وزير البترول السعودي يؤكد في كلمته بمؤتمر في المعهد الملكي بلندن على اتجاه تدريجي نحو رفع طاقة الإنتاج إلى 12.5 مليون برميل يوميا

النعيمي: المعروض العالمي من النفط أعلى قليلا من الطلب والسعودية لا تتوقع تحول أوبك عن بيع البترول بالدولار

TT

قال وزير البترول السعودي علي النعيمي أمس ان أوبك لن تدرس التحول عن مبيعات النفط المقومة بالدولار رغم انخفاض قيمة العملة الأميركية. وأدى هبوط الدولار الذي اشارت اليه أوبك من قبل كمبرر لاستمرار ارتفاع أسعار النفط الى انخفاض القوة الشرائية لدول اوبك من السلع والخدمات من الاقتصادات غير المتعاملة بالدولار مثل منطقة اليورو.

وقال النعيمي في مؤتمر انطلقت فعالياته في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن امس وتستمر اعماله حتى اليوم «لا نرى فارقا كبيرا اذا تحولنا الى عملة أخرى أو الى سلة عملات. كل فرق المحللين الاستراتيجيين قالت انه ليس هناك ما يدعو للتغيير». وأضاف «الدولار مازال مستخدما في التجارة الدولية والدول مازالت تستخدمه لدعم الاحتياطيات... لا يجري بحث التحول (عن الدولار) بجدية»، وتحول منتجي النفط الى اليورو من شأنه زيادة الطلب على العملة الاوروبية الموحدة من جانب مستوردي النفط ومن المحتمل أن يقود الى قيام اليورو بدور أكبر في الاحتياطيات بالعملات الاجنبية في البنوك المركزية.

وتحدث النعيمي في كلمته عن الاقتصاد السعودي وما شهده من تطورات في النمو على مختلف الاصعدة، حيث أكد في كلمته بالقول: ان الاقتصاد السعودي، في الوقت الحاضر، يُسجل زيادة كبيرة في اجمالي الناتج المحلي بلغت اكثر من 7 %في هذا العام، وزيادة في نشاط سوق الاسهم التي تضاعفت اكثر من ثلاث مرات من حيث الاسعار وحجم التداول على مدى السنتين الماضيتين. ومع التزايد المطرد في نشاط سوق الاسهم السعودية فانها تحتل الآن المرتبة الحادية عشرة عالميا فيما يتعلق بقيمة الاسهم المتداولة. هذه المكتسبات في سوق الاسهم تعود الى نمو حقيقي في اعمال اهم الشركات المدرجة، وليس مجرد مضاربات. كما ان الاستثمارات المحلية والعالمية تتزايد بصورة متسارعة في جميع قطاعات الاقتصاد وخاصة قطاعي الصناعة والخدمات.

واوضح النعيمي في كلمته بان الانتعاش الاقتصادي الكبير يستند الى عاملين مهمين، اولهما الزيادة التي شهدتها اسعار البترول وارتفاع انتاج البترول السعودي خلال هذا العام والعام الماضي، وثانيهما، وهو الاهم من الناحية الاستراتيجية، الاصلاحات الاقتصادية التي اطلقها الامير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، قبل نحو خمس سنوات.

وبالاضافة الى اعادة هيكلة بعض القطاعات مثل المياه والكهرباء، والعمل، والتجارة، والصناعة، اتخذت خطوات اخرى عديدة لدفع عملية الاصلاح شملت، على سبيل المثال، انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى في اغسطس (آب) 1999، والهيئة العامة للاستثمار في ابريل (نيسان) 2000 لتسهيل الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وكذلك انشاء الهيئة السعودية للاتصالات وتقنية المعلومات في عام 2000، وانشاء هيئة سوق المال في يونيو (حزيران) 2003. كما شملت مبادرات الاصلاح كذلك اصدار مجموعة من الانظمة والاستراتيجيات المبسطة للمستثمرين مثل نظام الاستثمارات الاجنبية في ابريل 2000، ونظام الاتصالات في مايو (ايار) 2000 الذي مهد الطريق لتخصيص وفتح هذا القطاع المهم امام الاستثمارات، ونظام السوق المالية في عام 2003 الذي وضع الاطار التشريعي والتنظيمي للاسواق المالية، ونظام التأمين في يوليو (تموز)، ونظام ضريبة الشركات في يناير (كانون الثاني) 2004، واستراتيجية الخصخصة في يونيو 2002.

