عززت أسعار النفط ارتفاعها من جديد حيث انتعش سعر الخام الأميركي الخفيف في التعاملات الآجلة المبكرة ببورصة نيويورك التجارية نايمكس مسجلا مستوى قياسيا أمس عند 55.35 دولار للبرميل مع استمرار المخاوف بشأن امدادات وقود التدفئة في فصل الشتاء. وكان الخام الأميركي قد سجل ارتفاعا بقيمة 73 سنتا الى 55.20 دولار للبرميل بعد تراجعه من 55.35 دولار للبرميل، وهو اعلى سعر يسجله العقد منذ بدء تداوله قبل 21 عاما. وبلغ سعر برنت مزيج القياس الاوروبي في بورصة البترول الدولية 51.15 دولار للبرميل بارتفاع 43 سنتا.
الى ذلك، قالت وكالة أنباء أوبك «أوبكنا» أمس ان سعر سلة خامات أوبك ارتفع أول من أمس الخميس الى 46.61 دولار للبرميل من 45.87 دولار يوم الاربعاء. وظل سعر سلة أوبك طيلة العام الحالي فوق الحد الاقصى للنطاق السعري المستهدف للمنظمة بين 22 و28 دولارا للبرميل.
من جانب آخر، بلغت تكلفة شحن النفط الخام من الخليج أعلى مستوياتها منذ المقاطعة النفطية العربية 1973. ويتوقع المحللون أن ترتفع الاسعار بدرجة أكبر وسط ضغوط كبيرة على الأسطول العالمي لمواكبة الارتفاعات الكبيرة في الطلب على النفط. وزادت تكلفة شحن النفط من الخليج الى الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم بأكثر من مثليها منذ أغسطس (آب) عندما كان متوسط التكلفة يتراوح حول أعلى مستوياته الموسمية.
والآن يتكلف نقل البرميل من النفط الخام من الخليج الى الولايات المتحدة 4.5 دولار، أي أن تكلفة ناقلة عملاقة محملة بمليوني برميل من الخام تبلغ تسعة ملايين دولار. وزادت الاسعار بأكثر من 500 في المائة عن مستواها عام 2002 عندما تضرر الاقتصاد بسبب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) من العام السابق على الولايات المتحدة. وكانت شركات الشحن على وشك الإفلاس. وشهدت تكاليف الشحن على مسارات التصدير العالمية من الخليج وغرب أفريقيا وبحر الشمال ومنطقة الكاريبي قفزات وواصلت تجاوز المستويات القياسية في الاسبوعين الماضيين ولا يرى المحللون تراجعا في اقبال المستهلكين المتعطشين للنفط قبل الربع الثاني من عام 2005 على أقرب تقدير. وقال جون دوين المحلل لدى «سمسون سبينس آند يونج»، إن الامر يتعلق بطلب قوي للغاية على النفط، خاصة من الصين والهند هذا العام أكثر مما يتعلق مثلا بحجم الاسطول العالمي. وقالت شركة «بوتن آند بارتنرز» لتحليلات الشحن في تقرير «باعتبارنا ملاك ناقلات فاننا نعلم ما يحدث عندما يزيد الطلب على العرض.. اسعار الناقلات ترتفع وترتفع كثيرا». وأضاف «صناعة النفط تشهد الظاهرة نفسها المتمثلة في تجاوز الطلب للعرض بأسعار النفط الراهنة التي تتراوح حول 55 دولارا للبرميل». وهذا الارتفاع في الطلب في ظل النمو الاقتصادي القوي والمصحوب بطلب على رحلات شحن طويلة وسط تنافس المصافي في الشرق والغرب قبيل موسم ذروة الطلب في فصل الشتاء أدى الى رفع تكاليف الشحن.
الى ذلك، اعتبر المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو راتو أمس في جنيف ان ارتفاع اسعار النفط الخام سيكون «له تأثير اكيد» على الاقتصاد العالمي العام المقبل، لكن «من المبكر جدا على الأرجح» توقع تراجع نسب النمو. وردا على سؤال في جنيف لدى خروجه من مقر منظمة التجارة العالمية، قال راتو «كما سبق أن قلنا قبل ثلاثة اسابيع، ان المخاطر المرتبطة بالنفط ازدادت، انه واقع واضح اليوم، ومنذ ذلك الوقت قفزت الاسعار اكثر».