دراسة: توقعات بتحول مصر إلى مستورد للنفط بحلول عام 2017 بسبب الزيادة السكانية المطردة

TT

توقعت دراسة علمية تحول مصر الى دولة مستوردة للبترول بحلول عام 2017، خاصة في ظل سياستها الرامية لاصلاح الهيكل الاقتصادي، والانطلاق على طريق النمو الاقتصادي لرفع مستوى المعيشة والدخل، ومواجهة الزيادة السكانية المطردة.

واشارت الدراسة التي اعدها الدكتور حسين عبد الله رئيس جهاز تخطيط الطاقة ووكيل وزارة البترول السابق بعنوان «ازمة نضوب البترول والغاز في مصر» الى ان قطاع البترول يمثل نحو 14 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي المصري واضافت ان مصر استوردت خلال عامي 1974 و1975 بترولا قيمته 300 مليون دولار، ثم تحولت الى دولة مصدرة منذ عام 1976 بحصيلة صافية من العملة الاجنبية تصاعدت حتى بلغت ذروتها 2.5 مليار دولار سنويا في الفترة من 1980 ـ 1985 ثم انخفضت هذه الحصيلة الى 700 مليون دولار فقط عام 1986 الا انها عادت مرة اخرى للنمو التدريجي حتى وصلت الى 1.3 مليار دولار سنويا في الفترة 1996 ـ 1999 فاذا اضيفت الى هذه الحصيلة قيمة الاستهلاك المحلي من البترول فانها تصل الى 5.3 مليار دولار سنويا، ويساهم قطاع البترول في الوقت الحاضر بنحو 10 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بــ 16 في المائة لكل من قطاع الزراعة والصناعة والتجارة وتوضح الدراسة ان مصر نجحت في تغطية احتياجاتها المحلية من البترول حيث زاد انتاجها من 7.5 مليون طن في عام 1975 الى 34 مليون طن في عام 1997 ومع حالة الكساد التي صاحب السنوات الاولى من برنامج الاصلاح الاقتصادي في الفترة من1990 ـ 1993 توقف استهلاك الطاقة عند 28.4 مليون طن في حين ارتفع استهلاك البترول في الفترة من1994 ـ 1997 من 29.3 الى 34 مليون طن أي بمعدل زيادة 5 في المائة سنويا، وتتوقع الدراسة زيادة استهلاك البترول والغاز الطبيعي بمعدل 3 في المائة سنويا في الفترة من 1997 الى 2017 وبذلك سترتفع احتياجات مصر من البترول والغاز الطبيعي من 34 مليون طن عام 1997 الى 50 مليون طن في عام 2010 والى 61.4 مليون طن في عام 2017 وتؤكد الدراسة انه وفقا لتقدير احتياجات مصر من الطاقة على اساس معدل نمو 3 في المائة سنويا فان نصيبها من الاحتياطيات والذي يقدر بنحو 830 مليون طن بترول بخلاف حصة الشركاء الاجانب، يمكن ان ينضب في عام 2015، بافتراض التوقف عن تصدير البترول السائل من الآن والامتناع عن تصدير الغاز مستقبلا.

وترى الدراسة انه اذا استمرت مصر في تصدير البترول للحصول على 1.3 مليار دولار سنويا كما الحال الآن فان نصيبها من الاحتياطيات المؤكدة سوف ينضب في عام 2012.

