إجراءات مصرية جديدة لضبط أداء سوق الصرف الأجنبي تتعلق بالاستيراد وتسييل الودائع الدولارية لجهات حكومية

TT

تدرس الحكومة المصرية اتخاذ قرارات أخرى لضبط الأداء في سوق الصرف الأجنبي، ومن المنتظر حسبما صرح مسؤول بوزارة الاقتصاد أن تتعلق تلك القرارات بمجال الاستيراد حيث طلب رئيس الوزراء المصري الدكتور عاطف عبيد من الوزارات والجهات المعنية تقارير تحليلية مفصلة وعاجلة عن الواردات المصرية من الخارج وتحديد نسب الخامات والسلع الوسيطة بها، والتي تم استخدامها في صناعة سلع جرى تصديرها الى السوق العالمي، وكذا تحديد المكونات التي دخلت في سلع استهلكت في السوق المحلي. وأضاف أن قائمة الاجراءات الجديدة التي يجري التحضير لها تتضمن اللجوء لاستخدام الودائع الدولارية للجهات الحكومية لزيادة المعروض من الدولار في الاسواق، موضحا انه يجري حاليا حصر 14 جهة في هذا الصدد تشمل الوزارات وشركات التأمين وشركات قطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية والخدمية، ذلك فضلا عن دراسة امكانية تسعير الخدمات الفندقية بالجنيه المصري بالاضافة الى منع البنوك من النزول لشراء دولارات من شركات الصرافة ووقف اقراض العملاء بالجنيه بضمانات الودائع الدولارية بهدف تشجيع الشركات والأفراد الذين يمتلكون حسابات بالدولار على تسييل ودائعهم الدولارية وضخها في السوق.

ونفى المسؤول تفكير الحكومة في العدول أو تعديل الاجراءات الأخيرة التي اتخذتها لضبط سوق الصرف خاصة بشأن شركات الصرافة وزيادة رأسمالها الى 10 ملايين جنيه، مؤكدا ان الحكومة تراقب شركات الصرافة بدقة تحسبا لأية ممارسات ضارة من شأنها اعادة تفعيل السوق السوداء، متوقعا ان تقضي هذه القرارات على ظاهرة تخزين الدولار بدعوى ان حائزي هذه العملة لن يجدوا أمامهم بعد فترة استقرار الدولار سوى بيع ما لديهم من دولارات خاصة في ظل انخفاض اسعار الفائدة على الدولار مقارنة بالجنيه. الى ذلك مازال الترقب والحذر يسيطران على سوق صرف النقد الأجنبي المصري نظرا لضآلة المعروضات سواء في البنوك أو شركات الصرافة وبدء ظهور السوق السوداء مجددا. ورغم التأثير القوي لقرارات الحكومة المصرية الأخيرة لضبط سعر الصرف واعادة هيكلة شركات الصرافة بزيادة رأسمالها الى 10 ملايين جنيه ومنعها من التعامل في أية نشاطات مصرفية واحكام رقابة شديدة على تعاملاتها، رغم كل هذه التدابير الصارمة التي أدت لتراجع سعر الدولار رسميا بنحو 40 قرشا الا أن الأوضاع مازالت غامضة، ويرى المراقبون وخبراء الاقتصاد ان حالة عدم الوضوح ربما تمتد لفترة حتى يتكيف السوق مع القرارات الجديدة التي يعتبرها الكثير من الخبراء مجرد مسكنات مؤقتة لن تصلح على المدى البعيد، وأن نجاحها في ضبط الأداء داخل سوق الصرف ما زال محل شكوك كثيرة، خاصة ان تراجع الدولار كان بفعل تدخل حكومي ولم يكن نتاج تفاعل حقيقي لقوى العرض والطلب، كما يؤكد الخبراء ان القرارات الأخيرة لن تكفي بمفردها في وزن المعادلة المختلة واعادة الاستقرار لاسعار الصرف بدليل ظهور سعر ثالث خارج نطاق البنوك وشركات الصرافة، علاوة على أن هذه القرارات ربما تخلف تداعيات سلبية في أذهان المستثمرين الأجانب وتثير شكوكهم ومخاوفهم تجاه استثمار أموال جديدة داخل المشروعات المصرية. واعتبر رئيس المركز العربي للدراسات والاستثمارات المالية والمصرفية الدكتور نبيل حشاد نظام سعر الصرف الجديد أقرب للتثبيت منه للتعويم حيث أن الهامش هو 1% يوميا و2% سنويا، موضحا انه هامش ضيق، وانه على الرغم من أن مثل هذا النظام قد يكون مناسبا في الوقت الراهن ولفترة قصيرة لكبح جماح الدولار إلا انه لن يصلح على المدى البعيد، مشيرا الى انه من الأنسب تبني نظام سعر صرف يتسق وظروف وامكانيات الاقتصاد سواء كانت امكانيات وموارد مادية أو مالية وكذا درجة الانفتاح الكبيرة للسوق المصرية على الأسواق المالية الدولية.

وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم من أن يؤدي هذا النظام لاستنزاف جزء كبير من الاحتياطيات الدولية، مشيرا الى خطورة استمرار تدخل البنك المركزي وتغطيته لمراكز البنوك المكشوفة لتلبية طلبات العملاء خاصة بعد التراجع الحاد من الدولار المعروض في شركات الصرافة، موضحا ان البنك المركزي ضخ في الشهر الماضي نحو 700 مليون دولار لهذا الغرض ويدرس حاليا طلبات من 14 بنكاً لضخ كمية جديدة من الدولارات، مؤكدا ان استمرار هذا المعدل يمثل خطورة بالغة على الاحتياطيات الدولية، كما ان عدم الوضوح وغياب سياسة نقدية تتمتع بالشفافية يثير مخاوف الاستثمارات الاجنبية في الوقت الذي تحتاج فيه مصر لنحو 5 مليارات دولار لموازنة المدخرات مع الناتج المحلي وتحقيق معدل النمو الوارد في الخطة (7%).

ويوكد رجل الاعمال عبد الستار عشرة ان مواجهة تداعيات الموقف في سوق الصرف يجب ان يمتد لعلاج قطاعات أخرى في مقدمتها الافراط الاستيرادي، مشددا على ضرورة اصلاح ميزان المدفوعات والحد من الاستيراد الاستهلاكي وهو ما سوف يؤدي لتقليل الطلب على الدولار ومن ثم توافره في السوق، موضحا ان الوضع الحالي يكلف الدولة خروج ملياري دولار سنويا تمثل الفارق في سعر الصرف.