ابدت الأوساط الاقتصادية في مصر ارتياحا لاختيار الدكتور احمد نظيف لتشكيل الحكومة الجديدة، وإن كان رجال أعمال وخبراء اقتصاديون اعربوا عن تخوفهم من استمرار السياسات الاقتصادية التي كانت تنتهجها الحكومة السابقة، وأدت الى وصول الدين العام الى حدود غير مسبوقة، وازدياد العجز في الموازنة العامة للدولة، واستمرار حالة الركود الاقتصادي.
من جهته، قال نائب رئيس شعبة المستثمرين في اتحاد الغرف التجارية عادل العزبي لـ«الشرق الاوسط» إن العبرة ليست بتغيير الاشخاص، ولكن بتغيير السياسات مطالباً الحكومة بانتهاج طريق جديد، وسياسات اقتصادية مختلفة والعمل على استرداد القدرة التنافسية للاقتصاد المصري بمختلف قطاعاته، لافتاً إلى ان دولاً كثيرة سبقتنا بخطوات على طريق التطور الاقتصادي; منها الأردن وتونس والمغرب ومالطا، وهو ما انعكس على صادرات هذه الدول التي تعد منافساً قوياً للمنتجات المصرية في الاسواق العربية والاوروبية.
ودعا العزبي الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء المكلف بـ«التدقيق في اختيار اعضاء حكومته»، مشيرا الى ان هذه الحكومة أمامها مهمة ثقيلة، حيث ستقود مصر مع بدء تفعيل اتفاقية التجارة الحرة مطلع العام المقبل 2005، مما يستدعي مطالبتها بضرورة تهيئة اقتصاد البلاد لهذه النقلة التي قد يترتب عليها آثار ضارة اذا لم تتم بالشكل المطلوب.
وطالب نائب رئيس شعبة المستثمرين الحكومة الجديدة بالعمل على تخفيض تكلفة الانتاج في مصر عن طريق الحد من الضرائب والرسوم المفروضة على القطاع الصناعي لرفع القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الاسواق العالمية، كما دعا الحكومة للعمل من اجل القضاء على الروتين والبيروقراطية التي تحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية.
من جانبه، طالب رئيس جمعية المستثمرين بمدينة العاشر من رمضان الصناعية د. محمود سليمان الحكومة الجديدة بالاقتداء بتجارب الدول التي تتشابه ظروفها الاقتصادية مع مصر وتمكنت من احداث معدلات نمو اقتصادي كبير مثل الهند. وقال سليمان الذي كان يتحدث في مؤتمر «نحو تقنية متقدمة لمواجهة تحديات المستقبل» إن الحكومة الجديدة مطالبة بدمج مصر في النظام الاقتصادي العالمي الجديد ومواكبة التطورات التقنية».
واعلن رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع اليساري المعارض د. جودة عبد الخالق عن عدم تفاؤله بقدرة الحكومة الجديدة على إحداث أي اصلاح في الاوضاع الاقتصادية المتدهورة للبلاد.
وقال: «لا انتظر جديدا من هذه الحكومة لأنها لا تمتلك من امر نفسها شيئا». واضاف ان نفس السياسات التي أدخلت البلاد في أزمة اقتصادية خانقة سوف تستمر لانه لن يحدث تغيير طالما ظلت الامور تدار بالشكل الحالي.
واعرب عبد الخالق عن دهشته من مبررات اختيار نظيف لتشكيل الحكومة الجديدة وهي ـ حسب خطاب التكليف ـ نقل مصر الى عصر المعلومات والتقنية، قائلا «ان اكثر من 50% من المصريين تحت خط الفقر وجزء كبير منهم لا يجدون قوت يومهم، كما ان معدلات البطالة في تزايد مستمر». واضاف تعليقا على خطاب التكليف ان الاوضاع الاقتصادية في حاجة الى اصلاح جذري، وليس صحيحا ان الحكومات السابقة انتهت من عملية الاصلاح الاقتصادي، وان البلاد اصبحت مهيأة نحو الانطلاق لتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
ورفض عبد الخالق التعليق على شخصية أو افكار وتوجهات د. نظيف واكتفى بالقول انه زميل سابق بهيئة التدريس بجامعة القاهرة، وان كنت لم اسمع عنه قبل توليه المنصب الوزاري، منوها بان نظيف يفتقد الخلفية السياسية حيث لم نسمع انه انخرط يوما في اي نشاط سياسي قبل توليه منصبه الوزاري، مما يعني استمرار نهج اختيار رئيس الوزراء من الفنيين أو الاكاديميين غير المسيسين، وهو ما يفقدهم الحس الاجتماعي والشعبي في قراراتهم.
وتوقع رئيس قسم البحوث في شركة «ديناميك سيكورتيز» للسمسرة في الاوراق المالية خالد الطيب حدوث موجة انتعاش في البورصة المصرية ابتداء من جلسة اليوم، وقال ان هذه الموجة سوف تستمر لفترة من الوقت. وارجع الطيب موجة التفاؤل المتوقعة الى ان تغيير الحكومة السابقة كان مطلبا لكل المتعاملين في البورصة بعد ان فشلت في الخروج بالبلاد من حالة الركود الاقتصادي المزمن. ودعا الحكومة الجديدة الى استكمال البنية التشريعية لسوق الاوراق المالية، مطالبا بتفعيل نشاط التمويل العقاري وتنشيط سوق السندات وسرعة إصدار قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار.