منتدى «أوبك الدولي» يشهد نقاشات «ساخنة» حول معالجة ارتفاع الأسعار واستقرار الإمدادات

رئيس وكالة الطاقة يطالب بتحرير قطاع النفط بدول «أوبك» أمام الشركات * وزير البترول الإماراتي: العالم يحتاج لاستثمار 600 مليار دولار في القطاع حتى 2025

TT

على وقع احتجاجات محدودة من قبل انصار جماعة السلام الاخضر امام مدخل فندق الانتركنتيننتال في العاصمة النمساوية انطلقت صباح امس جلسات منتدى اوبك الدولي بمشاركة كبار المسؤولين الرسميين عن القطاع النفطي في الدول المنتجة للبترول في العالم ومسؤولي المنظمات الدولية المتخصصة وكبار التنفيذيين في شركات النفط العالمية وعدد غير قليل من خبراء الطاقة.

وشهدت جلسات امس التي دشنها رئيس الاوبك الدكتور برنومو يوسجيانتورو، ليترك المجال لرئيس الوزراء الليبي الدكتور شكري محمد غانم الذي اكد ان الاسعار التي بلغت ذروتها خلال الشهرين الماضيين قد تشهد ارتفاعا جديدة في حال عدم معالجة اسباب الارتفاع الحالية. مشير الى ان استقرار امدادات النفط من منطقة الشرق الاوسط يحتاج لاستقرار سياسي.

وشهدت جلسات صباح امس التي رأسها وزير البترول الاماراتي عبيد بن سيف الناصري نقاشات واسعة بشأن واقع ومستقبل العرض والطلب وتسعير الطاقة في العالم، حيث قدر الناصري قيمة الاستثمارات التي يحتاجها قطاع النفط ليتماشى مع فورة الطلب المتزايد بحوالي 400 مليار دولار حتى العام 2025، فيما تقدر قيمة الاستثمارات التي يحتاجها قطاع الغاز لتلبية الطلب المتزايد ايضا حوالي 200 مليار دولار لذات الفترة، مشيرا الى ان توفير هذه القيمة العالية من الاستثمارات تتطلب الحفاظ على اسعار عادلة، وان هناك حاجة لتعزيز التعاون بين الدول المنتجة وشركات النفط الكبرى للاستفادة من تقنية هذه الشركات لتعزيز فعالية عمليات استكشاف وانتاج النفط في الدول النامية.

وفي هذا السياق اشارت وزيرة البترول النرويجية تورهليد ويدفاي الى ان حجم الانتاج المتوافر حاليا يتجاوز الطلب على النفط على الرغم من نمو هذا الاخير بنسبة تصل الى 2.5 مليون برميل على مدى هذا العام بفعل النمو الكبير في اقتصادات الصين والهند وهو النمو التي اعتبرته نموا صحيا ويتناسب مع حجم الكثافة السكانية لهذه الدول.

واكدت الوزيرة النرويجية ان العالم لن يشهد اي مشكلة في مواجهة الطلب على مدى العقود الثلاثة المقبلة مشيرة الى ان دور الاوبك سيتعزز، مرجعة ذلك الى ان الدول الاعضاء والتي تنتج حاليا بطاقتها القصوى، وبالرغم من نمو الطاقة الانتاجية في بعض الدول مثل روسيا ودول خليج المكسيك وغرب افريقيا الا ان التوقعات تشير الى ان حجم النمو في العرض من قبل الدول المنتجة من خارج الاوبك يقل عن حجم النمو في الطلب مما يعزز حصة وتأثير دول المنظمة على مدى السنوات المقبلة.

واتفقت كل من وزيرة البترول النرويجية وكلاود مانديل الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في المطالبة بتحرير قطاع النفط في الدول التي تمتلك احتياطات رئيسية معتبرين ان هذه الخطوة، حيث أكدت الوزيرة ويدفاي ان السنوات الـ 10ـ 15 المقبلة ستشهد تعزيزا لدور الاوبك نتيجة لاحتفاظها باكبر احتياطات نفطية مؤكدة، ومن جانبه توقع رئيس وكالة الطاقة الدولية استمرار النمو في الطلب لمدة طويلة مدفوعا بسيطرة النفط على قطاعات غير مربحة مثل قطاع المواصلات الذي يمثل النفط حوالي 90 في المائة منه، كما ان الطلب على النفط سيستمر من قبل صناعة التروكيماويات.

