الدول العربية تبدأ باستعادة ثقلها الاقتصادي بين دول العالم مع التطبيق الكامل لمنطقة التجارة الحرة السبت المقبل

وكيل وزارة المالية السعودية للشؤون الاقتصادية: التجارة البينية بين الدول العربية لا تتجاوز 10% والمنطقة الحرة ستعززها

TT

يشهد السبت المقبل الموافق التطبيق الفعلي الكامل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تنص على التخفيض الجمركي بنسبة 100 في المائه بين 17 دولة عربية، في الوقت الذي يأمل فيه أغلب رجال الأعمال العرب بأن تسهم هذه المنطقة في زيادة التجارة البينية بين الدول العربية والتي لا تتجاوز 10 في المائه، إضافة إلى استعادة قوة الاقتصاد العربي بالنسبة لمجل الاقتصاد العالمي.

وشهدت الأعوام الماضية انخفاض تكتل حجم التجارة العربية من 10 في المائة إلى أقل من 3 في المائة لمجمل الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي شهدت فيه بعض الدول نمواً كبيراً في ثقلها الاقتصادي في العالم والتي منها الصين، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تبلغ حجم تجارتها في العالم نحو17 في المائة، إذ أن حصة التجارة العربية انتقلت من9.1 في المائة إلى 2.7 في المائة من التجارة العالمية، بعد أن كانت تشكل الصادرات العربية 12.5 في المائة من الصادرات العالمية لتصبح حاليا أقل من 2.5 في المائة، ورافقها انخفاض أهمية الواردات العربية من 5.8 في المائة إلى 2.7 في المائة من الواردات العالمية، تأتي اهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لتوفر نوعا من التوازن بين التكامل الاقتصادي العربي من خلال فتح الاسواق العربية والانفتاح على الاقتصاد العالمي بثقة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور حمد البازعي وكيل وزارة المالية السعودية للشؤون الاقتصادية أن وجود منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ستعمل على تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية خاصة ان نسبتها منخفضة لا تتجاوز 10 في المائة من مجمل التجارة العربية الخارجية، مشيراً إلى أن منطقة التجارة الحرة ستنعكس إيجاباً على نمو الصناعات العربية المحلية وعلى التجارة العربية ونموها على الصعيد العالمي.

وذكر البازعي أن التطبيق الفعلي لمنطقة التجارة الحرة الكبرى العربية بدأت بالتدريج منذ عام 98 بنسبة خفض تصل 10 في المائة، لتصل نسبة التخفيض إلى الآن 80 في المائة للرسوم الجمركية، بعد صدور قرار القمة العربية قبل نحو سنتين للإسراع بتطبيق منطقة التجارة الحرة العربية لتكون مع بداية 2005 بدلا من عام 2007، مشيراً إلى أن السعودية تنفذ الاتفاقية لتصل نسبة التخفيض الجمركي مع مطلع يوم السبت المقبل 100 في المائة.

وبين البازعي أن من ضمن اشتراطات منطقة التجارة الحرة وجود شهادات المنشأ التي تثبت أن السلع عربية المنشأ، مشيراً إلى أن قواعد المنشأ ما زالت في مرحلة الدراسة في إطار جامعة الدول العربية، إذ من المفترض أن يكون هنالك تميزا بين السلع العربية وغير العربية أو العربية وغير المؤهلة للإعفاء وفق اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية، وأضاف بقوله «اعتقد أنه لا بد من وجود إجراءات تحدد السلع التي يتم تطبيق التخفيض الجمركي عليها وفق لقواعد شفافية وتعزز التبادل التجاري العربي البيني».

وشدد البازعي على ضرورة أن تعمل الجهات المسؤولة في الدول العربية على التطبيق الفعلي لاتفاقيات منطقة التجارة الحرة الكبرى العربية، خاصة أن هنالك ضعفا في إلتزام بعض الدول العربية بالاتفاقية، إذ ما زال التطبيق غير كامل كما ينبغى، إلا أنه يبقى الأمل أن تعمل على تنفيذ وتطبيق تلك الاتفاقيات لمصلحة الاقتصاد العربي.

