العضو المنتدب لمجموعة الاستثمار الصناعي في السعودية: منطقة الخليج تجتذب استثمارات أميركية وأوروبية في قطاع البتروكيماويات

سليمان المنديل لـ«الشرق الأوسط»: طرح أسهمنا للتداول لم يهدف إلى الحصول على أموال إضافية

TT

كشف سليمان بن محمد المنديل، العضو المنتدب للمجموعة السعودية للاستثمار الصناعي التي طرحت اسهمها للتداول في سوق الاسهم السعودية خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، ان دول الخليج تستقبل هجرة للاستثمارات في قطاع الصناعات البتروكيماوية كونها مصدرا للمواد الخام المضمونة باحتياطياتها وأسعارها، مشيرا إلى أن هذه الصناعة تمر بتحولات هيكلية كبيرة، فبعد ان كانت الولايات المتحدة وأوروبا مركز الثقل لهذه الصناعة، فإن توفر المواد الخام وتكاليف الإنتاج بشكل عام فرضا هجرة هذه الصناعة إلى مركزين أساسيين، أولهما السوق لتصنيع المنتجات النهائية، شمال شرق آسيا (الصين وكوريا وتايوان)، أو مصدر المواد الخام المضمونة، منطقة الخليج.

واضاف المنديل في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ان مجموعته التي تقيم مشروعاتها في مدينة الجبيل الصناعية شرق السعودية اختارت تمكين شركائها الاجانب من حصص عالية في الشركات التابعة لها تصل الى 50 في المائة، كون هذه الاستراتيجية أثبتت نجاحها في مشاريع سابك، وان وجود حجم استثمار أجنبي كبير في أي شركة يتبعه بالضرورة اهتمام كبير بالمشروع، بعكس الوضع عندما تكون حصة المستثمر الأجنبي صغيرة.

* يلاحظ ان ارباح المجموعة شهدت نموا كبيرا على مدى العامين الماضيين، وذلك تزامنا مع دخول مشروعها الاول في مراحل التشغيل المربح، ولكن الا ترون ان التذبذب الكبير في اسعار منتجات الشركة قد يلقي بظلال من الحذر على مستقبل الارباح، خصوصا في حال عدم تنوع المنتجات بسبب حداثة عهد المجموعة وعدم اكتمال خطتها التوسعية بعد؟

ـ صناعة البتروكيماويات تتميز بأنها تمر بدورات اقتصادية تتراوح بين 5 - 7 سنوات، وقد تزيد الدورة أو تقل حسب طبيعة المنتج. وفي حين أن صناعة البتروكيماويات بشكل عام تنمو بشكل مقارب لنسبة النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن الاستثمار في تلك الصناعة لا ينمو بشكل تدريجي، بل تتم استثمارات كبيرة في وقت واحد، ومتى ما دخلت تلك الطاقات إلى السوق تؤدي إلى انخفاض الأسعار، ومع استمرار النمو الاقتصادي العالمي، فإن الطلب يبدأ في التزايد تدريجيا، ومعه تتحسن الأسعار تدريجيا، إلى أن ترتفع الأسعار إلى الحد الذي يحفز المستثمرين على إيجاد طاقات إنتاج جديدة إضافية، وهكذا دواليك.

ولذلك فالتذبذب في هذه الصناعة معروف، وهو جزء من طبيعتها، وهذا يملي على المستثمرين أن يختاروا التوقيت الصحيح لدخول السوق، كما يتطلب من المستثمرين الصبر في ما لو طالت الدورة، وفي المقابل فإن الأرباح متى ما تحسنت الأسعار، فهي كبيرة ومجزية.

