إنتاج النفط العراقي يقترب من مستويات ما قبل الحرب ويحقق 14 مليار دولار للميزانية خلال العام الحالي

تحديث قطاع النفط يحتاج إلى 30 مليار دولار على مدى 10 ـ 15 عاما

TT

صرح مسؤولون في سلطات التحالف ووزارة النفط العراقية بأن انتاج العراق الحالي من النفط الخام يقترب من الوصول الى معدلات انتاج فترة ما قبل الحرب. فقد فرغت الجهات المكلفة بإعادة قطاع النفط في العراق الى معدلات الانتاج فترة ما قبل الحرب من عملها قبل شهر كامل من الموعد المحدد في 1 ابريل (نيسان) المقبل كآخر موعد لإنجاز هذه المهمة. وأوضح روبرت ماكي، المسؤول البارز في سلطة التحالف المؤقتة، ان صادرات النفط العراقي لهذا العام ستضيف 14 مليار دولار الى الميزانية العراقية، مقارنة بحوالي 5 مليارات دولار العام السابق. وأضاف ماكي، وهو مسؤول خبير نفط اميركي متقاعد كلف بإعادة حقول النفط العراقية للعمل، ان العمل في قطاع انتاج النفط العراقي استكمل قبل الفترة التي حددت مسبقا غداة انتهاء الحرب. وأوضح ان ما حدث يعتبر انجازا، لكنه اشار الى انه لا تزال هناك الكثير من التحديات. يشار الى ان العراق يملك حوالي ثلث احتياطات النفط العالمي بعد السعودية وكندا، كما ان الاقتصاد العراقي يعتمد على عائدات الصادرات النفطية بصورة رئيسية. وقال مسؤولون في سلطات الاحتلال ان عائدات النفط يمكن ان تساعد على تمويل إعادة إعمار الاقتصاد العراقي مما يعزز الاستقرار السياسي خلال فترة الانتقال الى استعادة السيادة في غضون الاشهر الاربعة المقبلة. ويأتي إنعاش الاقتصاد العراقي نتيجة عمليات الصيانة التي كلفت حوالي مليار دولار ساهمت بها الولايات المتحدة بالاضافة الى مجهودات العراقيين في استمرار العمل في قطاع النفط الذي تعرض لأضرار بالغة. ويقول مسؤولون عراقيون واميركيون في سلطات التحالف انه لا يزال هناك الكثير من التحديات قبل نقل السيادة الى حكومة عراقية مؤقتة، اذ من المقرر ان تسلم القوات الاميركية عند ذلك مسؤولية حماية انابيب نقل النفط ومحطات الضخ الى وزارة النفط العراقية التي ستكون مسؤولة عن قوات شرطة يبلغ قوامها 14000 فرد تكون مسؤولة عن تأمين منشآت القطاع النفطي. ومن المقرر ان يتولى مسؤولون عراقيون ومستشارون اميركيون عقب نقل السيادة الى حكومة عراقية مؤقتة مهمة تحديث قطاع النفط العراقي الذي تعرض لأضرار كبيرة بفعل عدم الاستثمار فيه بواسطة الحكومة السابقة فضلا عن نهب ملايين الدولارات من مبيعات النفط خلال فترة العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق عقب حرب الخليج الثانية عام 1991. ويبدو ان التوتر السياسي الذي ظهر خلال الفترة السابقة وانعكس في تعثر التقدم باتجاه استعادة السيادة دفع مسؤولي التحالف الى تسليط الضوء على ما يعتبرونه انجازات للاحتلال. فقد قال الجنرال ريكاردو سانشيز الاسبوع الماضي ان الهجمات ضد جنود قوات التحالف قد تراجعت بمعدل النصف خلال الاشهر الثلاثة السابقة، رغم ازدياد الهجمات ضد العراقيين. فيما ظهر الحاكم المدني الاميركي للعراق، بول بريمر، في التلفزيون العراقي يوم الجمعة الماضي معلنا ان مستويات توليد الطاقة الكهربائية عادت الى ما كانت عليه قبل الحرب، كما توقع ان تتحسن الاوضاع في هذا الجانب مع بداية فصل الصيف. وكان كثير من العراقيين قد اعربوا عن غضبهم خلال شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي بسبب الانتظار لفترات طويلة في طوابير محطات الوقود للتزود بالجازولين في مختلف مدن العراق. وعزا مسؤولو سلطات التحالف تلك المشكلة الى نقص امدادات الكهرباء اللازمة لتشغيل مضخات النفط عبر الانابيب وتشغيل محطات الخدمة. ويؤكد اميركيون في سلطة التحالف المؤقتة ان الفضل في إعادة تشغيل قطاع النفط الى العراقيين انفسهم، وأوضح المسؤولون انه بعد عزل النخبة الفاسدة التي كانت مسؤولة عن قطاع النفط خلال فترة حكم صدام حسين بقي حوالي 35 الفا من الكوادر العراقية المدربة والمؤهلة للعمل في قطاع النفط. إلا ان التمويل الاميركي كان عاملا حاسما ايضا في إعادة تأهيل قطاع النفط العراقي، اذ انفقت الولايات المتحدة حتى الآن مليار دولار لهذا الغرض فضلا عن مليار دولار آخر على استيراد الجازولين وانواع وقود اخرى. وأوضح ماكي انه من المتوقع ان تنفق الولايات المتحدة مليار دولار اخر خلال هذا العام في مجال إعادة تأهيل القطاع النفطي وتحديث حقول النفط وتجديد مصافي النفط. تجدر الاشارة الى ان قطاع النفط كان في حالة توقف قبيل الغزو الاميركي، وهو ما ادى الى وقف الصادرات، كما ان الحكومة العراقية اصدرت تعليمات بوقف ضخ النفط عند بداية الحرب. وتعثرت المحاولات المبكرة لإعادة تشغيل قطاع النفط بفعل عمليات النهب والتخريب، بيد ان معدل الانتاج قد ازداد بنهاية يونيو (حزيران) الماضي خصوصا في حقول نفط الجنوب حول البصرة.