هذه الاصلاحات انجزت في مناخ من الكفاءة والشفافية مع تخفيض القيود الحكومية، وتوفير المزيد من الفرص للاستثمارات الاجنبية مع التأكيد على الاخذ بأمثل المعايير الاخلاقية والتجارية، مما نتج عنه تطور مهم ساهم في تعزيز الاقتصاد السعودي، وزاد من جاذبية المملكة بالنسبة للاستثمارات المحلية والدولية.

ولايضاح دور هذه التطورات والاصلاحات، اورد بعض المشاريع التي تمت اخيرا في قطاعي البترول والمعادن، فقد قامت المملكة بتخصيص لقيم الغاز الطبيعي لأربعة وعشرين مشروعا اضافيا للبتروكيماويات والمرافق المصاحبة باستثمارات اجمالية بلغت نحو 30 مليار دولار. هذه المشاريع الاضافية ستنتج 20 مليون طن متري من البتروكيماويات سنويا، و3600 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، و250 مليون جالون من المياه المحلاة يوميا و2.6 مليون طن سنويا من الحديد، ومن المقرر ان يبدأ تشغيل هذه المشاريع ما بين عام 2006 الى عام 2010، كما انه من المتوقع ان يبلغ انتاج المملكة الكلي للبتروكيماويات نحو 70 مليون طن متري في عام 2010.

كذلك تم فتح الباب امام الاستثمارات العالمية في مجال استكشاف وانتاج الغاز في مناطق محددة داخل المملكة خلال العام الماضي، وقد قامت الحكومة باعادة هيكلة قطاع الاستثمار لتشجيع تدفق رؤوس الاموال الاجنبية الى المملكة، وتمشيا مع هذا النهج تم اصدار نظام امدادات الغاز وتسعيره وطريقة تطبيقه، آخذا في الاعتبار، تنظيم جميع اوجه هذا القطاع الهام مع حفظ حقوق المستثمر والمنتج. كما تم اصدار نظام خاص للضرائب يطبق فقط على المستثمرين في قطاع الغاز الطبيعي وذلك بهدف تشجيع الاستثمار في هذا القطاع المهم في المملكة، ويسمح هذا النظام الضريبي للمستثمرين بالحصول على عوائد مجزية من استثماراتهم مع تحقيق ايرادات عادلة للمملكة. ونتيجة لهذا القرار الذي تم بشفافية عالية، فقد تم منح اربع مناطق استكشافية لبعض الشركات العالمية التي بدأت فعليا نشاطها الاستكشافي في هذه المناطق.

كما اعددنا اخيرا خطة لزيادة الطاقة الانتاجية القصوى للمملكة تدريجيا الى 12.5 مليون برميل في اليوم. وتتطلب هذه الخطة القيام بالكثير من الاعمال في الحقول القديمة والجديدة خلال السنوات القليلة القادمة، وتم بالفعل تحديد المكامن والحقول لزيادة طاقتها الانتاجية. وتعكس خطة الاستثمار لزيادة الطاقة الانتاجية الى هذا المستوى توقعنا باستمرار تصاعد الطلب على البترول السعودي خلال السنوات القادمة، كما تعكس في الوقت نفسه رغبتنا في المحافظة على طاقة انتاجية فائضة لا تقل عن 1.5 مليون برميل في اليوم. وكما حدث في الماضي، فقد ساعدت الطاقة الانتاجية الفائضة على استقرار السوق البترولية وذلك بضخ المزيد من البترول في حالات نقص الامدادات او زيادة الطلب بشكل كبير غير متوقع.

وعلى المدى البعيد، فقد تمت دراسة رفع الطاقة الانتاجية للمملكة الى 15 مليون برميل يوميا، وقد يتم البدء في تنفيذها اذا تطلب الاستهلاك العالمي ذلك.

والى جانب التوسع في الصناعات البتروكيماوية التي تعتمد على الموارد الهيدروكربونية، فان المملكة ترحب ايضا بالاستثمارات المحلية والعالمية الجديدة في اعمال تكرير البترول من حيث تشجيع المستثمرين على بناء مصاف جديدة على ساحل المملكة الشرقي او الغربي، مع تقديم المساعدات المطلوبة بما في ذلك توفير امدادات البترول بأسعار السوق العالمية.

