وزير الاتصالات المصري: الصينــــيون مقبلون لا محالة على غزو سوق تقنية المعلـومــات والاتصالات في أفريقيا والعالم..

أحمد نظيف لـ«الشرق الأوسط» : 32 ألــف متر مربع حجم المساحة المتاحة للشركات في القرية الذكيــة بـزيادة 8 أضعاف خلال عام واحد

TT

قال د. أحمد نظيف وزير الاتصالات والمعلومات المصري ان صادرات بلاده من البرمجيات ستصل الى 500 مليون دولار عام 2007، مقارنة بنحو 150 مليون دولار العام الماضي.

وقال ان الصينيين مقبلون لا محالة على غزو سوق تقنية المعلومات والاتصالات بافريقيا والعالم، وأن مشاركة ايران بمعرض ومؤتمر «تليكوم افريقيا 2004» تعد فرصة جيدة لمعرفة امكانياتهم الفنية وكيفية الاستفادة منها، وأكد في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» ان مبادرة كومبيوتر جوال لكل متخصص، التي طرحت حديثا بمصر تفتقد قوام النجاح، وان عدد مستخدمي الهواتف الثابتة في مصر ارتفع الى 9.2 مليون مشترك وان خطط الوزارة ستركز على الريف وهناك تخفيضات جديدة لتركيب الهواتف الثابتة.

ورفض فكرة استقلال جهاز تنظيم الاتصالات عن الوزارة، كما أشار الى ان مساحة القرية الذكية تضاعفت 8 مرات.

*في البداية ما هو تقييمكم لمعرض تليكوم افريقيا؟ وهل حقق الهدف المرجو منه؟

ـ المعرض والملتقى نجحا نجاحا كبيرا سواء من حيث المشاركة من الجهات العارضة أو المشاركين أو الاقبال على حضور المناقشات ومستوى الجلسات.

وقد تمثلت المشاركة في ثلاثة أنواع الأول شركات عالمية حضرت لعرض التقنية المتقدمة وهذا مفيد لكل من يعمل في هذا المجال للتعرف على الجديد من التقنيات، والثاني مشاركة دول افريقية تعد اسواقا مفتوحة، وبالتالي تعرض تجاربها واحتياجاتها من تقنية المعلومات والاتصالات، أما المشاركة الثالثة فهي الشركات المصرية، وأنا فخور جدا بها لأنهاحضرت المعرض باجنحة على قدم المساواة مع أجنحة الشركات العالمية، لذلك فإن الميزة من المعرض هي عرض التجربة المصرية والامكانيات والموارد المصرية لاخواننا في افريقيا والشركات العالمية، فافريقيا سوق مفتوح ومن الممكن للشركات المصرية العمل فيه وهذا بدأ يحدث بالفعل،فهناك تصدير لاجهزة ومعدات وسنترالات لاثيوبيا والسودان وغيرها، وكذلك تصدير خدمات الهاتف الجوال والبرمجيات، أما الشركات العالمية فتستخدم الشركات المصرية كذراع لها بالمنطقة لترويج خدماتها ومنتجاتها والعائد من المعرض كبير جدا على الصناعة المصرية.

*بماذا تفسر الحضور الصيني الواسع في المعرض؟وهل يمكن القول إن الصينيين مقبلون على غزو سوق تقنية المعلومات الافريقي؟

ـ بلا شك، الصينيون مقبلون لا محالة وهذه ظاهرة عالمية رأيناها في جنيف ومعرض سيبت بالمانيا، فالشركات الصينية تميزت بالجودة العالمية على عكس ما كان يقال قديما عن المنتج الصيني.

وقد بدأنا التعاون مع الشركات الصينية منذ فترة، وقدوم الشركات الصينية لا يمثل خطرا على الشركات المصرية، ولكن الأفضل ان نستفيد منها بقدر الامكان في شكل مشاركة وهذا حدث فعلا، فالشركتان الكبيرتان في مجال الاتصالات بالصين هما «زي تي اي» و«هواوي» شاركتا بالمعرض، ولديهما مشاركة وتصنيع في مصر. فاحداهما تصنع مع شركة المعدات الهاتفية بالسادس من اكتوبر والثانية تصنع مع الهيئة العربية للتصنيع، ونحن نستفيد من وجودهم وتحول ذلك الى ميزة بالنسبة لنا، والأكثر من هذا ان احدى الشركتين التي تصنع في السادس من اكتوبر حصلت على عقد لتوريد معدات هواتف للعراق بنحو 6 ملايين يورو، وهذا انجاز لأن القيمة المضافة لمصر في هذا المبلغ كبيرة، لذلك نحن نرحب بالتعاون مع الصين خصوصا ان العلاقات السياسية على أعلى مستوى وهناك ترحيب كبير على وجود تعاون ايجابي للطرفين.