وأكد أن السعودية ملتزمة بالاتفاقية وتنفذها لقناعتها بأن تلك الاتفاقية مفيد لكافة الدول العربية وأن عدم الإلتزام من بعض الدول العربية في تطبيق ما أتفق عليه قد يعرقلها نوعاً ما، مشيراً إلى أن هنالك اجتماعا للمجلس الاقتصادي العربي سيعقد في العاصمة اليمنية صنعاء في فبراير (شباط) المقبل لمتابعة هذا الموضوع لما له من فائدة لكافة الدول العربية وتحقيق المصلحة للجميع.

إلى ذلك ذكر لـ«الشرق الأوسط» كمال سناده نائب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية أن إكتمال منطقة التجارة الحرة الكبرى العربية يأتي بعد عمل لمدة سنوات طويلة وتجاوز الكثير من العقبات التي من شأنها زيادة قوة الاقتصاد العربي، مضيفاً ان جامعة الدول العربية ستعمل على مراقبة أعمال المنطقة الحرة العربية وتحديد الشروط والضوابط التي تعمل لأجلها دون اختراق بقية الاتفاقيات الأخرى.

وبين سناده أن العراقيل التي واجهة تطبيق اتفاقية منطقة التجارة الحرة الكبرى العربية مختصة بسياسات بعض الدول العربية، في الوقت الذي لا بد فيه من مراجعتها مع متطلبات المنطقة العربية وإزالة كافة الخلافات وإجراء الكثير من التشريعات التي تعمل على تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية وتجارتها العالمية.

وأشار سناده الى أنه تم تشكيل لجنة في جامعة الدول العربية للتعرف على جوانب القصور في تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية وتذليل كافة العقبات التي تواجهها، في الوقت الذي تعمل فيه جامعة الدول العربية على دراسة توحيد إجراءات رسوم الجمارك بين الدول العربية، مشيراً إلى أن الدائرة الاقتصادية في جامعة الدول العربية تعمل حالياً لدراسة توحيد إجراءات الرسوم الجمركية بين الدول العربية لتقديمها للقادة العرب لاعتمادها ومن ثم تطبيقها.

وفي ذات الوقت طالب علي الشهري أحد رجال الأعمال السعوديين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بتوحيد الرؤى العربية حول القضايا الاقتصادية وأن تكون منطقة التجارة الحرة الكبرى هي إنطلاقة لتكامل اقتصادي عربي موحد وتعزيز التبادل التجاري وانفتاحها للعالمية، وأن يتم تطبيق الاتفاقية من كافة الدول العربية تحت رؤية وشفافية واضحة، على أن يتم تحديد مناطق التجارة الحرة في البلدان الأكثر مرونة في تعاملها مع المستثمرين والمصدرين والمستوردين.

إلى ذلك يتوقع أن يواجه تحرير منطقة التجارة الكبرى الحرة عدة عراقيل تتمثل في القيود الجمركية وتطبيق تخفيض الرسوم بين الدول العربية، والاشتراطات والمواصفات في الدول العربية وتعددية المواصفات لنفس المنتج والقيود الإدارية والتي منها اعادة التثمين الجمركي، والمشاكل النقدية في ظل أتخاذ بعض الدول العربية اجراءات التحويل وتعدد اسعار الصرف، إضافة إلى رسوم تصديق القنصليات على شهادات المنشأ والمبالغ المتحصلة عليها، وحصر الاستيراد بمؤسسات تابعة للقطاع العام، وقيود موسمية للاستيراد تخضع لاتفاقيات ثنائية ورخص استيراد، وعدم تطبيق الرزنامة الزراعية في كثير من الاحيان.