لجنة مانحي الصندوق الدولي لإعادة إعمار العراق تبدأ أعمالها بأبوظبي في غياب السعودية والكويت

مهدي الحافظ: لا اتفاق محددا بشأن خفض الديون

TT

بدأت في ابو ظبي امس اجتماعات لجنة المانحين للصندوق الدولي لاعادة اعمار العراق وسط آمال في ان يتمكن المجتمعون من جمع ما يزيد على اربعة مليارات دولار للصرف على حوالي 700 مشروع يأمل العراق في تنفيذها خلال عام 2004.

ويشكل الاجتماع اول خطوة تنفيذية لمقررات مؤتمر المانحين الذي عقد في مدريد يومي 23 و24 ديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي والذي التزمت فيه اكثر من 40 دولة ومنظمة متخصصة بتقديم ما بين 32 و 35 مليار دولار.

ويشكل الصندوق الدولي لاعادة اعمار العراق واحدا من آليات مختلفة تم الاتفاق المبدئي على ان تكون قنوات لإيصال مساهمات الدول المانحة. ومن المنتظر ان يتم في ابو ظبي تحديد مساهمات الدول في الصندوق على ان تقتطع حصة كل دولة في الصندوق من جملة ما التزمت به في مؤتمر مدريد. وضمن هذا الاطار اعلنت قطر انها ستساهم بعشرة ملايين دولار في الصندوق من اصل 100 مليون دولار كانت قد التزمت بها في مدريد على ان يتم الوفاء ببقية الالتزام ضمن القنوات الاخرى التي تم اقتراحها في مؤتمر مدريد. وقد غاب عن الاجتماع الذي يعقد على مستوى الخبراء، السعودية والكويت، وقد تضاربت اسباب عدم مشاركة البلدين، ففيما قال الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط العراقي ورئيس الهيئة الاستراتيجية لاعادة الاعمار في العراق لـ «الشرق الاوسط» انه لا يعتقد ان هناك مقاطعة سعودية او كويتية للاجتماع وان الامر يتعلق باسباب تقنية قالت المصادر السعودية ان اسباب عدم المشاركة تعود الى وصول الدعوة في وقت متأخر، وهو ما اكده مصدر اماراتي حيث اشار الى ان ترتيبات الاجتماع تمت على عجل وكانت السعودية قد التزمت في مؤتمر المانحين بمدريد بتقديم 500 مليون دولار، منها 120 مليونا في عام 2004 فيما سيتم تقديم الباقي على دفعات في الفترة من 2005 وحتى 2007، اما الكويت فانها التزمت في مدريد بمبلغ مماثل لما التزمت به السعودية لكنها لم تربط تنفيذ الالتزام بموعد زمني.

وقالت مصادر اماراتية ان عدم مشاركة بعض الدول في اجتماعات ابو ظبي لا يعني انها تراجعت عن الوفاء بما التزمت به في مدريد، بل لانها ترغب بالوفاء بهذه الالتزامات عبر قنوات اخرى غير الصندوق المزمع انشاؤه. وتقول مصادر في المؤتمر ان الامارات والسعودية والكويت قد لا تساهم بالصندوق بالرغم من انها ملتزمة بمبالغ محددة في اطار مؤتمر مدريد. وقد افتتح الاجتماعات الدكتور محمد بن خلفان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة بدولة الامارات الذي اكد على اهمية التعاون الدولي لتجاوز الظروف الصعبة التي يواجهها العراق، مشيرا الى ان اجتماعات اللجنة تهدف الى تفعيل قرارات مؤتمر مدريد. واشاد خرباش بالدور الذي يقوم به مجلس الحكم العراقي في مجال الاصلاحات الاقتصادية وجذب الاستثمارات الاجنبية واعادة دمج الاقتصاد العراقي بالاقتصاد العالمي. ولم يشر خرباش في كلمته الى حجم المساهمة الاماراتية في صندوق اعادة الاعمار، الا ان المعروف ان دولة الامارات التزمت بمبلغ 215 مليون دولار فضلا عن الغاء ديون مستحقة على العراق قيمتها اكثر من 14 مليار درهم ( حوالي 4 مليارات دولار). وفي تصريحات للوزير الاماراتي بعد الجلسة قال خرباش ان اجتماع ابو ظبي سيشكل لجنة من المانحين لادارة الصندوق المقترح لاعادة اعمار العراق. من جانبة قال وزير التخطيط العراقي في كلمة امام الاجتماع ان العراق أعد قائمة بحوالي 700 مشروع في قطاعات اقتصادية مختلفة مشيرا الى ان الاعتمادات اللازمة لهذه المشاريع في العام الحالي تزيد عن 4.1 مليار دولار وحسب القائمة فإن مشروعات البنية الاساسية تستأثر بالنسبة العظمى من الاعتمادات المطلوبة حيث تصل الى اكثر من 1.9 مليار دولار أي ما نسبته 47 في المائة من اجمالي ما هو مطلوب في العام الحالي، اما الجزء الثاني من حيث القيمة فكان من نصيب مشروعات الخدمات من تعليم وصحة وشؤون اجتماعية بما يصل الى 738 مليون دولار.