وكشفت الدراسة عن خطورة الاتفاقيات التي عقدت مع الشركاء الاجانب في حقول الغاز الطبيعي والتي يحصلون بمقتضاها على نسبة تتراوح بين 20 في المائة و40 في المائة من الانتاج، بالاضافة الى التوسع في تقديم حوافز جديدة للشريك الاجنبي عن طريق زيادة سعر شراء نصيبه من الغاز، وطالبت الدراسة بعدم تصدير الغاز الطبيعي الى ان يصبح الاحتياطي 40 تريليون قدم مكعب موضحة انه اذا استمرت مصر في تصدير الغاز قبل تحقيق هذا الاحتياطي فانها تعجل بنفاده وستضطر الى استيراده من الخارج باسعار مرتفعة تصل الى 38 دورلارا عام 2010 و55 دولارا عام 2017 ويضرب المؤلف مثالا على ذلك انه اذا قامت مصر بتصدير الغاز الى تركيا كما اعلن عن ذلك وهو ما يقتضي تخصيص نحو 808 تريليونات قدم مكعب من اجمالي الاحتياطيات الغازية لمواجهة هذا الالتزام، واذا ما استمرت ايضا في تصدير البترول فان نصيبها من احتياطيات البترول والغاز يمكن ان ينخفض الى نحو 678 مليون طن بترول معادن وهو ما يؤدي الى استنفاد ذلك النصيب بحلول عام 2009م.

وتدعو الدراسة الى اعادة حساب احتياجات مصر من الغاز في ضوء الخطط التي وضعتها مؤخرا لمشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى عام 2017.

واذا ثبت من تلك التقديرات ان ما تحقق من احتياطيات للغاز لا يكفي لمواجهة الاحتياجات المحلية حتى عام 2020 على الاقل خاصة مع ما يشهده انتاج الزيت من انخفاض مستمر خلال السنوات الاخيرة، فمن الواجب ان يعاد تقدير رقم الاحتياطي القومي والالتزام بعدم تصدير الغاز قبل بلوغ الهدف الجديد اذا ما شرعت مصر في تصدير الغاز قبل ان تحقق الاحتياطي القومي المناسب، فان ذلك سوف يعجل بنفاده ايضا بنقطة التحول الى استيراد الطاقة التي تعتبر من اهم عناصر النمو الاقتصادي، وهذا يهدد بوقوع ازمة خطيرة خاصة في ظل ارتفاع البترول واشارت الدراسة الى ان هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة والتي انشئت لاستغلال المصادر غير البترولية لم تحقق الامال المنشودة، اذ لم تتجاوز مساهمة المصادر الشمسية والرياح والكتلة الحيوية 0.46 في المائة من الاحتياجات المحلية من الطاقة عام 1995 وتدعو الدراسة الى تذليل العقبات التي تحول دون الانتشار السريع لاستخدام تلك الطاقات، وان كان من المعروف انه حتى على المستوى العالمي ان تلك الطاقات امامها وقت طويل قبل ان تحتل مكانة مهمة على قائمة الاستهلاك العالمي للطاقة لان تكنولوجيتها مازالت في المراحل الاولى من التطوير، وفي مصر تقدر هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة مساهمتها في تغطية الاحتياجات المحلية بما لا يتجاوز 4.2 في المائة من تلك الاحتياجات بحلول عام 205، وتؤكد الدراسة ان الرؤية المستقبلية للحفاظ على احتياطي كبير من الغاز للاستهلاك المحلي وترشيد طاقة التكرير بما يلائم نمط الاستهلاك المحلي دون الوقوع في فخ انتاج كميات متزايدة من المازوت الملوث للبيئة والذي يصعب تسويقه مستقبلا تقتضي التوسع في تزويد معامل التكرير بطاقة للتكسير بحيث يتحول الفائض من المازوت الى منتجات خفيفة كالبنزين والسولار وهو ما يفي باحتياجات المواصلات وفيما عدا ذلك ينبغي ان يحل الغاز كوقود محل السوائل في كل الاستخدامات ويمكن ايضا التوسع في استخدامه في السيارات وبذلك يمكن ان تنخفض طاقة التكرير اللازمة لمواجهة الاحتياجات المحلية الى النصف والتخلص من المازوت الفائض الملوث للبيئة وتفادي الصعوبات المتزايدة في تصديره فضلا عن تحسين مستوى البيئة في مصر نتيجة للتوسع في احلال الغاز محل المازوت.