الفاسي الفهري: اتفاق التبادل الحر بين الرباط وواشنطن يختزل حلولا توافقية تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب

الوزير المغربي يؤكد أنه ليس هناك انفتاح كلي أو فوري أمام الواردات الأميركية من القمح الطري والصلب

TT

قال الطيب الفاسي الفهري، الوزير المغربي المنتدب في الخارجية والتعاون، وكبير المفاوضين المغاربة بشأن اتفاق التبادل الحر مع اميركا، ان الاتفاق المبرم مع واشنطن يختزل حلولا توافقية، وقواعد اقامة علاقات تفضيلية محكمة ومتلائمة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب.

ووصف الفاسي الفهري الجو الذي جرت فيه المفاوضات بأنه «جو التفاهم العام والارادة المشتركة لتجاوز الصعوبات التي اعترضت مسار المفاوضات». واعتبر الاتفاق بانه «اتفاق متميز»، وذو طبيعة خاصة مقارنة مع باقي الاتفاقيات المبرمة مع دول اخرى. واضاف الفاسي الفهري انه بالاضافة الى قطاعات الفلاحة والنسيج والصناعة والجمارك والاستثمارات، شمل الاتفاق ايضا قطاعات جديدة لم تكن موضع تفاوض في السابق على المستوى الثنائي مثل قطاع الخدمات والملكية العمومية. وقال الفاسي الفهري ان الاتفاق المبرم يفتح افاقا واسعة ومتعددة لتنمية المبادلات بين البلدين، والتي لا تتجاوز حاليا نسبة 0.05 % من المبادلات الاميركية، وجلب الاستثمارات الاميركية والاجنبية وخلق مناصب شغل جديدة، ويرفع من وتيرة صادرات المغرب ويسهم في مسلسل تحرير التجارة وتطوير المقاولات المغربية.

وذكر الفاسي الفهري ان الاتفاق الذي يتوقع أن يدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل بعد أن يعرض على البرلمان المغربي، ويجيزه الكونغرس الاميركي، اخذ بعين الاعتبار جميع التزامات المغرب مع شركائه بما فيهم الاتحاد الاوروبي، الذي تجمعه مع المغرب اتفاقية شراكة.

واستعرض الفاسي الفهري الخطوط العريضة لهذا الاتفاق. وقال بخصوص المجال الزراعي، ان الاتفاق سيفتح السوق المغربية امام المواد الحساسة مثل القمح بنوعيه الطري والصلب واللحم الاحمر والابيض، وبعض الخضروات والقطاني. وبالنسبة للقمح الطري، قال الفاسي الفهري، ان الاتفاق ينص على انفتاح تدريجي وتم تحديد سقف معين للواردات الاميركية من هذه المادة الى السوق المغربية، والتي سيتم تحديدها سنويا بناء على حاجيات المغرب من هذه المادة، والتي تحدد بناء على الانتاج المحلي سنويا، وذلك حفاظا على مداخيل المزارعين المغاربة.

وقال الفاسي الفهري ان هذا السقف تم تحديده في 280 الف طن سنويا كحد ادنى و700 الف طن كحد اقصى، مضيفا ان هذا السقف سيتم رفعه تدريجيا خلال 10 سنوات حتى يوازي ذلك المخصص للاتحاد الاوروبي والمحدد بما بين 400 الف طن ومليون طن سنويا. واكد الفاسي انه ليس هناك انفتاح كلي او فوري امام الواردات الاميركية من هذه المادة، ونفس الشيء ينطبق على القمح الصلب الذي حدد سقف وارداته من السوق الاميركية نحو المغرب في 250 الف طن، على ان يتم رفع الحواجز الجمركية امام هذه المادة تدريجيا خلال 10 سنوات، وبخصوص اللحم الاحمر، نص الاتفاق على تحديد نوع من اللحم الجيد الذي لا يشكل منافسة كبيرة بالنسبة للسوق الداخلية المغربية، وقال الفاسي ان الاتفاق حدد حصة اللحوم المستوردة في اربعة الاف طن، وتخصص للفنادق من فئة 4 و5 نجوم وللمطاعم المصنفة. اما اللحم الاحمر العادي فتم تحديد سقف وارداته الى السوق المغربية في الفي طن، بينما تم تحديد سقف الواردات الى السوق المغربية من اللحوم الاميركية البيضاء في 2550 طنا.

وبالمقابل ستفتح السوق الاميركية امام الكليمانتين (نوع من البرتقال المغربي) كما ستفتح امام 99 %من المنتوجات الصناعية المغربية من دون رسوم جمركية.

ويسمح الاتفاق ايضا بدخول 500 طن من الطماطم ومشتقاتها المغربية الى السوق الاميركية.

وبالنسبة لقطاع النسيج، قال الفاسي الفهري ان المفاوض المغربي استطاع الحصول على امتياز الاعفاء من عدم الالتزام ببعض المعايير الاميركية المفروضة في هذا القطاع وذلك لمدة 10سنوات، ينبغي ان تتطابق خلالها الصناعة المغربية في هذا المجال مع المعايير الاميركية.

