جدل بين رجال الأعمال والحكومة المصرية حول تنمية منطقة غرب السويس وسط توجهات بإعادة هيكلة المنطقة الخاصة

TT

يجتمع رئيس الوزراء المصري د. أحمد نظيف مع المجموعة الاقتصادية الوزارية ورئيس المنطقة الاقتصادية بشمال غربي خليج السويس في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لبحث اوضاع المنطقة الاقتصادية واعادة تقييمها، وذلك في اعقاب التقارير التي اكدت ان المنطقة الاقتصادية التي صدر قرار جمهوري بإقامتها في يونيو (حزيران) 2002 تواجه عدة عقبات تتمثل في حصول بعض كبار رجال الأعمال المصريين على أراض مقابل حق انتفاع في المنطقة الجنوبية لتنميتها، وإقامة مشاريع صناعية بها، ورغم مرور سبع سنوات على توقيع عقود حق الانتقاع بين الحكومة المصرية وتمثلها محافظة السويس وبين المستثمرين المصريين الاربع الذي حصل كل منهم على مساحة 20 كيلومترا مقابل خمسة جنيهات للمتر لم تتم عمليات التنمية، مما يستوجب فسخ العقود من تلقاء نفسها.

وكانت الحكومة السابقة قد أرجأت بحث المشكلة املا في ان يقوم رجال الاعمال بتنمية المنطقة، وتركزت الجهود خلال الاعوام الماضية في القيام بدراسات للمناطق الاقتصادية في الصين ودبي (جيل علي) وايرلندا، ومن ثم الاستعانة بالخبرة الايرلندية في تخطيط المنطقة الاقتصادية في مصر وعمل الرسومات وتقسيم الارض وشبكات الكهرباء والمياه وخلافه، اضافة الى التحضير لإقامة مبنى خاص بالمستثمرين يتكلف انشاؤه 50 مليون دولار، قدمت الصين 10 ملايين دولار منها كمنحة. وطبقا لدراسات الشركة الايرلندية فقد قسمت المنطقة الاقتصادية الى قطاعين شمالي وجنوبي، ودعت الى البدء بالعمل في القطاع الجنوبي اولا، وحددت على الخرائط مواقع الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.

ومع تغيير الحكومة وتولى د. احمد نظيف رئاسة الوزارة واستحداث وزارة للاستثمار التي تولي قيادتها د. محمود محيي الدين، تجدد الاهتمام بالمنطقة الاقتصادية، وبرزت على رأس الالويات لجذب المستثمرين وتشجع رؤوس الاموال على الاستثمار بالمنطقة وبدأت تبرز مبادرات جديدة لإعادة تنظيم وهيكلة المنطقة.

وفي هذا السياق ألقى مصطفى شعراوي رئيس الهيئة الاقتصادية شمال غرب خليج السويس الكرة في ملعب الحكومة، فهو منذ توليه منصبه في ابريل (نيسان) 2003، حيث أكد انه قام بكل الدراسات وأعد الخرائط والرسومات التنفيذية للبدء في تنمية المنطقة، ولا يتبقى إلا أن تسلمه الحكومة الارض بقرار جمهوري حتى يبدأ في التنفيذ، خاصة مع رفض رجال الأعمال مخاطبة رئاسة المنطقة الاقتصادية، باعتبارها ليست طرفا في العقد المبرم والذي تم بين رجال الاعمال ومحافظة السويس.

من ناحية اخرى بدأ خلاف غير معلن بين وزارة الاستثمار والهيئة الاقتصادية، حيث يسعى وزير الاستثمار لادخال كافة كل الاجهزة والهيئات التي يدخل يشتمل مصطلح «الاستثمار»، في مجالات عملها تحت عباءة الوزارة، بينما يرى خبراء الهيئة انها هيئة مستقلة صدر لها قرار جمهوري بإقامتها ولا تتبع وزارة الاستثمار، إلا أن محيي الدين طالب بعدم اتخاذه قرارات تجاه المستثمرين المصريين بالمنطقة حاليا، وطالب بمهلة لدراسة المنطقة وموقف الشركات الاربع القائمة والتعرف على العوائق التي تقف في وجه تنمية المنطقة الاقتصادية، ووضع تصورات محدده لمستقبل المنطقة في ظل الدراسات الايرلندية. وساهم في الاسراع في بحث مشاكل المنطقة الاقتصادية طلب الاحاطة الذي قدمه النائب المستقل رفعت بشير، عضو مجلس الشعب عن محافظة السويس، ووجه فيه انتقادات للحكومة مجموعة، لعدم تدعيمها للمشروع وترك اراضي المنطقة في ايدي مجموعة من المستثمرين غير الجادين.

ومن ناحية ثالثة، فهناك البدائل التي يطرحها مصطفى شعراوي رئيس الهيئة الاقتصادية، والتي ناقشها في اجتماع مع رئيس الوزراء اخيرا، وترتكز في الاساس على إرجاء مشكلة التعامل مع المستثمرين المصريين والاتجاه نحو تنمية المنطقة الشمالية عوضا عن الجنوبية، وهذا الحل يتسبب في تأخير تنفيذ الخطط ثلاثة اشهر فقط ، وتم في الاجتماع، بحسب شعراوي، بحث الاقتراحات المقدمة في شأن إعادة اموال المستثمرين الاربعة، وسحب الاراضي المخصصة لهم، أو تعويضهم أو الدخول كشركاء بمبالغ شراء الاراضي، في شركة تنمية المنطقة، والتي تحتاج الى 500 مليون جنيه للبدء في تنفيذ دراسات المنطقة، وهي القضية الثانية التي يتناولها الاجتماع المقبل والتي تعتبر ايضا مثار خلاف، حيث يطالب شعراوي بتخصيص 270 مليون جنيه من الموازنة العامة للدولة خلال هذا العام، وتخصيص 230 مليون جنيه العام المقبل، بحيث تصبح هذه الاموال هي رأس مال الهيئة لتشارك به مع المستثمرين الاجانب، بينما تريد الحكومة أن يتم صرف الاموال على شكل قرض من بنك الاستثمار القومي، وهو ما يرفضه شعراوي، لكي لا تكون الهيئة في وقف المدين لأن العائد لن يأتي إلا بعد وقت ليس بالقصير.

وفي انتظار ان تقرر الحكومة المصرية التصرف وتدعيم المنطقة الاقتصادية واصدار قرار جمهوري بتمليكها للارض، وصرف الاموال اللازمة لتنفيذ الدراسات الايرلندية، تقبع الهيئة الاقتصادية باداراتها المختلفة الصغيرة في طابق تستأجره مقر إحدى شركات البترول في طريق مصر الاسماعيلية، يعمل به عشرة ممثلين عن الوزارات المعنية المختلفة، فضلا على خبراء قانونيين وماليين وممثل عن المستثمرين وهو محمد فريد خميس رئيس لجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشورى، وصاحب احدى اكبر المجموعات الصناعية في مصر، ينتظرون جميعا في الهيئة الاقتصادية قرارات الحكومة حتى تبدأ خطة الترويج والدعاية التي تبدأ بدعوة للمؤسسات العالمية للمشاركة، وزيارات لكبرى المؤسسات المالية الدولية والاستعانة بشركات الترويج العالمية.