* دخل مشروعكم الاول « شركة شيفرون فيليبس السعودية» مرحلة التشغيل في عام 2000، وهو تاريخ حديث العهد نسبيا، ولكن نرى ان الشركة سارعت الى تنفيذ خطط توسعية من خلال الاتفاق مع شريكيها لتنفيذ مشروع جديد ضخم باسم «الجبيل شيفرون فيليبس» بكلفة 4.1 مليار ريال، بل وكشفت عن خطة لمشروع ثالث بقيمة 9 مليارات ريال، فما هو الهدف الذي يقف وراء تسارع خطط المجموعة التوسعية؟

ـ تسارع خطط الشركة التي أشرت لها في سؤالك، مرده أن صناعة البتروكيماويات تمر بتحولات هيكلية كبيرة، فبعد ان كانت الولايات المتحدة وأوروبا مركز الثقل لهذه الصناعة، الا ان توفر المواد الخام وتكاليف الإنتاج بشكل عام فرضا هجرة هذه الصناعة إلى مركزين أساسيين أولهما السوق لتصنيع المنتجات النهائية، شمال شرق آسيا (الصين، كوريا وتايوان)، أو مصدر المواد الخام المضمونة باحتياطياتها وأسعارها، منطقة الخليج، ولذلك وبقدر ما تتوفر المواد الخام من شركة أرامكو، فهي حافز للتفكير بالمزيد من المشروعات البتروكيماوية. شريطة توفر عوامل النجاح الأخرى، وهي التمويل والقدرة على التسويق وتوفر التقنية والبنية التحتية.

* الا ترون ان تسارع خطط التوسع قد يحمل مشروعات المجموعة الناجحة اعباء انفاقية كبيرة؟ وبشأن نجاح الشركة في الحصول على اتفاقيات تمويل مع صندوق الاستثمارات العامة وطلبات تمويل من البنوك التجارية، فكم تبلغ قيمة القروض المترتبة على المجموعة حتى الان؟

ـ أولا من بين مجموع التحديات التي تواجه أي مستثمر سعودي، وخصوصا الاستثمار في صناعة البتروكيماويات، مبالغ كبيرة للتمويل، وقضية التمويل أهونها في المملكة، وذلك عائد إلى عدة عوامل، منها توفر رأس المال الوطني الذي يبحث عن فرص استثمارية جيدة وتوفر تمويل حكومي ميسر ومشجع من صندوق التنمية الصناعية وصندوق الاستثمارات العامة، وكذلك فان الشركاء الأجانب مستعدون للمساهمة في رأس المال، وفي جذب تمويل أجنبي من البنوك العالمية، هذا بالإضافة إلى البنوك المحلية التي تحبذ التمويل الصناعي وتبحث عنه. وفي ما عدا رأس المال المقدم من المجموعة لكل مشروع، فإن باقي التمويل هو للمشاريع مباشرة، ولا يؤثر في ميزانية المجموعة ولا يرتب عليها أعباء إضافية.

* هل هناك خطة للتعاون مع شركة «سابك» التي تعد الشركة الاولى العاملة في قطاع الصناعات الاساسية في السعودية، خصوصا ان استثماراتكم هي في ذات القطاع؟

ـ هناك تعاون كبير بين جميع شركات البتروكيماويات في السعودية، وبالتأكيد مع الأخت الكبرى سابك، خصوصا إن نجاح صناعة البتروكيماويات في السعودية يكون على حساب منافسين آخرين في موقع آخر من العالم، وليس بين الشركات السعودية.

* ما هو الجديد بشأن دعوة المقاولين للمشاركة في منافسة تنفيذ مشروع «الجبيل شيفرون فيبليس»؟ ـ دعوة المقاولين لتنفيذ مشروع الجبيل شيفرون فيليبس تمت بين شركات عالمية، وتجري حاليا عملية التقييم النهائية للعروض، وستعلن النتيجة قريبا جدا.

* ما هي الخطوات التي تم اتخاذها بشأن دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع الثالث للمجموعة؟ وما هي الخطوط العريضة لهذا المشروع؟

ـ المشروع هو لإنتاج مشتقات الإيثلين، بالاعتماد على مواد الإيثان والبروبان التي توفرها شركة أرامكو، وكأي مشروع جديد فهو يمر بعدة مراحل من الدراسة الأولية، ثم دراسة الجدوى، ثم الدراسات الهندسية وصولا إلى مستوى التفاصيل، التي تفضي إلى طرح المشروع في منافسـة، ولكن بالنظر إلى حجم المشروع ومتطلباته، فإن الدراسات ستتطلب الكثير من الوقت والجهد.

