مصير وزير النفط العراقي غامض مع تصاعد مشاكله

TT

بغداد ـ رويترز : يواجه وزير النفط العراقي ابراهيم بحر العلوم أصعب اختبار منذ توليه منصبه قبل ثمانية اشهر فيما تصاعدت مشاكل الانتاج ويصارع مساندوه في مجلس الحكم من اجل مستقبلهم السياسي. وتقول مصادر الصناعة ان الوزير ربما لن ينضم الى الحكومة المؤقتة الجديدة التي من المقرر ان تستعيد السيادة من سلطات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة في الثلاثين من يونيو (حزيران) رغم تراجع التكهنات بان الحاكم الاميركي للعراق بول بريمر ربما يجد بديلا له. وأدت هجمات المقاومة الهادفة الى عرقلة انتاج النفط الى جانب نقص التمويل خطط زيادة الصادرات الى مليوني برميل يوميا بحلول شهر مارس (اذار) وتبلغ حاليا 1.8 مليون برميل يوميا على اقصى تقدير. ويوم السبت الماضي فجر مخربون خط انابيب جنوبيا يغذي مرفأ البصرة بعد اسبوعين فقط من احباط القوات التي تقودها الولايات المتحدة هجمات انتحارية بالقوارب على ناقلات بالمرفأ مما اثار المزيد من الشكوك بشأن قدرة العراق على المحافظة على امدادات النفط للاسواق العالمية. والنفط المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه العراق للحصول على نقد اجنبي وتعزز زيادة الصادرات مصداقية الحكومة المؤقتة المقبلة. ومن المقرر ان تجري الحكومة المؤقتة انتخابات في يناير (كانون الثاني). ولكن حتى ان ارتفع انتاج النفط بعد شهور من الثبات فان التأييد السياسي لبحر العلوم ربما ينخفض على اي حال. ويجيء الدعم السياسي للوزير من احمد الجلبي المعارض البارز السابق الذي قدم اقوى الحجج للولايات المتحدة «لتحرير» العراق ومن والده محمد بحر العلوم وهو من أكثر رجال الدين الشيعة احتراما في العراق. ويقول احد معاونيه «ينبغي ان يظل الدكتور بحر العلوم وزيرا لجدارته. انه أول من تخصص في مجال النفط. اقترب الانتاج من مستويات ما قبل الحرب في ظل ادارته». غير ان الجلبي الذي كان ينظر اليه من قبل على انه لاغنى عنه في خطط واشنطن لعراق ما بعد الحرب لم يعد كذلك الان. وتحولت الولايات المتحدة الى مبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي لتشكيل حكومة مؤقتة تستعيد سلطات لم تحدد بعد من الولايات المتحدة. فاذا تحقق ما يريده الابراهيمي سيخرج الجلبي وانصاره من الحكومة المقبلة رغم انه من اكبر المدافعين عن المصالح الاميركية. وفي الشهر الماضي صرح الجلبي لرويترز بان السياسة الاميركية تجاه نفط العراق تتسم بحكمة شديدة لانها لم تشأ ان تلتزم بعقود طويلة الاجل بينما الاحتلال لا يزال قائما. وتابع انه يرى شخصيا ان يكون للشركات الاميركية والبريطانية حق الرفض الاول لعقود تطوير حقول النفط لان بريطانيا والولايات المتحدة ساعدتا العراق على التحرر من صدام حسين. غير ان بحر العلوم كان أكثر حذرا وقال ان تحديد الشركات الاجنبية التي توجه اليها الدعوة لتطوير ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم يجب ان يستند الى الكفاءة والمصالح الوطنية. ويقول مساندو الوزير انه سيبقى لفترة طويلة. وعمل بحر العلوم على تشديد قبضته على الوزارة بتعيين منفيين سابقين وترقية من خدموا ابان حكم صدام لمناصب ارفع.

وتقول مصادر مجلس الحكم ان خلفية بحر العلوم التقنية اذ انه حاصل على درجة دكتوراه في هندسة البترول تجعل من الصعب تنحيته. ولكن حتى ان احتفظ بحر العلوم بمنصبه في حكومة انتقالية فان من غير المؤكد انه سيتمكن من التخلص من سيطرة الولايات المتحدة على قطاع النفط. من المقرر ان تبقي ايرادات النفط العراقي في حساب مصرفي في نيويورك تحت سيطرة الولايات المتحدة. كما تشرف القوات الاميركية على حماية البنية الاساسية وقطاع النفط. وستصبح السفارة الاميركية في بغداد اكبر سفارات واشنطن في دول العالم. ويقول احد المطلعين على الوضع بالعراق «نفط الخام في قبضة الولايات المتحدة. يتمتع من يسمون بمستشارين اميركيين بنفوذ كبير وبصفة خاصة جاري فوجلر». وفوجلر هو نائب كبير مستشاري النفط في سلطة الائتلاف المؤقتة. وسوف يتعرض وزير النفط في الحكومة الانتقالية لضغوط من الحكومة لزيادة الانتاج حتى يتضح لسكان العراق البالغ تعدادهم 26 مليون نسمة ان ثروة النفط يمكن ان ترفع مستويات المعيشة بعد 13 عاما من العقوبات الاقتصادية. وكان النفط مفتاح السلطة في العراق منذ تشكيله من بين أنقاض الامبراطورية العثمانية في العشرينات. ولم ينس حكام العراق المقبلون هذا الدرس. فقد سبق ان سئل الزعيم الكردي جلال الطالباني عندما كان منفيا سياسيا اذا كان يفضل العودة للعراق كحاكم لكردستان او وزيرا للنفط كان الجواب وزيرا للنفط بالطبع.