وسيتم مطلع العام القادم فتح العطاءات الخاصة بانشاء خط سكة حديد يربط بين اقصى شمال المملكة ومنطقة الخليج مرورا بمدينة الرياض بطول 1500 كيلومتر وبتكلفة قدرها 1.5 مليار دولار. وسوف يسهم هذا المشروع وغيره من المشاريع ذات الصلة عند انجازها في ضخ مزيد من القوة للاقتصاد السعودي، وسوف تستغل هذه المشاريع الكميات الكبيرة المتوفرة من الفوسفات والبوكسايت في شمال المملكة الى جانب الموارد البترولية والغاز والكبريت لانشاء صناعات جديدة. وستبلغ الاستثمارات الاجمالية المتوقعة في مشاريع التعدين هذه نحو سبعة مليارات دولار، ولدعم هذه المشاريع، بدأت الاعمال الانشائية لاقامة منطقة صناعية جديدة في رأس الزور شمال مدينة الجبيل على الخليج العربي. وبنهاية هذا العقد، ستصبح المملكة واحدة من الدول الرائدة في انتاج الاسمدة والالومنيوم.

وأود هنا التحدث عما قمنا بعمله في مجال استثمار وتطوير الغاز، حيث تمت اضافة حوالي 54 تريليون قدم مكعبة الى احتياطيات السعودية من الغاز غير المرافق خلال العقد الماضي فقط، وبذلك تتضاعف احتياطيات الغاز غير المرافق الى 97 تريليون قدم مكعبة مما ساهم في رفع اجمالي احتياطيات الغاز الثابت الى نحو 235 تريليون قدم مكعبة، وتأتي احتياطيات الغاز في السعودية في المرتبة الرابعة عالميا، اضافة الى ذلك ارتفعت طاقة المملكة التسويقية للغاز الى 7.5 بليون قدم مكعبة في اليوم خلال السنوات الخمس الماضية، علما ان متوسط استهلاك الفرد من الغاز في المملكة يعتبر من اعلى المستويات العالمية.

ان النظرة المستقبلية للاصلاح الاقتصادي واعادة الهيكلة تبشران بالخير اكثر من أي وقت مضى، وهنا اود ان اشير الى الاهتمام الكبير بالموارد البشرية الوطنية من حيث التعليم والتدريب لايجاد الكفاءات المؤهلة، ونعمل على زيادة القوى العاملة في المجالات الفنية التي ستحتاجها المملكة في المستقبل، حيث ستزداد القدرة الاستيعابية للمعاهد الفنية والكليات بنسبة تبلغ اكثر من 250% خلال السنوات السبع القادمة.

وقال النعيمي ان قوة الاقتصاد العالمي تشير الى أنه لم يكن هناك أثر يذكر على النمو العالمي من ارتفاع أسعار النفط بنسبة 50 في المائة هذا العام ليقترب سعر الخام الأميركي من 50 دولارا للبرميل. وأضاف «السعر لا يؤثر على النمو بدرجة كبيرة على الاطلاق، وتشير التوقعات اليوم الى أن النمو العالمي يزيد بما بين اربعة و4.5 في المائة، وهذا يعني أن الاسعار ليس لها أثر سلبي». ويرى النعيمي ان السعر الحالي للخام الأميركي مبالغ فيه بما بين عشرة دولارات و15 دولارا بسبب المخاوف من نقص الامدادات والتوترات السياسية، وقال ان هناك «علاوة خوف.. الخوف من التوترات والخوف من الندرة والخوف من الافتقار لطاقة انتاجية غير مستغلة، وكل هذا الخوف أضاف ما بين عشرة و15 دولارا لسعر الخام». وكانت المخاوف من الافتقار للاستثمار في انتاج جديد وتناقص الطاقة الانتاجية غير المستغلة من أجل الوفاء بالطلب العالمي المتزايد من العوامل الرئيسية وراء ارتفاع الاسعار هذا العام.

وقال النعيمي ان الرياض تضع خططا لزيادة طاقتها الانتاجية الى 12.5 مليون برميل يوميا من 11 مليون برميل يوميا حاليا في سوق النفط العالمية التي يبلغ حجمها 83 مليون برميل يوميا.

