طوكيو ـ رويترز: لم يكن كاتسوجي جيبيكي الذي يعمل نجارا وفي الثلاثينات من العمر يعتبر نفسه قط من النوع الذي يمكن أن يخرج للتسوق، لكن ما أن وقع بصره على سيف الساموراي المحفور بنقوش جميلة في أحد مجلدات التسوق (كتالوجات) الموجهة للرجال شعر أنه يجب أن يحصل عليه. ومنذ جولته الاولى العام الماضي في عالم الشراء عن طريق الكتالوجات أنفق أكثر من خمسة الاف دولار لشراء مقتنيات مثل أقلام رصاص مطلية بالفضة وحذاء رياضي نادر من ماركة بانثر.
وقال جيبيكي «لدي فائض من المال لأتمتع بانفاقه على أشياء أريدها فعلا. لم يكن لدي أدنى فكرة من قبل عن المكان الذي يتعين علي الذهاب اليه للتسوق أو حتى عما أريد شراءه، الا انني حاليا أعرف أين أذهب وما الذي أبحث عنه». وجيبيكي واحد من أعداد متزايدة من الرجال اليابانيين الذين يفضلون انفاق المال على أنفسهم بدلا من وضعه في حسابات ادخار او انفاقه بالكامل على الاسرة.
ويمثل ذلك تحولا كبيرا في اليابان المحافظة التي كان التسوق فيها يعتبر مسألة خاصة بالنساء، كما أنه يوفر فرصة جديدة للاعمال مثل باعة الملابس الجاهزة ومستحضرات التجميل. وقال ماساهيرو يوتسوموتو المحلل في مكتب لدراسات الاستهلاك والسوق في دنتسو أكبر شركة اعلانات يابانية «الشركات بدأت ترى افاقا كبيرة في انفاق الرجال وتحاول زيادة المبيعات باستهداف هذا القطاع»، وأشار الى تحولات في الفترة الاخيرة منها انتهاء مبدأ التمسك بوظيفة واحدة حتى التقاعد، والميل لتأجيل الزواج مما أدى الى ظهور أنماط جديدة من التفكير في بلد ظل لفترة طويلة يعتبر تسوق الرجال خاصة لانفسهم سلوكا شاذا.
والنتيجة هي ظهور قطاع جديد من المستهلكين لمنتجات شركات مثل شيسيدو أكبر شركات مستحضرات التجميل اليابانية التي بدأت في بيع مستحضرات صممت خصيصا للرجال في وقت سابق هذا العام. وقالت الشركة ان مبيعات خط انتاج شيسيدو للرجال التي تشمل سوائل ومراهم مرطبة للوجه تقترب من مثلي توقعاتها عندما بدأت انتاجها.
وقال تاتسويوشي اندو المتحدث باسم شيسيدو «الرجال من كل الاجيال بدأوا في العناية بمظهرهم فيما يرجع جزئيا لانهم يعتقدون أن المظهر الجيد قد يكون سلاحا كذلك في عالم الاعمال»، ورغم عدم توافر البيانات يقول المحللون ان انفاق الرجال خاصة في المرحلة العمرية من الثلاثينات الى الخمسينات زاد باطراد في الاعوام القليلة الماضية رغم تباطؤ الاستهلاك بشكل عام واستقرار نمو الاجور. وسجل مؤشر ثقة المستهلكين الذي تعده هاكوهودو اوف لايف اند ليفينج ويصنف الانفاق حسب النوع 50.80 نقطة لانفاق الرجال في أغسطس (اب) بارتفاع 1.70 نقطة عن الشهر نفسه من العام الماضي وذلك بالمقارنة مع 55 نقطة للنساء في أغسطس انخفاضا من 56.1 نقطة قبل عام.
والشركة التي تصدر المؤشر تابعة لشركة هاكوهودو ثاني أكبر شركة اعلانات في اليابان.
ويقول العديد من المحللين ان قطاع الرجال المستهلكين الذي كان ضئيلا للغاية قبل عشر سنوات سيواصل نموه، ويبلغ اجمالي انفاق المستهلكين في اليابان نحو 300 تريليون ين (2737 مليار دولار) سنويا. وكانت شركة ستيلر سي.كيه.أم التي كانت تعرف من قبل باسم يوميمتسوكيتاي التي تنشر كتالوجات التسوق للرجال فقط من أولى الشركات التي تستهدف سوق الرجال.
ويضم كتالوج الشركة واسمه يوميمتسوكيتاي ومعناها (اريد أن أجد حلما) أكثر من 30 ألف منتج تبدأ من مزرعة نمل بسعر 4725 ينا الى كتاب لصور لاسطورة الملاكمة محمد علي ثمنه مليون ين.
وثبت نجاح هذه السياسة فارتفعت المبيعات بشكل مطرد مع اقبال المزيد من الرجال على الانفاق على أنفسهم. وحققت الشركة زيادة في المبيعات بنسبة نحو عشرة في المائة في السنة المالية التي انتهت في مارس (اذار) وتتوقع نموا بنسبة 12 في المائة هذا العام. وكانت مبيعات يوميمتسوكيتاي لا تتجاوز 2.2 مليار ين قبل عشر سنوات. وقال كاتسوشي هاشيموتو رئيس الشركة «من الصعب للغاية معرفة ما يريده الرجال اذ ان اهتماماتهم متباينة للغاية، لكنهم ينفقون الكثير ربما أكثر من النساء عندما يجدون ما يلاءم ذوقهم أو يخطف نظرهم». ويقول جيبيكي المتسوق عن طريق الكتالوجات ان المسألة في الاساس تتعلق بأن تحصل على ما تريد.
وتابع «قد يبدو ذلك سخيفا لكن الرجال لا يتسوقون للتباهي...نحن ننفق المال لنحلم...انفاق المال على تحقيق هذه الاحلام لا يزعج الرجال على الاطلاق».