يقودها ما يوسع نطاق التغطية ويقلل بالتالي مداخيل الشركات ويرفع التزاماتها؟

ـ هذا التفسير ينطوي على خطأين جوهريين حول فهم التأمين الإلزامي على المسؤولية المدنية تجاه الغير الناشئة عن حوادث السيارات. الخطأ الأول هو أن ربط التأمين بالمركبة والذي ننادي به لا نقصد به أبداً التأمين الشامل بل نعني التأمين ضد المسؤولية المدنية. هذا النوع من التأمين تقل أسعاره عن تأمين الرخصة، كما أن عدد السيارات التي تخضع لهذا للتأمين يقل كثيراً عن عدد رخص القيادة المسجلة لدى إدارات المرور ومن ثم تقل الأقساط المتحصلة منه بكثير عن أقساط تأمين الرخصة وهذا يدحض ما يقال عن رغبة شركات التأمين في رفع مداخيلها.

الخطأ الثاني يتعلق بطبيعة تغطية التأمين التي يمنحها تأمين الرخصة الإلزامي. فما يقال عن اكتشاف شركات التأمين أن وثائق تأمين الرخصة تعطي السائق حق الحصول على التعويض بغض النظر عن المركبة التي يقودها غير صحيح، لأن السائق في تأمين المسؤوليات سواء كان على الرخصة أو المركبة لا يحصل على التعويض ولا يتم إصلاح سيارته المتضررة في الحادث. المستفيد المباشر من التعويض هو الطرف الثالث المتضرر فقط حيث تقوم شركة التأمين بسداد التعويض له نيابة عن السائق المتسبب في الحادث. ونطاق تغطية التأمين على المركبة تجاه الطرف الثالث يتسع عن تغطية تأمين الرخصة رغم قلة السعر مقارنة بتأمين الرخصة وهذا ينفي أيضاً ما يقال عن رغبة شركات التأمين في الحد من التغطية لتقليل التزاماتها وزيادة مداخيلها.

* هل ترون أن إلزام المواطن أو المقيم بالتأمين على المركبة يسهل وضع نظام خليجي ويفتح الباب لتغطية بوليصات التأمين السعودية للمركبات حتى عند دخولها اراضي أي دولة خليجية أخرى ما يحافظ على موارد مالية كبيرة تدفع حالياً شركات التأمين الخليجية التي تفرض تأميناً مؤقتاً على المركبة التي تزور تلك الدول؟ وكم تقدرون حجم الأموال التي تدفع من قبل سعوديين عن زيارتهم لدول خليجية أخرى لتأمين مركباتهم مؤقتاً لتغطية فترة زيارتهم؟

ـ نحن الدولة الوحيدة التي تفرض تأمين المسؤولية تجاه الغير على الرخصة، بينما تطبق دول مجلس التعاون الخليجي التأمين الإلزامي على المركبة. وفي محاولة جادة لتخفيف العبء عن المواطنين الخليجيين المسافرين بين دول المجلس، ولتفادي ازدواجية التأمين على السيارة عند انتقالها عبر دول المجلس، وللحد من الإجراءات الإدارية أثناء السفر، فقد طرحت اللجان المرورية الخليجية وهيئة التنسيق لشركات التأمين وإعادة التأمين الخليجية مشروعاً لتوحيد نظام التأمين الإلزامي على المركبات العابرة للدول الخليجية. ولتطبيق تلك الخطوة على أرض الواقع يجب توحيد نظم التأمين وإجراء الممارسة وفق قواعد تأمينية موحدة. وهذا يتطلب تعديل نظام تأمين الرخصة المطبق حالياً ليتوافق مع نظم التأمين على المركبات المطبقة في باقي دول المجلس. ونحن ننظر إلى تلك الخطوة بتفاؤل كبير ونعتقد أنها ستوفر الكثير من الأموال التي يدفعها المواطنون السعوديون عند زيارتهم للدول الخليجية والتي تقدر بملايين الريالات سنوياً.

* هل لدى التعاونية للتأمين صيغة تراها أنسب لربط التأمين الحالي للرخصة ضد الغير بمركبة أو بعدد محدد من المركبات؟ وهل هذا الأسلوب مطبق في دول أخرى؟

ـ الصيغة التي نراها مناسبة هي تطبيق التأمين على المركبة بدلا من الرخصة، لأنها تضع المملكة في نفس الإطار التأميني والتشريعي الذي تطبقه جميع دول العالم، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المركبة هي لب موضوع التأمين ولولا استخدامها وما قد ينتج عنها من أضرار وخسائر تلحق بالغير لم تنشأ الحاجة أصلاً إلى تأمين المسؤولية تجاه الغير. ويوفر هذا التأمين الحماية في الحالات غير المغطاة بتأمين الرخصة، وعند شموله لجميع السيارات سيكون المؤمن له بطبيعة الحال مغطى تأمينياً أثناء قيادته أية مركبة سواء كانت مملوكة له أم لغيره. ويتميز سعر التأمين على المركبة بأنه يعادل أو يقل عن سعر التأمين على الرخصة، وبأنه يقع على المحل الصحيح للتأمين حيث يتحدد حسب نوع السيارة المؤمن عليها آخذاً في الاعتبار المخاطر التي ترتبط بالسائق والمركبة، وهذا هو النظام المطبق في جميع دول العالم كما أشرت سابقا.

* كيف تنظرون لمستوى المنافسة الحالي على تخفيض سعر بوليصة التأمين على الرخصة وكذلك مستويات التغطية؟

ـ التلاعب بالأسعار في المنافسة سلاح ذو حدين، فهو من ناحية يجذب بعض العملاء الذين لا تعنيهم التغطية والمصداقية بقدر ما تعنيهم قلة المبلغ المدفوع، ومن ناحية أخرى فإن تخفيض السعر عن المستوى الفني المكافئ للأخطار المغطاة يزيد من أعباء ومسؤوليات شركات التأمين التي تجد نفسها بعد ذلك تستقبل سيلاً من التعويضات يزيد كثيراً عما جمعته من أقساط. وتضطر هذه الشركات أمام حجم الخسارة الكبير إلى التنصل من المسؤولية والهرب من السوق. ونحن نرفض في التعاونية للتأمين هذا الأسلوب من المنافسة حرصاً على مصداقيتنا ووفاءً لثقة عملائنا. أما بالنسبة لمستويات التغطية فمن المؤسف له أن الأمر متروك للشركات تحدده حسبما يتراءى لها ولا توجد حدود قياسية من التغطية تكون ملزمة لشركات التأمين. وفي تصوري في حال الانتقال إلى نظام تأمين يرتبط بالمركبة من دون الرخصة يجب أن يوضع في الاعتبار إيجاد حد أدنى من التغطية التأمينية بحيث لا تترك لكل شركة تأمين حرية الخيار فيما ترغب أن تغطيه. كذلك من الضروري إيجاد آليات لتحديد مسؤولية أطراف الحادث وتحديد قيمة التعويض وعمل مقاصة بين شركات التأمين، وبذلك يمكن أن يحقق النظام الحماية المطلوبة ونضمن سهولة وعدالة التطبيق.