مصر: الريال السعودي يتراجع أمام الجنيه في ذروة موسم الحج لأول مرة منذ 3 أعوام

وفرة المعروض وانخفاض الدولار يحولان دون حدوث أزمة موسمية معتادة في السوق

TT

لأول مرة منذ ثلاث أعوام لا يجد الحجاج المصريون صعوبة في الحصول على الكمية التي يرغبونها من الريال السعودي الذي بات متوفرا في البنوك وشركات الصرافة المصرية لدرجة جعلت شركات الصرافة تعرض بيعه للعملاء من دون اشتراط وجود تأشيرة أو تذاكر حج.

ولقد كان لانخفاض الدولار، الذي فقد نحو 30 قرشا من قيمته أمام الجنيه خلال أقل من أسبوعين، أثره البالغ في تراجع قيمة الريال السعودي أمام الجنيه المصري لسعر يتراوح بين 159 و160 قرشا مقابل 195 قرشا خلال موسم الحج العام الماضي، وحوالي أكثر من جنيهين قبل عامين، وذلك نظرا لثبات قيمة الريال أمام الدولار.

ويرجح المصرفيون المصريون أن يكون التراجع المستمر في سعر الدولار والمتوقع خلال الأيام المقبلة، مصحوبا بانخفاض مواز في أسعار العملات العربية المثبتة أمام العملة الأميركية، وفي مقدمتها الريال السعودي والدينار الكويتي.

وذكر الخبراء كذلك أن تراجع أعداد الحجاج المصريين إلى 55 ألف حاج للعام الثاني على التوالي، ساهم في الحد من الطلب على الريال. كما أن ارتفاع تكاليف الحج ذاتها أرغمت الحجاج على خفض نفقاتهم ومعدلات مشترياتهم خلال موسم الحج، الأمر الذي كان له دوره في تقليص الطلب على العملة السعودية، بعد أن تسببت المضاربة عليها خلال المواسم الماضية في ارتفاع قيمتها أمام الجنيه لنحو 225 قرشا، وكذلك رفض المتعاملين في السوق السعودية التعامل بالجنيه. ولقد كان استقرار سعر الجنيه أمام الريال السعودي ـ حسبما يقول العضو المنتدب في مجلس إدارة بنك التمويل المصري ـ السعودي، أشرف الغمراوي ـ خلال موسم العمرة لا سيما في شهر رمضان، مؤشرا قويا على عدم تكرار أزمة الريال الموسمية خلال العام الحالي، حيث أن أعداد المعتمرين المصريين تبلغ نحو 10 أضعاف أعداد الحجاج، ونجاح البنوك في توفير الريال من دون صعوبة للمعتمرين أعطى إنطباعا بوفرة الريال في هذه البنوك، وكان بمثابة رسالة تحذيرية للمضاربين بأنهم لن يحصدوا سوى الخسائر في حالة السعي للتلاعب بأسعار الريال.

وأضاف الغمراوي أن انخفاض الريال لم يكن وليد هذه الأيام، وإنما حدث تدريجيا على مدار العام الماضي. مشيرا إلى أن سعر الريال بعد موسم الحج لعام 2004 كان حوالي 182 قرشا، قبل أن يتراجع إلى 179، ثم 175 وحوالي 159 قرشا حاليا.

وتابع ان ثبات قيمة الريال أمام الدولار، الذي انخفض أمام الجنيه المصري، عزز تراجع العملة السعودية أمام الجنيه المصري في ذروة موسم الحج.

ورجح الغمراوي أن يواصل الريال تراجعه أمام الجنيه في حال استمرار هبوط الدولار أمام العملة المصرية، خاصة في ظل الوفرة الملحوظة من الريال في البنوك وشركات الصرافة وانفراد البنوك بالسيطرة على سوق الصرف المصرية حاليا، يقود إلى نتيجة واحدة هي استمرار تراجع الدولار، وبالتالي انخفاض قيمة معظم العملات العربية المرتبطه به.

وتابع ان تجاوز سوق الصرف لقرار إلغاء توريد 75% من حصيلة المصدرين بالدولار للبنوك، علاوة على النجاح الواضح لآلية الإنتربنك الدولاري التي تضم 35 بنكا، ساهما في إنعاش العملة الوطنية واتجاهها نحو تحقيق سعر عادل أمام الدولار وباقي العملات الأخرى سواء الأجنبية أو العربية. ويرى الدفراوي أن رفض البنوك توفير الدولار للأفراد من دون ضوابط، أمر طبيعي ووسيلة للحيلولة دون تسرب هذه الدولارات إلى السوق غير الرسمية وحدوث المضاربات مجددا. وأكد أن هذا الإجراء من جانب البنوك لا يتعارض مع مبدأ حرية تداول النقد الأجنبي.

ومن جهته قال مستشار اتحاد الغرف التجارية المصرية، عبد الستار عشرة، إن معظم المعاملات التجارية المصرية ـ السعودية تتم تسويتها بالدولار والقليل منها بالريال، مؤكدا أن هذه المعاملات لم تمثل في أي وقت ضغطا على العملة الوطنية المصرية، خاصة خلال السنوات الثلاث الماضية التي شهدت خلالها التجارة المتبادلة بين القاهرة والرياض تراجعا ملحوظا، حيث انخفضت من مليار و100 مليون دولار عام 1999، إلى نحو 400 مليون دولار خلال الأشهر التسعة من العام الماضي 2004، مشيرا إلى أن الواردات المصرية من المملكة العربية السعودية تراجعت بنحو 550 مليون دولار، الأمر الذي يؤكد أن التبادل التجاري لم يكن عاملا مؤثرا في التفاعل بين الريال والجنيه.

وتابع ان توفير البنوك المصرية لكل طلبات المستوردين سواء من السعودية أو الأسواق الأخرى، عمق حالة الاستقرار والهدوء. واستبعد عبد الستار عشرة، أن يؤدي تجاوز الخلافات التجارية السعودية ـ المصرية وانتعاش التبادل التجاري بين البلدين، إلى صعود الريال مجددا أمام الجنيه، موضحا أن صعود الريال كان مرتبطا طوال الأعوام الماضية بموسمي العمرة والحج، حيث يزداد الطلب عليه خلال هذين الموسمين. واعترف مدير الشركة العربية الدولية للصرافة، محمد علاء لطفي، بأن شركات الصرافة لم تشهد منذ سنوات هذا الكم من المعروض الدولاري، وكذلك من الريال السعودي. مؤكدا أن العملة السعودية متوفرة بكثرة داخل شركات الصرافة، وأنه تتم تلبية طلبات الراغبين في الشراء بأي كمية وبدون قيود، لدرجة أن بعض الشركات باتت لا تشترط التأشيرة وتذكرة الحج للحصول على الريال. ومع ذلك فإن الطلب أقل كثيرا من العرض، الأمر الذي يضطر الشركات لبيع الفائض لديها من الدولار والريال للبنوك. وأشار إلى أن استمرار تراجع أسعار الريال والدولار، حرض بعض الشركات على الامتناع عن شرائهما تجنبا للخسائر المنتظرة عند بيعها للبنوك. وأضاف ان توفير البنوك الريال للحجاج بواقع ألفي ريال لكل حاج، ساهم في تقليل الطلب عليه من شركات الصرافة، مما أدى إلى زيادة المعروض منه لديها لأول مرة منذ سنوات.