* تعد الطريقة التي طرحت بها اسهم المجموعة في سوق الاسهم السعودية، غير معتادة فلم يتم الاكتتاب في نسبة من اسهم المجموعة لتتاح للعامة فرصا متساوية للحصول على حصة من الاسهم بسعر متساو، فما هو السبب وراء اللجوء لطريقة طرح الاسهم للبيع وفقا لقوى العرض والطلب؟

ـ عندما طرحت أسهم الشركة لم تكن هناك حاجة للحصول على أموال إضافية، وإنما كان القصد تحويل الشركة من شركة مساهمة (مغلقة)، إلى شركة مساهمة عـامة يجوز لمساهميها تداول أسهمهم من خلال نظام التداول، ولذلك لم تتم عملية تقييم للأسهم وإنما تركت لعوامل السوق أن تحدد السعر المناسب. وللتدليل على أن هذه الصناعة هي استثمار طويل الأجل، فإن مساهمي الشركة سددوا رأس المال الأصلي في عام 1995، ولم تبدأ الشركة في توزيع الأرباح حتى عام 2003.

* يلاحظ أن نسبة ملكية الشركاء الاجانب عالية في مشروعات المجموعة، فهل هناك مكاسب محددة يجنيها الاستثمار في صناعة البتروكيماويات من دخول شركاء عالميين كبار في تملك حصص مؤثرة جدا في مشروعات البتروكيماويات في السعودية؟

ـ بشكل عام قوة أي اقتصاد على جذب الاستثمار الأجنبي، شهادة ثقة في ذلك الاقتصاد، خصوصا أن أولئك المستثمرين مطلعون وواعون بحجم المخاطر، ولديهم الخيار للاستثمار في مختلف أصقاع العالم. أما حصول المستثمر الأجنبي على نسبة مساهمة كبيرة تبلغ 50 في المائة فقد سنت تلك السنة الناجحة شركة سابك وأثبتت نجاحها، لأن وجود حجم استثمار أجنبي كبير في أي شركة يتبعه بالضرورة اهتمام كبير بالمشروع ودعم لا محدود، يختلف عما يكون عليه الوضع عندما تكون نسبة الاستثمار أقل.

* هل تطلعونا على اهم التحديات التي ستواجه صناعة البتروكيماويات في السعودية؟

ـ هناك عدد من التحديات، أولا المنافسة، فبعد أن كانت السعودية هي اللاعب الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط، نجد الآن خططا كبيرة للتوسع في هذه الصناعة في جميع دول المنطقة، وخصوصا إيران. ثانيا القدرة على جذب مستثمرين أجانب، وإذا أخذ في الاعتبار أن اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة لا يتجاوزون عشرين شركة عالمية، ولديهم خيارات عديدة في مختلف مناطق العالم، فإن القدرة على جذبهم تصبح تحديا كبيرا، وتتطلب من القطاع الخاص والحكومة أن تبقى متنبهة إلى ما تقوم به الدول الأخرى من حوافز لجذب هذه الصناعات إليها. أما التحدي الثالث فهو الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، فهناك انطباع خاطئ عند البعض هو أن الانضمام إلى هذه المنظمة يتطلب منا أن نتخلى تلقائيا عن المزايا التي نقدمها لاقتصادنا المحلي سواء كان ذلك لقطاع صناعة البتروكيماويات أو غيره من القطاعات. وأعتقد أنه بدأ يتضح جليا للجميع، بعد فشل محادثات كانكون، بسبب إصرار الدول الصناعية على الإبقاء على دعمها للقطاع الزراعي وغيره، أن من المهم أن نتعرف على (اللعبة) أو التخريجة التي تضمن بموجبها كل دولة حماية اقتصادها وإبقاء قدرته التنافسية، وفي نفس الوقت تكون عضوا في المنظمة.