أسعار النفط تواصل ارتفاعها لمستويات قياسية والخام الأميركي يتجاوز 44 دولار

تصريحات رئيس «أوبك» بعدم توفر نفط إضافي للأسواق ومشاكل يوكوس يثيران مخاوف الأسواق من نقص في الإمدادات

TT

ارتفع مزيج برنت في بورصة البترول الدولية بلندن والخام الأميركي الخفيف في بورصة نايمكس الى مستويات جديدة أمس بعد تصريحات لرئيس اوبك بورنومو يوسجيانتورو من ان المنظمة ليس لديها نفط اضافي لطرحه على الفور في الاسواق. وارتفع خام برنت في عقود سبتمبر (ايلول) المقبل 33 سنتا الى 40.30 دولار للبرميل مسجلا أعلى مستوى منذ ذروته التاريخية عند 40.95 دولار التي بلغها في اكتوبر (تشرين الاول) عام 1990 قبل نشوب حرب الخليج. وكان حجم التعامل في المعاملات الإلكترونية قبل بدء الجلسة الرسمية هزيلا وبلغ 20 شحنة. وبلغ الخام الأميركي الخفيف أعلى مستوى في 21 عاما عند 44.24 دولار للبرميل قبل ان يتراجع قليلا ليصل الى 44.17 دولار للبرميل بارتفاع 35 سنتا. وتسارعت وتيرة ارتفاع أسعار النفط بعد أن قالت اوبك انه ليس بامكان المنظمة عمل الكثير لتهدئة سوق النفط الملتهبة في الوقت الحالي. وارتفع السولار في عقود اغسطس (اب) المقبل في بورصة البترول الدولية 50 سنتا الى 372.75 دولار للطن. وزاد البنزين الأميركي الخالي من الرصاص تسليم سبتمبر 0.68 سنت ليصل الى 1.2930 دولار للجالون.

وقال بورنومو امس « ان سعر النفط مرتفع جدا. انه أمر جنوني. ولكن لا يوجد نفط اضافي». وأضاف مشيرا الى وزير البترول السعودي «الوزير النعيمي قال ان السعودية يمكنها زيادة الانتاج لكنهم لا يستطيعون ان يفعلوا ذلك على الفور». واضاف ان المخاوف من اعتداءات ارهابية والصعوبات التي تواجهها الشركة النفطية الروسية العملاقة «يوكوس» تؤثر على الاسواق ايضا. وتابع ان اوبك ستجتمع في سبتمبر لمناقشة وضع السوق. وقال الرئيس الحالي للمنظمة النفطية «ما زالت هناك فرصة لخفض الاسعار لكنها ستكون مرتبطة بالعرض والطلب».

وقال سمسار في لندن معلقا على تصريحات بورنومو «كل هذا يزيد الضغط. لديهم مشكلة لا يمكن حلها بشكل فوري». وفاقمت مخاوف عدم وجود طاقة فائضة لدى أوبك من القلق من تعثر الامدادات من الشرق الاوسط ومن روسيا حيث يتهدد شبح الافلاس يوكوس أكبر شركة نفط روسية.

من جهة أخرى نفى متحدث باسم وزارة النفط لعراقية أمس أن صادرات النفط من شمال العراق متوقفة بسبب هجوم على خط الانابيب في الآونة الاخيرة وقال ان الخط لم يستخدم منذ نحو شهرين. وقال المتحدث انه لم يسمع شيئا عن هجوم وقع اليوم (أمس) على خط الانابيب في شمال البلاد. وسئل المتحدث عن اخر مرة صدر فيها العراق النفط من الشمال فقال «المرة السابقة كانت منذ نحو شهرين». واعتمد العراق في تصدير النفط على مرفأين في جنوب البلاد بسبب تكرار الهجمات التخريبية على خط الانابيب الشمالي.

وكرر المتحدث تصريحا أدلى به في يوليو(تموز) الماضي وزير النفط العراقي ثامر الغضبان قال فيه انه يأمل استئناف الصادرات الشمالية عن طريق مرفأ جيهان التركي على البحر المتوسط قريبا لكنه لم يذكر موعدا لذلك. وفي وقت سابق قال مسؤول حكومي ان مخربين نسفوا في يوليو الماضي خط أنابيب في الشبكة المحلية بشمال البلاد.