* ايران شاركت في المعرض بجناح رسمي كبير ومسؤولوها أكدوا استعدادهم للتعاون مع مصر في مجال تقنية المعلومات، فهل حدثت مناقشات معهم؟

ـ بلا شك لاحظنا في الفترة الأخيرة عملية اقتراب من الجانب الايراني على مستوى القطاع الفني، نتمنى ان تنصلح الأمور السياسية بما يسمح بهذا التعاون، فايران تشهد تقدما علميا، وهي سوق ضخم، ومن الممكن الاستفادة منها، ومشاركتها خطوة ايجابية وتتيح التعرف على امكانياتها الفنية وما لديها من خبرات وكيفية الاستفادة منها. وأتمنى أن تتحسن العلاقات ويترجم ذلك الى مشروعات مشتركة ذات فائدة للطرفين.

* المعرض شهد اطلاق مبادرات ومشروعات عديدة. فهل هناك مبادرات جديدة في الطريق بعد الإنترنت فائق السرعة؟

ـ جهات عديدة كان لديها مبادرات ومشروعات وانتظرت «افريقيا تليكوم» لاطلاقها، والشركة المصرية للاتصالات ستطور الخدمات الموجودة في مركز خدمة العملاء وستطرح خدمات جديدة، حيث سيتم اعطاء رقم سري لكل مشترك، بحيث يمكنه الدخول بهاتفه ويحقق معظم ما يحتاجه من خدمات من دون الذهاب للسنترال، فالمبادرات مستمرة والتطوير في المبادرات القائمة مستمر أيضا والجديد أننا نعمل على التوسع في الريف وسنعلن قريبا، عن تخفيضات جديدة لمشتركي الريف حتى يستطيعوا ادخال الخدمة الهاتفية التي أصبحت متاحة لكثير من المواطنين.

* هل تم الضغط على الشركات للمشاركة في المعرض لانجاحه؟

ـ لا.. فالوزارة حصلت على مساحة 2000 متر مربع لحسابها وأعطت الفرصة للشركات في ان تشارك في هذه المساحة باسعار مخفضة ولو انهم اشتركوا من خلال الاتحاد الدولي للاتصالات لدفعوا مبالغ أكبر، وهناك جانب تنموي واخر اقتصادي للمعرض، حيث قامت الوزارة بدعوة عملاء الشركات المشاركة لحضور المعرض والتعرف على التقنيات والتجارب الجديدة، والوزارة نشرت اعلانا لدعوة طلبة الجامعات والمدارس لحضور المعرض لزيادة الوعي العام، كل ذلك سينعكس على الشركات، وأقول احيانا الشركات تكون قصيرة النظر في بعض الاشياء، لكن عندما ننظر للبعد العام فإن المعرض له أثر ايجابي على السوق وعلى تنوعه وتوسعه، وهذا سيفيد الشركات في النهاية، فهناك شركات ليست لديها القدرات الذاتية للترويج عن منتوجاتها بالدرجة الكافية، لذلك يجب ان نعالج هذا ونحن كوزارة مستعدين دائما لمساعدة الشركات لزيادة قدراتها التسويقية، فقمنا بعمل دليل يشمل الشركات المتخصصة في تقنية المعلومات والاتصالات على نفقة الوزارة، ونفكرحاليا في برنامج تدريبي عن التسويق للشركات، فليس من المنطقي أن توجد شركات ولا تعرف كيفية الترويج والتسويق لمنتجاتها، ورغم ذلك فهناك تقدم في هذا المجال، حيث وضع في بعض الزيارات لالمانيا وانجلترا وجود شباب مصري يروج جيدا لمنتجات بلاده وعملية التعلم مستمرة.

* نجحت في مصر تجربة كومبيوتر لكل بيت ولكن لم يحالف هذا النجاح مبادرة كومبيوتر جوال لكل متخصص فلماذا؟

ـ في أول يوم تم عرض هذه المبادرة أمامي. قلت رأيي بصراحة، وهو ان هذه المبادرة تفتقد قوام النجاح لأن الحاسب الجوال غالي الثمن وعادة زبونه قادرعلى شرائه من دون مبادرة، فالمبادرة لا تضيف كثيرا، فحاسب لكل بيت معظم الأسر في حاجة له، والتقسيط كان مناسبا، لكن الكومبيوتر الجوال تحتاجه الشركات أو القادرون من الأفراد، وشروط التقسيط فيه أصعب لأن المبلغ أكبر بكثير من سعر الجهاز العادي، لذلك كانت شروط التقسيط قاسية، وأقول ان المبادرة جاءت مبكرة عن موعدها، ومن الممكن ان تنجح لو تكررت بعد سنة أو سنتين.

