بيروت تشهد تجربة مبتكرة لفرع مصرفي جوال والبنك اللبناني للتجارة يقرر مدها إلى المحافظات

TT

لم يألف اللبنانيون الذين يعتبرون من اكثر شعوب العالم استخداماً للسيارات الخاصة، ان يتصادفوا اثناء تجولهم على الطرقات مع فرع مصرفي متنقل يتخذ من شاحنة صغيرة «فان» مقراً له، ومن أماكن التجمع والمناسبات الخاصة عنواناً لمن يطلب خدمة مصرفية سريعة هي اشبه بخدمة «دلفري» التي تتميز بها مطاعم الوجبات السريعة. وابتكر فكرة المشروع ونفذها البنك اللبناني للتجارة وبدأها بتجهيز سيارتين تعملان في ضواحي العاصمة. وبشكل خاص قرب الجامعات والثكنات العسكرية والمصانع والفنادق الكبرى.

وجاءت حصيلة التجربة على مدى الشهرين الماضيين مشجعة ومجدية من ناحية المردود، فقرر البنك تطوير المشروع والمباشرة بتجهيز 5 سيارات جديدة بواقع سيارة واحدة لكل محافظة.

وقال الدكتور شادي كرم رئيس مجلس ادارة ومدير عام البنك «ان الفكرة واجهت في بدايتها عقبات وتطلبت موافقة خاصة من البنك المركزي، حيث لم يعرف لبنان سابقاً هذا النوع من الفرع المصرفي الجوال، كذلك فهو غير مألوف في المنطقة عموماً، وقناعتنا بجدوى الفكرة حولتها الى مشروع حقيقي قابل للتطوير المستمر».

ويؤكد كرم ان المشروع جاء في سياق خطة التوسع وزيادة الخدمات واستحداث قنوات حديثة لتأمين خدمات نوعية على مدار الساعة لعملاء البنك حيث يؤمن المصرف الجوال المجهز بتقنية حديثة وآمنة، خدمة الصراف الآلي النقال الى جانب الخدمات المصرفية التقليدية ويشرف على اعماله مندوب من قبل البنك يؤمن خدمات الزبائن ويلبي طلباتهم بأسرع وقت ممكن، وذلك ضمن استراتيجية توسعية تشمل في مرحلة لاحقة، كل المناطق النائية والريفية حيث يهدف المصرف الجوال لان يخدم اصحاب المشاريع الصغيرة في تلك المناطق للاستفادة من البرامج المصرفية التمويلية المبتكرة خصيصاً لهم.

وتوقع كرم اقدام مصارف عربية على اطلاق خدمة المصرف الجوال في بلدانها بعدما اطلع العديد منها على التجربة الخاصة بالبنك اللبناني للتجارة وابدت اعجابها بالفكرة، حتى ان مصرفاً سورياً طلب مساعدتنا لتجهيز عدد من السيارات ستتيح له الانتشار بشكل اوسع في المدن والارياف السورية، وبالاخص في المناطق التي لم تصل اليها فروعه العادية.

واعتبر كرم ان الحافز الاساسي للخدمة الجديدة يرتبط بوجود شرائح اجتماعية واسعة غير متصرفة حيث تشير احصاءات خاصة الى ان نصف الشعب اللبناني لا يعرف الاعمال المصرفية ولا يدخل بالتالي الى الفروع المصرفية، كما ان استراتيجيات المصارف قامت دوماً على انشاء فروعها في مناطق للفرع العادي الذي يزيد متوسط كلفة تأسيسه عن ثلاثة ملايين دولار. وهذا ما يؤدي الى حرمان القرى والتجمعات الاقل كثافة من خدمات المصارف ويحرم البنوك، في الوقت ذاته، من شرائح واسعة من العملاء المحتملين.

ومن المؤكد، أن ما ينطبق على لبنان بمساحته الصغيرة ينطبق بصورة اكثر حدة في البلدان العربية ذات المساحات الشاسعة والتوزع الديمغرافي الواسع، ومن مصلحة المصارف، كما يقول كرم، اعتماد استراتيجيات جديدة لتوسيع قاعدة عملائها بدلاً من زيادة حدة التنافس على القاعدة التقليدية المتمركزة في المدن والتجمعات الكبرى.