وبخصوص قطاع الخدمات، قال الفاسي ان الاتفاق ينص صراحة على احترام القوانين المغربية سواء في قطاعات التأمين او البنوك، ونفس الشيء تم التوصل اليه في المجال المسموع والمرئي، اذ قال الفاسي الفهري ان المفاوض المغربي «حصل على ان كل ما يتم في هذا المجال سيتم في احترام تام مع المشروع الذي تبنته الحكومة المغربية».

وفي مجال صناعة الادوية والملكية الفكرية، قال الفاسي الفهري إن المفاوض المغربي استطاع الحفاظ على جميع مكتسبات المغرب في مجال قطاع الادوية على العموم وصناعة الادوية البديلة.

واضاف الفاسي الفهري أنه تم الاتفاق على أن يتم الاحتفاظ بجميع مكتسبات هذه الصناعة في وضعها الحالي مع امكانية تطويرها، موضحا أن المرونة التي كان مسموحا بها تم تمديدها الى بداية يناير( كانون الثاني) 2005، موضحا أن المغرب يمكن أن يستفيد من المرونة الضرورية لحماية الصحة العمومية. وأضاف الفاسي الفهري أن هذا الامر صحيح بالنسبة لداء السيدا أو داء السل أو أي وباء اخر يكتسي صفة الاستعجالية القصوى أو يتعلق بسلامة البلاد، مؤكدا أنه في مجال تنمية الصناعة البديلة بالمغرب «فان هذا الاتفاق سيسمح بتطويرها والحفاظ عليها في إطار الاحترام الدقيق للمعايير المحددة على مستوى المجتمع الدولي».

وذكر الفاسي الفهري أن المدة الزمنية لحماية أي دواء لا تتعدى 20 سنة، وأنه ابتداء من هذا التاريخ يمكن أن يقلد أو يستعمل أو يستغل من قبل المصنع المغربي.

وفي مجال حقوق الملكية الفكرية والانتاج النوعي، قال الفاسي الفهري إن على المغرب الامتثال بمعزل عن المفاوضات مع الولايات المتحدة للمقتضيات ذات الصلة بمنظمة التجارة العالمية كما تم قبولها بالاجماع من قبل المجتمع الدولي.

من جهة أخرى، قال بيان صادر عن قسم الشؤون العامة في سفارة اميركا بالرباط، تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه، ان اتفاقية التبادل الحر بين المغرب واميركا «هي جزء لا يتجزأ من رؤية الرئيس جورج بوش لخلق منطقة للتجارة الحرة بالشرق الاوسط المعروفة باسم MEFTA مطلع عام 2013.

واعتبر البيان ان الاتفاقية هي «اعتراف بالموقع الجغرافي للمغرب الذي يوجد في مفترق الطرق بين ثلاث قارات».

واوضح البيان ان الاتفاق هو الاول الذي يوقع مع بلد افريقي، وثاني مع بلد عربي (الاردن). وكشف البيان عن اول اجراء سيتم تطبيقه فور التوقيع النهائي على الاتفاق الصيف المقبل، ويتمثل في استفادة المنتوج المغربي الذي سيعفى من الضرائب بولوج الاسواق الاميركية النشيطة التي تمثل زهاء 300 مليون مستهلك يستوردون سنويا 1.5 تريليون دولار، كما سيتم اسقاط 98 % من الرسوم المفروضة على صادرات السلع المغربية ومنح قطاع النسيج «أعلى مستوى للامتياز التجاري» او حصص خاصة ستمكن المغاربة من التصدير الى واحد ونصف مرة.

وبالمقابل أكد البيان ان الاتفاق سيأخذ بعين الاعتبار الحاجة الى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في تحديد ولوج السوق المغربية للحوم والدواجن والحبوب، وبمقتضى الاتفاق سيقوم المصدرون الاميركيون بتزويد الفنادق والمطاعم الفخمة بلحوم عالية الجودة مما سيساعد المغرب على تحقيق الهدف السياحي لعام 2010 دون الاضرار باسواق اللحوم القروية.

واضاف البيان ان اميركا وافقت على تحديد ولوج اسواقها لفئة صغيرة لسوق الدواجن المغربية آخذة بعين الاعتبار «حساسية المنتجين القرويين من جهة والصناعة الفتية العصرية للدواجن المغربية من جهة اخرى».

واشار البيان الى انه استجابة لانشغالات المغرب المقنعة حول القضايا الثقافية كالصناعات السينمائية والموسيقية والتلفزيونية، فان الطرفين يلتزمان بمقتضيات الملكية الفكرية لجلب الاستثمارات وتهم نقل التكنولوجيا المتطورة والمهارات الفنية واحداث اخرى جديدة في عالم الشغل.

وخلص البيان الى ان الاتفاقية بصفة عامة ستمكن المغرب من جلب الكثير من الشركات الاميركية للبحث عن فرص الاستثمار في منطقة البحر الابيض المتوسط والشرق الاوسط وافريقيا وستمنحه ارضية مثالية للمستثمرين لانتاج مواد للتصدير نحو اميركا واوروبا والمغرب العربي وغرب افريقيا.