ويصدر العراق حاليا كمية تتراوح ما بين 1.7 و1.8 مليون برميل يوميا مقارنة بمعدل انتاج يقدر بـ2 الى 2.3 مليون برميل في اليوم خلال فترة ما قبل الحرب. ومن المتوقع ان يساعد إنشاء محطة نفطية في الجنوب على زيادة الصادرات اليومية. وفي الشمال عرقلت عمليات التصدير الهجمات التي استهدفت انابيب نقل النفط الى تركيا، إلا ان شركة نفط الشمال اجرت في الآونة الاخيرة تجربة على انبوب النفط ونقلت عبره ما يزيد على مليوني برميل الى تركيا.

وكان خبراء نفط عالميون قد اعتبروا في السابق قطاع النفط العراقي الافضل في العالم من ناحية المعدات والكفاءات العاملة فيه ومعظمهم من الكوادر التي تلقت تدريبا في الخارج. إلا ان كل ذلك تغير عقب استيلاء صدام حسين على السلطة عام 1979، اذ توقف الاستثمار الحكومي في قطاع النفط عقب اندلاع الحرب العراقية ـ الايرانية عام 1980 وما تبعها من إلحاق اضرار بالموانئ ومحطات ضخ النفط والناقلات، اذ لم تجر صيانة وإعادة تأهيل لغالبية الاضرار التي ألحقتها الحرب العراقية ـ الايرانية بقطاع النفط العراقي. واكتشف خبراء النفط الاميركيون لدى وصولهم ان قطاع النفط العراقي يعتمد على معدات وتكنولوجيا تعود الى عقد الستينات من القرن الماضي. وأشار خبير نفط اميركي الى ان أداء مصافي النفط العراقية يعتبر نموذجا للمشاكل التي يجب علاجها، وأضاف ان سعة هذه المصافي تسمح فقط بتكرير 50 في المائة من النفط الخام الى وقود وزيوت، فيما تستطيع مصافي الولايات المتحدة تكرير نسبة تتراوح بين 75 و80 في المائة من النفط الخام.

ويقول مسؤولون اميركيون ان إعادة تأهيل قطاع النفط العراقي الى مستوى معقول من الأداء ربما يستغرق فترة خمس سنوات على الاقل، كما اشار الى ان عملية التحديث الكامل لقطاع النفط في العراق تحتاج الى فترة تترواح بين 10 و15 عاما بتكلفة ربما تصل الى 30 مليار دولار.

من جهة أخرى أكد مسؤول في شركة نفط الشمال العراقية «ان فرق الاطفاء تمكنت من اخماد النيران التي اندلعت في انبوب نفط في الرياض على بعد 35 كلم من كركوك (شمال)».

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»