ثلثا سكان جنوب آسيا يعيشون على أقل من دولارين في اليوم والفقر ناتج عن مشكلات البنية الاجتماعية

TT

نيودلهي ـ ا.ف. ب: يعاني اكثر من ثلثي سكان جنوب آسيا من الفقر رغم توافر النمو والغذاء وآليات محاربة الجوع، حيث يرى الخبراء ان المشكلة تكمن في البنية الاجتماعية والتربية والارادة السياسية اكثر منها في عدم توفر المال. والاسبوع الماضي، كان الفقر في آسيا موضوع اجتماع للخبراء في نيودلهي عرض خلاله نائب رئيس البنك الاسيوي للتنمية خيرت فان در ليندن الوضع. وقال در ليندن «في حال اعتبرنا عتبة الفقر دولارين يوميا، يصبح اكثر من ثلثي سكان بنغلادش والهند ونيبال وباكستان في عداد الفقراء». وفي سنة 2000، بلغ معدل وفيات الاطفال من دون الخامسة 94 في الالف في جنوب آسيا في مقابل 40 في الالف في شرق آسيا و60 في الالف في جنوب شرق آسيا، وفق تقديرات البنك الاسيوي للتنمية، في حين تعاني 50% من النساء من فقر الدم ويولد اكثر من ثلثي الاطفال باقل من الوزن الطبيعي في المنطقة. وقال خبير اقتصادي من جنوب آسيا «هذا ما يسمى لغز جنوب آسيا: الفقر يتراجع وانما ليس بسرعة التقدم الاقتصادي، وبالرغم من السياسات التي تنفذها بعض الحكومات تستمر معدلات وفيات الاطفال مرتفعة وسوء التغذية حادا في المنطقة». وخلال مؤتمر وزاري حول غذاء الام والطفل في آسيا عقد الاسبوع الماضي في نيودلهي، ناقش مسؤولون اسيويون هذا الوضع «غير المقبول في الوقت الذي تتوافر فيه الخبرة والخبراء والموارد» كما جاء في البيان الختامي للمؤتمر.

واعتبر المشاركون ان «تعثر التقدم عائد لاسباب ثقافية تتعلق باستمرار الفروقات الاجتماعية والاقتصادية والجنسية والممارسات التمييزية وفي معظم البلدان النقص في الميزانيات المخصصة للصحة والتربية والخدمات الاجتماعية».

وفي الوقت الذي سعى فيه الرئيسان الفرنسي جاك شيراك والبرازيلي لويس ايناسيو لولا دي سيلفا الاثنين الماضي في الامم المتحدة لاقناع الاسرة الدولية بضرورة فرض ضريبة عالمية لمكافحة الفقر والجوع، يرى خبراء جنوب آسيا ان الفقر ناجم عن مشكلة بنيوية اجتماعية اكثر منه عن نقص الاموال. وبدأت تترسخ الفكرة القائلة ان الارتفاع الكبير جدا في سوء التغذية في المنطقة مرتبط بالفروقات بين الرجال والنساء. فاعتبار النساء مواطنات من الدرجة الثانية في باكستان ونيبال وبنغلادش والهند، يحرمهن من الحصول على كفايتهن من الغذاء وبالتالي يجعلهن غير قادرات على ارضاع حليب مغذ لاطفالهن الذين يولدون في الاساس ناقصي الوزن، كما انهن لا يذهبن الى المدرسة ويجدن انفسهن اسيرات لهذا الوضع في حلقة مفرغة، كما قال الخبير من جنوب آسيا الذي شارك في المؤتمر. وتؤكد جمعية ديبالايا الهندية ان الفتيات يعانين من التمييز وتفضيل الذكور عليهن في التغذية والصحة والتعليم، ولذلك فان تعليم الفتيات يشكل العامل الاساسي في مكافحة الفقر.

وتوضح سودا بارتاساريتي المسؤولة في الجمعية الناشطة في مجال مكافحة الفقر ان الفكرة لا تقتصر على مساعدة النساء على ايجاد عمل وانما ببساطة على «العيش في ظروف افضل وتحضير طعام صحي ومغذ وعدم صرف مؤنة شهر في 15 يوما والبقاء في حالة الجوع في النصف الثاني من الشهر كما يحدث في التجمعات الفقيرة»، لكن للتوصل الى ذلك يجب ان تعمل الحكومات في الاتجاه ذاته.

من جهتها قالت كارولين ليغرو المسؤولة في برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة في الهند ان «الخبرة موجودة، نعرف كيف نكافح الجوع ومعظم الدول تصدر منتجات غذائية ولكن الجوع غير ظاهر في آسيا خلافا لما هي عليه الحال في افريقيا حيث الموت جوعا يجري امام اعين البشر، ولا تعتبر الحكومات (الاسيوية) الفقر اولوية وهي تركز اكثر على النمو الاقتصادي»، ولا سيما في جنوب القارة.