وأضاف «على المدى الاطول ندرس سيناريوهات لزيادة الانتاج الى 15 مليون برميل يوميا اذا اقتضى الطلب العالمي ذلك». وتابع «كل ذلك يظهر رغبتنا في الابقاء على طاقة انتاجية غير مستغلة معقولة لا تقل عن 1.5 مليون برميل يوميا». وبدأت السعودية في الفترة الاخيرة العمل في حقول جديدة لزيادة طاقتها الانتاجية بمقدار 500 الف برميل يوميا الى 11 مليونا، لكنها لم تأخذ أي قرار بعد بشأن ما اذا كان الطلب العالمي يحتمل الاستثمار لابعد من ذلك. وقال النعيمي ان الانتاج الفعلي يبلغ 9.5 مليون برميل يوميا.

وردا على طلب بالتعليق على سوق النفط قبل اجتماع أوبك المقرر عقده في القاهرة يوم العاشر من ديسمبر (كانون الاول) المقبل، قال النعيمي ان مخزونات الخام العالمية تنمو بشكل يبعث على الارتياح، لكن البعض داخل أوبك ومنها ايران يشعر بالقلق من أن تنمو المخزونات بدرجة كبيرة هذا الشتاء ويريد من أوبك الاتفاق في اجتماعها في القاهرة على انهاء تجاوزات الانتاج والعودة لسقف الانتاج الرسمي.

الا ان النعيمي قال ان مخزونات المنتجات النفطية مازالت ضعيفة، وأضاف «ان المعروض العالمي من النفط يفوق بقليل الطلب، والمخزونات تنمو بشكل يبعث على الارتياح. أدرك أن بعض المنتجات مثل وقود التدفئة ليست عند المستويات المطلوبة لكن مع عودة المصافي للانتاج بعد عمليات صيانة دورية ستصبح السوق أكثر توازنا». واضاف ان الرياض ستزيد صادراتها من الخام العربي الخفيف فائق الجودة للحد من النقص في الخامات الخفيفة في السوق العالمية، مشيرا الى اننا «سنبذل ما بوسعنا لتكرير الخامات الثقيلة في السعودية لان مصافينا أكثر تطورا، ونحن نبذل ما في وسعنا وسنبذل المزيد». وفي السياق ذاته قال حسين كاظمبور اردبيلي المندوب الايراني الدائم لدى اوبك لرويترز أمس ان اسواق النفط بها وفرة في المعروض تبلغ نحو مليوني برميل يوميا وانه ينبغي لاوبك خفض الامدادات لتعود الى مستويات حصص الانتاج الرسمية. واضاف قائلا في رد على اسئلة عبر البريد الإلكتروني «يمكنني القول اننا في اوبك يجب أن نعود الى حصص الانتاج اولا لان السوق بها وفرة في المعروض تبلغ نحو مليوني برميل يوميا». وارتفع سعر خام برنت مزيج القياس الاوروبي في التعاملات الاجلة في بورصة البترول الدولية أمس نظرا لضعف الدولار وبعد أن قالت ايران ان أوبك يجب ان تحد من امداداتها من النفط الخام لتصل الى سقف انتاجها الرسمي. وقال المتعاملون ان توقف الانتاج في حقول نفط وغاز في النرويج وبريطانيا أسهم كذلك في دعم الاسعار. وقال متعامل «اذا استمر الدولار في الانخفاض فان أسعار النفط ستواصل الارتفاع». وسجل سعر برنت في عقود يناير (كانون الثاني) 45.27 دولار للبرميل بارتفاع 70 سنتا. وارتفع سعر الخام الأميركي الخفيف في بورصة نايمكس سنتين الى 49.46 دولار للبرميل بعد أن أغلقت البورصة ابوابها يومي الخميس والجمعة بمناسبة عطلة رسمية. واشارت أوبك من قبل الى انخفاض سعر الدولار أمام العملات الرئيسية الاخرى كمبرر لبقاء أسعار النفط العالمية المقومة بالدولار مرتفعة. وبلغ سعر السولار في بورصة البترول الدولية 444.25 دولار للطن بارتفاع 3.50 دولار. وقالت وكالة أنباء أوبك (أوبكن) أمس ان سعر سلة خامات أوبك هبط الى 38.89 دولار للبرميل يوم الجمعة من 39.06 دولار يوم الخميس.