وأعطى النمو الاقتصادي الصيني دفعة كبيرة للطلب العالمي على النفط مع اجتذاب واردات هائلة من النفط الخام والمنتجات المكررة من مختلف أرجاء العالم.. ومن المتوقع أن ينمو الطلب الصيني على النفط بمقدار 500 الف برميل يوميا أي بنسبة ثمانية بالمائة في العام المقبل بعد القفزة المتوقعة هذا العام بنسبة 14.5 بالمائة مع ارتفاع ملكية السيارات وتنامي احتياجات توليد الكهرباء. كما يتسارع الطلب الهندي على النفط. والنمو القوي الذي يشهده الاقتصاد الأميركي الذي يبتلع ربع اجمالي انتاج النفط العالمي يدفع المنافسة بين آسيا والولايات المتحدة على الامدادات.

* الافتقار الى طاقة امداد اضافية..

منذ أن تجاوزت الاسعار مستوى 40 دولارا للبرميل الذي هدد باضعاف النمو الاقتصادي العالمي زادت أوبك انتاجها الى أعلى مستوياته منذ 25 عاما في محاولة للابقاء على الاسعار تحت السيطرة. فلم يترك ذلك سوى القليل من الطاقة الانتاجية غير المستغلة خارج السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وزيادة الاعباء على نظام الامدادات العالمي جعلته أكثر عرضة لاضطرابات الامدادات كما فاقمت من احتمالات ارتفاع الاسعار. واجتذب ذلك المزيد من عمليات الشراء من جانب صناديق التحوط التي تراهن على أن الاسعار قد ترتفع بدرجة أكبر.

* التوترات السياسية في الدول المنتجة للنفط..

قوضت التوترات السياسة في الشرق الاوسط وأعمال العنف في العراق ثقة المتعاملين في أمان الامدادات من المنطقة التي تضخ ثلث النفط العالمي. فصادرات العراق تضررت بسبب هجمات تخريبية. ويخشى المتعاملون أن يستهدف متشددون اسلاميون البنية الاساسية النفطية في السعودية أكبر منتج للنفط في العالم. وعززت الهجمات في مايو (ايار) الماضي على العاملين الاجانب في شركات نفطية في الخبر المخاوف من هجوم أكبر على المنشآت النفطية المحاطة بحماية مشددة في المملكة. وأدت الازمة المالية التي تشهدها شركة يوكوس الروسية العملاقة والتي تنتج نحو 20 بالمائة من انتاج روسيا من النفط الخام الى تفاقم المخاوف. ومازال انتاج فنزويلا من النفط متأثرا بتداعيات الاضراب الذي هز البلاد منذ 18 شهرا وخفض الطاقة الانتاجية. وقد يعطل استفتاء مقرر هذا الشهر على حكم الرئيس هوجو شافيز الصادرات مرة أخرى من أحد أكبر الدول الموردة للولايات المتحدة. والاضطرابات المدنية في نيجيريا العضو في أوبك تمثل قلقا كذلك.

* اختناقات التكرير بالمصافي تعمل القيود البيئية على رفع أسعار تصنيع الوقود وتجبر الشركات على اقامة منشآت جديدة مكلفة وتزيد من صعوبة شحن الامدادات بين المناطق المختلفة. وارتفع الطلب الأميركي على البنزين فيما يرجع جزئيا الى تنامي أعداد السيارات الرياضية ذات الدفع الرباعي التي تستهلك بنزينا أكثر على الطرق السريعة الأميركية. وتستهلك الولايات المتحدة نحو 45 بالمائة من الاستهلاك العالمي للبنزين. والطلب على البنزين الأميركي يتطلب كميات متزايدة من الخام الخفيف الذي تنقص فيه نسبة الكبريت. وتنافس الصين على هذا النوع من الخام لمواجهة الطلب على وقود المواصلات مما يرفع سعر هذا الخام. وأغلب أنتاج أوبك من الخام الثقيل الذي تزيد فيه نسبة الكبريت.

* ندرة النفط زادت صعوبة العثور على مكامن نفطية كبيرة وزادت كلفة تطويرها. فأغلب الحقول النفطية خارج أوبك بلغت مرحلة النضج وهو ما يعني أن الاكتشافات أصبحت أقل وتحتاج لتقنية أكثر تكلفة لتطويرها. كما أن شركات النفط تتوخى الحرص في الانفاق منذ أنهيار الاسعار في عامي 1998 و1998 الذي خفض أسعار أسهمها وأثار موجة من الاندماجات فيما بينها. فقد ركزت الشركات على مشروعات كبيرة الحجم تحقق لها هوامش ربح أكبر.. ودفعت زيادة تكاليف استكشاف وتطوير الحقول خارج أوبك المضاربين للاعتقاد بأن أسواق النفط أصبحت رهانا جيدا على المدى الطويل.