خسائر الطوفان والزلزال تركزت على السياحة والمواصلات

سري لانكا الأكثر تضررا وقطاع النفط الإندونيسي نجا

TT

سنغافورة ـ رويترز: قرى وسواحل بكاملها زالت من الوجود نتيجة الأمواج العاتية التي اجتاحت جنوب شرقي آسيا عقب الزلزال المدمر. هذه المناطق كانت تحترف الصيد وتقدم منتجعات سياحية فاخرة. مع ذلك تبقى التكلفة الاقتصادية أدنى بكثير من البشرية. وسيكون اقتصاد سري لانكا الأشد تضررا. بينما يتعين على قطاع السياحة المهم في تايلند أن يستعيد قوته مرة أخرى بعد النكسات التي تعرض لها بسبب انتشار مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد «سارز» واضطرابات سياسية أخرى. ومن المتوقع أن تعاني اقتصادات وأسواق آسيا كثيرا من ضربة خاطفة بسبب الكارثة التي وقعت الأحد وراح ضحيتها أكثر من 16.400 شخص بعد أن أسفر أقوى زلزال في 40 عاما عن موجة هائلة على شكل جدار مائي بارتفاع عشرة أمتار اجتاح شواطئ المحيط الهندي. وقال ليان تشيا ليانج الاقتصادي في جيه.بي مورجان تشيس في سنغافورة «اتوقع بعض الآثار على المدى القريب لهذه الأحداث المؤسفة لكننا لن نخفض تقديراتنا لمعدل النمو نتيجة لذلك». وتابع أن الانفاق على إعادة بناء الفنادق المحطمة والبنية الاساسية قد يعوض تراجع عائدات السياحة في الاشهر القليلة المقبلة. وتابع ليان المتخصص في الاقتصاد التايلندي «تايلند هي الأكثر تضررا من حيث السياحة، لكن التداعيات الاقتصادية للكارثة ستكون محدودة الى حد كبير». وفي حين طلبت سري لانكا المساعدة الدولية وبدأت منظمات الاغاثة العالمية في العمل، قال صندوق النقد الدولي انه مستعد للمساعدة قدر استطاعته. لكن أسواق المال لم تشهد سوى اضطرابات طفيفة. فتهاوت بعض أسهم شركات السياحة والسفر والتأمين. وهبط مؤشر البورصة التايلندية بنسبة 1.6 في المائة. لكن البات التايلندي والروبية الاندونيسية لم تفقدا سوى ربع نقطة مئوية من قيمتهما في حين ارتفعت بورصة بومباي بنسبة 0.6 في المائة. وقال ارجونا ماهندران كبير الاقتصاديين في كريدي سويس في سنغافورة إن بورصات جنوب شرقي آسيا تهيمن عليها الشركات العقارية والبنوك وشركات الصناعات التصديرية التي لن تتضرر بدرجة تذكر بالكارثة. وأضاف «لا اعتقد انه ستكون هناك تداعيات خطيرة».

بدوره قال ماهندران الذي كان يرأس مجلس الاستثمار في سري لانكا إن الكارثة ستؤخر اقتصاد الجزيرة لمدة عام وقد تسفر كذلك عن معدل نمو سلبي في الربع المقبل. وشهدت سري لانكا تدفقا قياسيا للسياح تجاوز نصف مليون سائح في عام 2003 بفضل وقف إطلاق النار في العام السابق في حرب أهلية استمرت عقدين بين متمردي التاميل والحكومة. وكانت الحكومة تأمل في مضاعفة عدد السياح بحلول عام 2010. لكن أعاصير المد الزلزالية التي قتلت 4900 شخص في سري لانكا وشردت مئات الآلاف دمرت خطوط المواصلات بين كولومبو والمزارات السياحية الرئيسية في جنوب الجزيرة، حيث تضررت بشدة مجموعة من الفنادق الفاخرة. وقال ماهندران «هذه صفعة قوية لان السياحة هي القطاع الأسرع نموا في الاقتصاد... سيتعين اعادة مد الطرق والسكك الحديدية وسيستغرق ذلك نحو عام». جاء ذلك في توقيت بالغ السوء بالنسبة لسري لانكا لان قطاعها الصناعي الاكبر وهو صناعة المنسوجات يستعد لتسريح عدد كبير من العاملين بسبب انتهاء العمل بنظام الحصص التصديرية اعتبارا من الاول من يناير (كانون الثاني) المقبل مما يتركه في مواجهة منافسة عاتية من منتجي الصين والهند. وفي تايلند حيث يشكل 12 مليون سائح يزورون البلاد سنويا نحو ستة في المائة من اجمالي الناتج المحلي البالغ 160 مليار دولار قال نوتشجارين كاسمسوكورارات من اس.سي.بي سكيوريتيز، إن الكارثة قد تلحق اضرارا بالثقة اكثر مما تلحق أضرارا بالانتاج. وأضاف «يمكنني القول إن معنويات السوق تضررت بشدة».

لكن انوسورن تاماجاي الاقتصادي في بنك تاي استبعد أن تتضرر السياحة من موجة المد بقدر ما تضررت من انتشار مرض سارز في العام الماضي عندما انخفض عدد السياح بنسبة 7.4 في المائة، أو بقدر ما تضررت من اندلاع أعمال عنف سياسية هذا العام في جنوب البلاد. وأضاف «سيكون لها أثر كبير على السياحة لكن طابعه غير معدٍ». وقال ساني حميد محلل أسواق الصرف في فوركاست سنغافورة «قد يؤثر ذلك على السياح من الناحية النفسية لمدة شهر أو اثنين ثم تعود الامور لطبيعتها». وفي الهند نجا أهم شاطئين يجذبان السياح هما كيرالا وجوا يقعان على الساحل الغربي ونجيا من موجة المد. وتضررت مدراس واندرا براديش على الساحل الشرقي بشدة لكنهما ليستا من مناطق الجذب السياحي. وقال سوباش جويال رئيس اتحاد شركات السياحة الهندية لـ«رويترز» :«لا أتوقع أي أثر كبير على تدفق السياح».

وقتل 5700 على الأقل في الهند، لكن وزير المالية بي. تشيدامبارام قال انه لا يتوقع أي أضرار مالية كبيرة من جراء الكارثة. وأبلغ الصحافيين «يمكننا مواجهة الكارثة وسيتم توفير الأموال اللازمة لذلك». وفي اندونيسيا حيث أعلن مقتل 4500 شخص أبدى المسؤولون اطمئنانهم كذلك بشأن توقعات الآثار المالية. وقال مسؤول من وزارة المالية إن الحكومة ستتمكن من تمويل أي زيادة في عجز الميزانية بسبب موجة المد التي دمرت أجزاء من إقليم اتشيه. ونجت وحدة الغاز الطبيعي المسال على جزيرة سومطرة الشمالية التي يقع مركز الزلزال الذي أحدث الموجة قبالتها.