*لا تزال هناك شكاوى من فواتير الهاتفات الثابتة ويقال ان هناك اعدادا كبيرة انسحبت من الخدمة، فما تعليقكم؟

ـ الأرقام لا تقول ذلك، فمشتركو الهواتف الثابتة في زيادة مستمرة ووصلنا الى 9.2 مليون مشترك. ورغم امكانيات الجوال الا انه لا غنى عن الهاتف الثابت لأنه يمتلك ميزة غير متوافرة في الجوال وهي الدخول على الإنترنت، أما الشكوى من الفواتير فأقول ان الفاتورة لا تمثل ما كانت تمثله قبل 5 سنوات، أصبح بها إنترنت، جوال، نداء آلي، وغيرها من الخدمات التي لم تكن موجودة من قبل، لذلك فقد زادت الفاتورة، وهذه ظاهرة عالمية. فنسبة الانفاق من دخل الأسرة على الاتصالات زادت عالميا ووصلت في بعض الدول الى ما بين 7. 8 في المائة من الدخل، أما في مصر فقد كانت 1.5 في المائة وارتفعت الى 3 في المائة وأتوقع انها ستزيد ولكن بعائد فيجب النظر لاطارها الأكبر والخدمات المقدمة.

* جلسات المؤتمر أكدت على نمو سوق الجوال بمصر وافريقيا خلال السنوات المقبلة فهل تشعر الوزارة بالندم على الغاء الشبكة الثالثة للجوال؟

ـ في تقديري ان دخول شبكة ثالثة كان سيؤدي الى تنافس قد يضر بمستوى الخدمة، وعند الدخول في منافسة ستقلل الشركات الانفاق، خاصة ان شبكات الجوال لابد من الانفاق عليها استثماريا طالما زاد عدد المشتركين على عكس الهاتف الثابت، ونحن نراقب عدد وحدات الاتصال التي تقوم الشركات بتركيبها. اذن وهناك استثمار مستمر منهم، والشركة الثالثة ستكون مطالبة بتقديم نفس مستوى الخدمات والاستثمار الذي وضعوه بما يعني انها ستنفق 6 مليارات جنيه، اذن كيف يتم استرجاع هذا المبلغ، وستدخل المسألة في ضعف مستوى الخدمة، وكنت شأشعر بالقلق لو كان هناك شركة واحدة بالسوق، لذلك فقرارنا بعدم انشاء شركة ثالثة هو قرار اقتصادي بحت، واذا أحسسنا في أي وقت ان هناك ميزة اقتصادية للبلد من انشاء شبكة ثالثة سنوافق عليها. * لماذا لا يتم استقلال جهاز تنظيم الاتصالات عن الوزارة بصفته جهة محايدة؟

ـ من الممكن ان يحدث ذلك لكن الوضع الحالي غير كاف في المرحلة الحالية لأننا مازلنا في مرحلة وضع السياسات وتطبيقها فالوزارة هي التي تضع السياسات والجهاز هو الذي ينفذها، فوجود الربط بينهما مهم جدا، وهذا ما حدث في كثير من دول العالم، فجنوب افريقيا لديها جهاز مستقل عن الوزارة وعندما التقيت وزيرة الاتصالات بجنوب افريقيا. أول ما قالته لي هو أنكم عملتهم الصواب في عدم استقلال الجهاز عن الوزارة. وأكدت انها غير قادرة على تحقيق ما تحقق من تقدم في قطاع الاتصالات، فجنوب افريقيا كانت متقدمة كثيرا عن مصر واليوم هي تقول إننا سبقناها نتيجة استغلال الجهاز هناك وعدم القدرة على الانفاق على السياسات وكيفية تنفيذها، وأؤكد ان في هذه المرحلة التدرج كان مهما، فعندما يصل السوق لدرجة النضج الكامل يمكن اتخاذ هذا الاجراء وأقول انه لا توجد استقلالية كاملة لهذا الجهاز في أي من دول العالم.

* ما الجديد في القرية الذكية وكم عدد الشركات فيها حتى الان؟

ـ عندما افتتحنا القرية الذكية في سبتمبر(أيلول) الماضي كانت المساحة المتاحة للشركات 4 آلاف متر مربع وفي سبتمبر المقبل ستصل المساحة المتاحة الى 32 ألف متر مربع اي بزيادة 8 أضعاف، وجميعها مؤجرة بالفعل وبنهاية هذا العام سيصل عدد العاملين بالقرية الى 6 آلاف شخص ومع اكتمال طاقتها الاجمالية سيصل عدد العاملين الى 30 ألف شخص، فهي تنمو بشكل مستمر، واتجهنا في الوزارة حاليا لمساعدة الشركات الصغيرة المتوسطة، وانشأنا مبنى على نفقة الوزارة للشركات المتوسطة والصغيرة وسيتم تأجيره لهم باسعار أقل من السعر الذي تعطيه شركة القرية الذكية على اعتبار ان الحكومة ليس هدفها الربح، ولكن شركة القرية الذكية هدفها أن تربح حتى تتمكن من صيانة القرية وتوسعة انشطتها.

