المؤيد لـ الشرق الاوسط : الأنظمة الداخلية ما زالت تشكل عقبة كبيرة في مفهوم السائح السعودي وأحداث سبتمبر أنعشت قطاع السفر المحلي

رئيس لجنة السياحة بغرفة الرياض: توقعات متفائلة حول طفرة سياحية مقبلة مع جذب 20 مليون زائر في فترة الـ10 سنوات المقبلة

TT

يرى الدكتور عبد الإله المؤيد، رئيس لجنة السياحة في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن السياحة الداخلية ستكون واحدة من الموارد الواعدة التي سوف تكون لها مساهمة أكبر في الناتج المحلي خلال الـ10 أعوام المقبلة حيث تتوقع الجهات الرسمية ارتفاع عدد سياح الداخل بالسعودية إلى 20 مليون سائح، مبينا أن مثل هذه التوقعات تستند إلى ما حققته السياحة الداخلية حتى الآن من تقدم، إذ تشكل السياحة الداخلية نحو 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وإيراداتها تفوق إيرادات الصناعة. وكان لـ«الشرق الأوسط» هذا اللقاء حول الجدل في السياحة السعودية مع كل إجازة تمر بها.

* تشهد السياحة الداخلية اهتماما متزايدا على كافة الأصعدة، هل ترى أن هذه الجهود حققت نتائج ايجابية ملحوظة؟

* بالفعل هناك تضافر كبير لدفع السياحة الداخلية إلى تحقيق معدلات عالية واجتذاب أعداد كبيرة من سياح الداخل السعوديين بجانب السياح الأجانب الذين بدأوا على استحياء في زيارة السعودية. وحاليا نحن في بداية طفرة سياحية و أستطيع التأكيد بان هناك طفرة سياحية مقبلة بعد 10 سنوات، ولدينا توقعات متفائلة جدا وواقعية في نفس الوقت تشير إلى إمكانية اجتذاب حوالي 20 مليون سائح سنويا في فترة لن تتجاوز 10 أعوام، كما أتوقع أن تكون السياحة المورد الثاني في السعودية بعد البترول. وهذا ليس من فراغ فقد بلغ حجم إنفاق السياح على الأنشطة السياحية ما مجموعه 63.5 مليار ريال (17 مليار دولار) في عام 2002، وايرادات السياحة حاليا أكبر من إيرادات الصناعة، كما أنها تشكل نحو 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

* معنى هذه الأرقام أن السياحة السعودية حققت نقلة ملحوظة، ما هو السر في ذلك؟

* ساعد العديد من العوامل التي شهدها العالم أخيرا على انتعاش السياحة السعودية بالداخل، أبرزها أحداث سبتمبر (أيلول)، والمشاكل التي صادفت السعوديين عند سفرهم في الخارج مما دفع الكثيرين منهم إلى إلغاء رحلاتهم إلى أميركا وأوروبا والتوجه إلى الدول العربية المجاورة، إلا أن الدول العربية التي توجه إليها السعوديون مثل مصر ولبنان، أصبحت تعاني هي الأخرى من مشاكل تخص البنية التحتية بها علاوة على ازدحامها الشديد، مما ساهم في توجه السعوديين كذلك إلى الداخل. إضافة إلى أن هناك عوامل داخلية تتمتع بها السياحة الداخلية مثل تكاليفها المنخفضة، والبعد عن المشاكل، مما يجعلها سياحة نقية تبحث عنها شريحة كبيرة من العائلات السعودية. ولا ننسى في هذا المجال الجهود التي تقوم بها الهيئة العليا للسياحة والتي نجحت في صدور العديد من الأنظمة التي تساهم إلى حد كبير في اجتذاب إعداد كبيرة من السياح.

* يشار إلى أن السعودية ليست لديها عناصر سياحية غير السياحة الدينية، ما مدى صحة ذلك؟

