أزمة بين وكلاء سياحة وسلطات الطيران المصرية بعد إيقاف خطوط أوروبية

شركات السياحة تهدد بمقاضاة «مصر للطيران» لتعويض خسائر إلغاء برامج رحلاتها إلى مصر

TT

تواجه شركة الطيران المصرية الوطنية «مصر للطيران» مأزقا عنيفا بسبب ما أثارته قراراتها الاخيرة بإغلاق 13 خطا دوليا من بلبلة بين وكلاء السفر وشركات السياحة التي تتولى تسويق رحلات الشركة الى أوروبا ومنطقة الشرق الاوسط، حيث تقدم عدد من الشركات السياحية في أوروبا بشكاوى عاجلة لسلطات الطيران المدني ووزير الطيران المصري للتدخل لإعادة النظر في القرارات التي وصفوها بعدم الدقة وعدم مراعاة شروط التعاقدات المبرمة بين مصر للطيران وشركات السياحة. وهدد البعض باللجوء للقضاء للحصول على تعويضات عن الاضرار التي اصابت نشاطاتهم في المناطق التي تم إيقاف رحلات الشركة الوطنية اليها.

فبعد نحو عامين من محاولات تطوير شبكة الخطوط الواسعة لشركة مصر للطيران أنتهت بالفعل شركة «سايبر» الأميركية التي تعاقدت معها الشركة القابضة الى وضع توصيات بتقليص الشبكة بما يتناسب مع حجم اسطول الشركة من الطائرات، والذي يبلغ 37 طائرة بعد اضافة 5 طائرات 320 AB تم تسلمها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينما تمتد شبكة الخطوط الدولية الى 82 مدينة، بما يخفض نصيب كل مدينة الى اقل من نصف طائرة من اسطول الشركة، بالمقاييس الاحصائية، وبما لا يسمح بتنظيم اكثر من رحلة للعديد من الخطوط الطويلة اسبوعيا ودفع برحلات الخطوط الطويلة لتحقيق خسائر مؤكدة مع عجز الشركة عن توفير طائرات لتغطية الشبكة.

واثارت قرارات الشركة بإغلاق 13 خطا صدمة بين المراقبين لخطوط تطوير الشركة التي تحولت الى قابضة في مايو (ايار) 2002 والتي تعاني منذ ذلك الوقت من عدم استقرار في ادارتها التي تغيرت ثلاث مرات خلال اقل من عام، حيث احتفظ رئيس الشركة السابق فهيم ريان بمنصبه، الذي تقلده 22 عاما ـ ولكن بعد فترة قصيرة تمت الاطاحة به ليتولى الشركة رئيس هيئة الطيران المدني ـ التي تم حلها فيما بعد ـ عبد الفتاح كاطو، الذي حل مكانه عاطف عبد الحميد بعد 6 اشهر فقط ليتولى رئاسة الشركة منذ ذلك الحين. وكان الاخير يرأس مصنع الطائرات بالهيئة العربية للتصنيع ـ وقد اتجه في ادارة الشركة للعودة الى المركزية الشديدة، فوضع كل الشركات التابعة المستقلة تحت تصرفه المباشر كما قام بتفريغ شركة الخطوط من قطاعاتها وألحق القطاع التجاري والمكاتب الخارجية بالتبعية المباشرة لرئيس الشركة بينما واصل حتى الاسبوع الماضي تغيير قيادات الشركات التابعة من دون ابداء الاسباب بما اثر سلبيا على صورة الشركة دوليا.

وقد تقدم عدد من وكلاء السياحة في هامبورج وكوبنهاجن لسلطات الطيران المصرية ببيانات تضمنت الاضرار التي أصابتهم بسبب الغاء تعاقدات حجمها نحو مليوني يورو حتى نهاية العام الحالي مع شركات تنظيم رحلات في تلك المدن. وكان تقرر الغاء خط هامبورج بدءا من ابريل (نيسان) المقبل وتحويل رحلاته الى خط برلين بالتنسيق مع هيئة السكك الحديدية الالمانية لنقل الركاب بين المدينتين.