*هل تطلب الشركات بعض التنازلات من الوزارة للانتقال للقرية؟

ـ الشركات تفاوض لتخفيض الاسعار، وهنا لا يمكن مقارنة مقر بالقرية الذكية بشقة في وسط البلد، فنحن نتكلم عن بنية تحتية مختلفة تماما تتوافر فيها أحدث الاتصالات والتقنيات، ونحن نشجع الشركات على الانتقال للقرية لأنه من الضروري الاستثمار في الشكل العام للشركات فالحضور بالقرية سيتيح فرصا للشركات وأنا متفائل بانتقال الكثير من الشركات للقرية.

* بعض الشركات العالمية تشكو من عدم قدرتها على تحويل ارباحها من الجنيه الى الدولار لتحويلها للشركة الأم؟

ـ أقول للشركات التي تأتي لبيع أجهزة ومنتجات وتحصل أموالها وتنصرف لا نريدها في مصر، ففي مجالنا بقطاع تقنية المعلومات والاتصالات هناك اتفاق مع كثير من هذه الشركات والشركات التي تشكو نقول لها انها لم تنفذ المطلوب منها، لأننا نطالبها بحجم ما تدخله للبلاد مقارنة بحجم ما تأخذه، وليس عندنا شيء اسمه بيع أجهزة وانصرف واريد أن أحول أموالي للخارج، تريد الشركات التي تأتي هنا تصدر من مصر وتبيع للسوق المصرية وعندما تصدر تأخذ العملة الصعبة، والعديد من الشركات قامت بذلك فمثلا «أى بي إم» تصدر من مصر بحوالي 17 مليون دولار، و«الكاتيل» تستعين بكوادر مصرية في تركيب شبكاتها، من افغانستان، حتى الجزائر، هذا هو التوازن الذي نريد الوصول اليه، واعترف أننا لم نصل لمرحلة التوازن الكامل، وهذا هدف سنصل اليه خلال سنوات قليلة جدا.

* ما حجم صادرات مصر من البرمجيات؟

ـ في عام 2003 بلغت صادرات مصر من البرمجيات والخدمات150 مليون دولار ومتوقع ان تصل الى 500 مليون دولار بحلول عام 2007.

* متى سنرى تطبيقات كاملة للحكومة الإلكترونية بنسبة 100 % في مصر؟

ـ رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد أعلن بوضوح امام المؤتمر ان هدفنا أن نصل بالحكومة الإلكترونية لجميع الخدمات الحكومية بحلول عام 2007، ونحن نعمل على ذلك وهناك اضافة جديدة تتم شهريا، وهناك تنافس بين الوزارات المصرية وتعاون ايضا لادخال الحكومة الإلكترونية وبدأت هذه الخدمات بتجديد رخص السيارات عبر الإنترنت بادارة مرور الجيرة.

* ماذا عن التعاون العربي ـ العربي في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات؟

ـ التنسيق والتعاون العربي مهم جدا في هذه المرحلة وهناك تنسيق عربي على مستوى وزراء الاتصالات العرب، وهناك استراتيجية موحدة في هذا المجال نسعى الى ترجمتها وتحقيقها، ولابد من تشجيع رجال الاعمال للتعاون مع بعضهم البعض، لأن التعاون العربي سيتم بالدرجة الأكبر من خلال رجال الاعمال، وهناك شركات مصرية بدأت تعمل في البلاد العربية مثل راية القابضة واوراسكوم تليكوم وغيرها وهذا هو مفتاح التعاون.

* ماذا عن السوق العراقي وخطط الوزارة تجاهه؟

ـ بدأنا بتصدير سنترالات ومعدات هاتفية، كما تقوم «اوراسكو» بتشغيل شبكة جوال هناك. ومن ناحيتنا هناك ترقب لهذا السوق، فشركاتنا فتحت فروعا لها وبعضها بالكويت، واتصور ان هناك تعاونا سيتم، حيث ان وزير الاتصالات العراقي اطلع خلال زيارته قبل شهرين لمصرعلى التجارب المصرية وابدى اعجابه الشديد بها، وطلب أن يكون هناك تعاون. ومع استقرار الأوضاع ستكون للشركات المصرية فرصة للعمل في العراق.

كلام الصورة : أحمد نظيف