* لا نستطيع أن ننكر أن السياحة الدينية المتمثلة في الحج والعمرة، تمثل جانبا كبيرا من مداخيل السياحة، ولكننا حاليا نعمل على تنويع المداخيل السياحية في السعودية مع انتعاش العناصر السياحية الأخرى في الأعوام السابقة، وتشير البيانات المتوفرة إلى أن عدد رحلات السياحة المحلية قدرت بـ57.6 مليون رحلة عام 2002، بإنفاق وصل إلى 50.7 مليار ريال (13.5 مليار دولار)، وتوزعت هذه الرحلات على نحو 37 في المائة من هذه الرحلات لغرض قضاء العطلات، 25 في المائة لأداء العمرة و26 لزيارة الأصدقاء والأقارب. وقد وصل عدد الزوار الدوليين إلى 7.5 مليون فرد 22 في المائة منهم للحـج و36 للعمرة. وفي ما يتعلق بالعناصر السياحية الأخرى فإن السعودية لديها الآثار القديمة التي تجذب السياح مثل مدائن صالح في شمال المدينة والأخدود في نجران ومغارة قار في الاحساء والدرعية في الرياض. ولدينا كذلك ما يعرف بالسياحة العلاجية حيث يوجد الكثير من المستشفيات والمراكز العلاجية ذات الاسم الكبير والإمكانيات الكبيرة، والتي أثبتت قدرات عالية بإجراء العمليات والفحوصات الطبية، وحاليا يأتي كثير من الأشخاص من العديد من دول العالم للعلاج في السعودية، وغالبيتهم يصطحب أهله معه. علاوة على أن لدينا تباين ملحوظ في الأجواء، ففي الصيف مثلا لدينا على سبيل المثال الطائف وأبها والباحة، حيث الجو اللطيف المعتدل والأمطار، وفي الشتاء لدينا جدة والرياض وحائل والقصيم وغيرها، فعلي مدار العام يستطيع السائح أن يختار الأجواء التي يرغب فيها. وأيضا لدينا السياحة التسويقية حيث المراكز والمجمعات التجارية التي توفر للسائح كل احتياجاته الشرائية.

* يشار إلى أن المشاكل التي تواجه السياحة ما زالت كبيرة، ما هي أبرز هذه المشاكل من وجهة نظركم؟

* نحن حديثو عهد في مجال السياحة وما زال الوعي السياحي بالداخل ضعيف جدا لدى المواطنين، ولوقت قريب جدا لم يكن لدينا ما يسمى بالسياحة، والتي تعني قدوم سائح يزور المواقع السياحية الموجودة في السعودية، فلم يكن منظرا مقبولا لدى العامة، فالمقبلون محصورين في بعض الأغراض المتعارف عليها، وهي الحج والعمرة أو العمل. وحاليا نعمل على ترسيخ الثقافة السياحية الداخلية والتحول إلى مفهوم السياحة على المستوى العالمي والذي يعني قدوم أي شخص من أي مكان في العالم إلى زيارة السعودية بتأشيرة سياحة. وعلى الرغم من قيام الجهات المسؤولة بوضع الأنظمة التي تساهم في إيجاد ثقافة السياحة، إلا أننا كمجتمع ما زلنا نحتاج إلى تغيير ذهني لتقبل مفهوم السياحة الخارجية. الأمر الثاني أن الأنظمة الداخلية ما زالت تشكل عقبة كبيرة في مفهوم السائح، فمثلا ما زالت الكثير من مدن الملاهي لا تستقبل جميع أفراد العائلة الواحدة مجتمعين، فالنساء يسمح لهن في يوم والرجال في يوم آخر، وهذا يحد كثيرا من الإقبال على الملاهي. كما اننا ما زلنا نفتقر لجهة تتولى مسؤولية الأمن السياحي كما هو الحال في العديد من الدول السياحية سواء العربية أو الأجنبية، وهو الذي يتعامل مع السياح ويحميهم من المشاكل.

* إذا تعلق الأمر بثقافة سياحية فإن الأمر يبدو أكثر مشقة في إزالة مثل هذه العقبات أو انه سوف يحتاج إلى وقت طويل؟

* بالفعل الأمر يحتاج الى تضافر الكثير من الجهود، إلا أن ما يبشر في هذا المضمار أن جهودنا كانت تلاقي سابقا معارضة كبيرة ورفضا تاما، بحجة أن السياحة سوف تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع، إلا أن الأمر الآن اختلف فأصبح المفهوم السائد حاليا هو القبول بالسياحة ولكن في ظل وضع ضوابط للسياحة في السعودية، وهذا تطور يجدر الإشادة به، وهذا يتوافق تماما مع التعليمات والتنظيمات التي تم وضعها سواء من الهيئة العليا لتنظيم السياحة والجهات واللجان المسؤولة والتي تقضي بفتح باب السياحة على مصراعيه مع الحفاظ على الثوابت الدينية والاجتماعية في السعودية.

* إذن ما هي ابرز الخطوات التي تم اتخاذها لتنشيط السياحة الداخلية حاليا؟

* نود التأكيد أننا ما زلنا نتلمس طريقنا في السياحة وقد وضعت الهيئة العليا للسياحة استراتيجية للنهوض بالسياحة في السعودية، إلا أن الأمر يسير بخطوات مدروسة، خاصة أن مساحة السعودية كبيرة. ونحن حاليا بذلنا جهودا كبيرة في بعض المناطق الرائدة في مجال السياحة، مثل عسير والباحة وجدة وحاليا منطقة الرياض وحائل، وهناك برامج تنشيطية كبيرة لدى الهيئة العليا للسياحة وأصبحت لجان تنشيط السياحة من اللجان الرئيسية في الغرف التجارية الصناعية، وتزايد الاهتمام بالآثار القديمة، وشكلت إدارة عامة للعناية بالآثار.