وقال كلاود مانديل ان الارتفاع الحالي للاسعار لا يرتبط فقط بمستويات المخزون الاستراتيجي لدى الدول الكبرى والتي تعد مستوياته مقبولة حاليا الا ان الاسعار تعكس القلق بشأن تقلص حجم الطاقة الانتاجية الفائضة والتي تتطلب ضخ استثمارات جديدة وهي مسؤولية شركات النفط الوطنية في الدول المنتجة ومن هنا تأتي مطالبة رئيس وكالة الطاقة لهذه الدول باتاحة الفرصة لشركات النفط العالمية للاستثمار في رفع الطاقة الانتاجية.

ورسم رئيس وكالة الطاقة الدولية صورة متفائلة بشأن الاستثمارات لرفع الطاقة الانتاجية للنفط الخام، الا انه فعل العكس ورسم صورة قاتمة لتدفق الاستثمارات في انشاء مصاف لانتاج المشتقات التي تحتاجها السوق معتبرا ان هناك مشكلة اخرى تتمثل في تركز الاستثمار في تطوير الحقول الحالية وتراجع حجم الاستثمار لاسكشاف وتطوير الحقول الجديدة. وفي حين كشفت الوزيرة النرويجية ان بلادها تدعم حاليا مشروع انشاء قاعدة معلومات للطاقة قال رئيس وكالة الطاقة الدولية ان الصناعة بحاجة الى معلومات اكثر مصداقية بشأن الاحتياطات المؤكدة والمحتملة والمخزونين التجاري والاستراتيجي للدول، والقدرات الانتاجية والتسويقية في الدول المختلفة للتوصل لرؤية اكثر وضوحا للسوق ووضع توقعات اكثر دقة.

اعتبر الدكتور عدنان شهاب الدين، رئيس دائرة البحوث في الاوبك ان المنظمة نجحت على مدى سنوات من ضبط مستوى الاسعار ضمن نطاقها المستهدف بين 22 ـ 28 دولارا للبرميل بفعل سياسات التحكم بالانتاج مشيرا الى ان المنظمة قامت بدورها للجم الصعود المفاجئ للاسعار حاليا عبر رفع الطاقة الانتاجية مما ساهم في خفض السعر ما بين 5 ـ 7 دولارات للبرميل خلال الايام القليلة الماضية، مشيرا الى ان الاوبك تعتزم استمرار العمل بسياسة النطاق السعري المستهدف.

ومن جانب آخر قال لي رايموند، الرئيس التنفيدي لشركة اكسون موبيل ان شركات النفط تواجه صعوبات حقيقية في الحصول على تراخيص لانشاء مصاف للنفط في اميركا حاليا وان الفترة التي يستغرقها الحصول على موقع مناسب قد يستغرق 7 سنوات حاليا، مما حال دون تحقيق زيادة في انتاج المنتجات المكررة في اميركا على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية مما حول اميركا لاحد اكبر مستوردي مشتقات النفط في العالم. وقال ثامر الغضبان وزير النفط العراقي امس ان بلاده التي تنتج حاليا 2.5 مليون برميل يوميا ستكون قادرة على ضخ كامل الطاقة الانتاجية البالغة 2.8 مليون برميل بنهاية العام الجاري، وان هناك خطة لرفع الطاقة الانتاجية الى 3.25 مليون برميل في العام المقبل.

واضاف ان انتاج العرق تعرض لتراجعات حادة بعد الحرب الاخيرة وخسر العراق هامش انتاجي بواقع 1.9 مليون برميل، كما ان التهديدات التي يتعرض لها الخطين الرئيسيين لنقل النفط في الجنوب تعرقل تدفق النفط عبرهما وحصل ان توقف الانتاج عبرهما لمدة عشرة ايام.

وكشف الوزير العراقي ان العمل جار حاليا على اعادة هيكلة قطاع النفط من خلال لجنة وزارية متخصصة، كاشفا ان العمل جار حاليا ايضا على تأسيس شركة «اينوك» لتكون شركة النفط الوطنية في العراق.