ويقدر وزير التخطيط العراقي احتياجات العراق الحيوية حتى عام 2008 بحوالي 55 مليار دولار. وباستثناء اشارة بروتوكولية الى الغاء الديون الاماراتية، لم يتطرق الوزير العراقي في كلمته امام الاجتماع الى موضوع المديونيات المستحقة على العراق، لكنه قال في تصريحات بعد الجلسة الافتتاحية ان اجمالي الديون المستحقة تصل الى حوالي 120 مليار دولار، مشيرا الى ان العراق حصل على تعهدات من الدول المقرضة بشطب ما نسبتة 60 في المائة منها، ولم يحدد الوزير العراقي الدول التي قدمت تلك التعهدات واعرب الوزير العراقي عن ثقته بأن اجتماع ابو ظبي سيتمكن من الحصول على مساهمات من المانحين للوفاء باحتياجات العراق للعام الحالي.

وطبقا لمصادر الاجتماع فإن شطب الديون العراقية سيتحدد في اجتماع نادي باريس المقبل ولم يتحدد موعده النهائي بعد. وتشمل المديونيات التي سيبحثها نادي باريس، الديون المستحقة لمنظمات دولية وعربية متخصصة، وقالت مصادر من هذه المنظمات ان امكانية شطب مديونيات مستحقة لصناديق عربية ودولية ستكون محدودة وتقتصر على الغاء جزء من الفوائد وجدولة بقية المديونية.

وقال الادميرال ديفيد ناش الذي يمثل سلطة التحالف المؤقتة في الاجتماع ان هذه السلطة تسلمت 8 مليارات دولار من الولايات المتحدة من اصل 18.6 مليار دولار تعهدت واشنطن بتقديمها في مؤتمر الدول المانحة بمدريد، وذكر ان حوالي 6 مليارات ستخصص لمشاريع اعادة الاعمار، فيما سيصرف الباقي على مرافق الخدمات والتدريب ولا تشكل هذه المبالغ جزءا من الصندوق المتوقع انشاؤه في ابو ظبي، حيث من المنتظر ان تعلن الولايات المتحدة التي تشارك بوفد مستقل عن ممثلي سلطة التحالف في العراق خلال الاجتماع عن المبلغ الذي من المنتظر ان تساهم به في رأس مال الصندوق حيث ستقتطع هذه المساهمة من المبلغ الذي التزمت به واشنطن في مدريد. وخلال المناقشات طالبت اليابان التي تعهدت بتقديم مبلغ يزيد عن 4.9 مليار دولار بأن يتم الصرف من موارد الصندوق المقترح لاعادة اعمار العراق وفق آلية تتيح للدول المانحة معرفة القطاعات التي تصرف فيها مساهماتها.