وطالب وكلاء السياحة بمد عمل خطوط اوروبا حتى نهاية العام حتى يتسنى لهم تدبير بدائل وادراجها في برامجهم للعام المقبل الذي يبدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وحذر وكلاء السياحة من أن اغلاق الخطوط بالشكل الحالي ودون اتاحة الفرصة لتوفيق اوضاعهم سيدفعهم الى مقاضاة الشركة الوطنية امام القضاء الاوروبي واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لتعويض اصحاب الشركات عن الخسائر الناجمة عن الغاء التعاقدات.

واشار اصحاب الشركات السياحية في المذكرات التي تقدموا بها الى وزير الطيران المصري الى ان القرارات الاخيرة من شأنها كذلك ان ترفع الاسعار الاجمالية لسفر السائحين بشكل خيالي حيث سيضطر السائحون لشراء تذاكر الخطوط الداخلية بسعر يصل الى خمسة اضعاف السعر السابق لانهم سيصلون الى مصر على خطوط اجنبية. وسيرتفع سعر الرحلة الداخلية الذي كان يحصلون عليه من القاهرة الى الغردقة أو الى شرم الشيخ أو الاقصر من 40 الى 50 دولارا سابقا الى 250 او 300 دولار حاليا للرحلة الواحدة بما يرفع السعر الاجمالي بشكل يحد من أقبال الاجانب على برامج زيارة مصر.

وتشمل الخطوط الاوروبية التي سيتم ايقافها من أول ابريل المقبل خط هامبورج وكييف وكوبنهاجن وستوكهولم الى جانب الخطوط الاقليمية مع دار السلام وعدن ورأس الخيمة وهراري والفجيرة وخطوط مع الشرق الاقصى تشمل خطي كراتشي ومانيلا.

وكانت مصر للطيران قد اوقفت خط سيدني عام 2002 بسبب خسائره الفادحة التي تجاوزت 70 مليون جنيه، وكذلك خط لوس أنجليس بزعم تأثره بالاجراءات الأمنية المشددة في المطارات الأميركية عقب احداث 11 سبتمبر.

اما خط بكين الذي تم ايقافه بعد افتتاحه بثلاثة اشهر فقط فيضرب مثلا واضحا لتخبط سياسات الادارة الحالية للشركة ولسلطات الطيران المدني حيث تجاهلت دراسة حدودية سبق اعدادها حول الخط الجوي المقترح بين مصر والصين، والتي انتهت بضرورة فتح خط جوي بين القاهرة ـ شنغهاي التي تعد مركزا للتبادل التجاري بين رجال الاعمال في البلدين، لكن سلطات الطيران تجاهلت الدراسة وافتتحت خطا مباشرا مع بكين. وبرر المسؤولون ذلك بالمصالح والدوافع السياسية، وبالفعل توقف الخط لعدم وجود حجم حركة يسمح بتغطية تكاليف تشغيله رغم ان الشركة زعمت مرة اخرى أن الايقاف يعود لظروف الحرب على العراق.

وبينما دافع رئيس الشركة عن قرار ايقاف 13 خطا دوليا بأن خسائر خط مانيلا وحده تجاوز 120 مليون جنيه في عشر سنوات، وأن دراسة اظهرت ان نحو 1.75 مليون راكب يصلون الى مصر سنويا من المدن الثلاث عشرة التي تم ايقاف الرحلات اليها، لكن مصر للطيران لا تنقل منهم سوى 50 الف راكب فقط أي 5% من اجمالي حجم الحركة. واعتبر عبد الحميد ان الرقم الهزيل مبرر لإغلاق هذه الخطوط.

على الجانب الاخر، اعتبر وكلاء السياحة الارقام دليل على فشل سياسات ادارة رئيس الشركة في التسويق وتهربه من المسؤولية المباشرة وعدم تحمله عواقب السياسات المتخبطة التي أدت الى ذلك الفشل وإغلاق الخطوط.