إياد الدوجي: إعادة هيكلة ناجحة حولت مؤسسة شعاع الاستثمارية إلى مرحلة الأرباح القياسية

أكد حاجة الأسواق العربية لشركات متخصصة في أعمال أسواق المال

TT

بعد سنوات الدراسة في الولايات المتحدة، لتتبعها سنوات أخرى كمصرفي استثماري في الولايات المتحدة، كان إياد الدوجي يطمح للعودة الى المنطقة العربية والمساهمة في تطوير أسواق رأسمال حقيقية فيها. لكن الوقت كان لا يزال مبكرا، إلا إن الدوجي قرر المجازفة وقبل الدعوة للالتحاق بإحدى الشركات الاستثمارية في المنطقة.

ومن الكويت الى الإمارات حيث تسنت له الفرصة للعمل مع شركة تأسست لاستقطاب رأس المال الى المنطقة العربية لكنها لم تكن تقوم بذلك بشكل فعال، في عام 1995 تبوأ منصب المدير العام للشركة وبدأ فعلاً بتحويل مسارها ابتداءً من إرجاع استثماراتها من أسواق الغرب وجمعها للاستثمار في الأسواق العربية، وباتجاه ثان ينصب نحو تأسيس مفاهيم جديدة لصناعة الخدمات المالية في المنطقة.

وفي حديثه لـ«الشرق الاوسط» يؤكد الدوجي بان النجاح في الأمرين كان بمثابة تحقيق المستحيل، إلا إن سنوات من الجهد المضني وإعادة هيكلة شاملة للشركة أثمرت عن تحقيق الهدف الأول، وقطع شوط كبير لتحقيق الهدف الثاني. ومع ترأس إياد الدوجي لشعاع كابيتال قبل عشر سنوات، عمل في البداية على إعادة تجميع استثمارات الشركة المنتشرة في أنحاء عدة من العالم والتي لم تكن تحقق عوائد مرضية. وكانت هذه الخطوة في ذلك الوقت قد أثارت استغراب الكثيرين والذين كانوا على العكس، يقومون بإرسال أموالهم إلى أسواق الغرب حتى وصلت حسب بعض الإحصائيات إلى تريليون دولار لعدم توفر فرص استثمار ملائمة في المنطقة حسب زعمهم. من جهته كان الدوجي كان على قناعة بأن الأسواق العربية بحاجة الى شركات متخصصة بأعمال أسواق رأس المال وأن القيمة المضافة الحقيقية لشركة استثمار عربية هي أن تمارس نشاطها في الأسواق التي لها ميزة تنافسية بها لمعرفتها الأولية والميدانية بهذه الأسواق ولكن من خلال تطبيق مستويات التحليل والدراسة العالمية لاستقصاء فرص الاستثمار المجدية.

وانصبت المرحلة اللاحقة على بناء فريق إداري متميز، فبدأ بضم خيرة المصرفيين من الشباب العربي الذين يحملون شهادات عليا ولهم خبرة مع مؤسسات مالية عالمية عريقة. حيث يؤمن الدوجي، بان العنصر البشري هو الأهم في أي مؤسسة مالية خدمية وليس رأس المال. وبعد أن حصلت شعاع كابيتال على رخصة من المصرف المركزي الإماراتي في عام 2000 ليعمل كبنك استثماري معتمد، بدأت مرحلة جديدة وفتحت صفحة جديدة في تاريخ الشركة. وقام الدوجي بإعادة بالمرحلة الثانية بتوجيه الاستثمارات مرة أخرى من الدول العربية غير النفطية إلى الدول العربية النفطية، بعد أن بدأت هذه الدول بالسماح لغير مواطنيها بالاستثمار في أسواقها، لقناعته بان المشاكل الاقتصادية لهذه الدول هي اقل من مثيلاتها غير النفطية، ومعدلات النمو الاقتصادي لها اكثر ثباتاً اضافة لإرتباط سعر عملاتها بالدولار الأميركي، وأخيراً لكون الحركة الاقتصادية فيها تنشط مع ارتفاع أسعار ومستويات إنتاج النفط وبالتالي زيادة الإنفاق الحكومي مما ينعكس على ارباح الشركات العامة في هذه الدول. ويؤكد الدوجي بان وجوده في دبي، والتي أصبحت مركزا إقليميا للأعمال ساعدت على تسريع تنفيذ خططه لما في الإمارة من بنى تحتية وخدمية متطورة. وهكذا اتسع نشاط الشركة ليشمل إدارة صناديق استثمارية تركز على الأسهم والسندات العربية.

ويضيف الدوجي ان قيمة أسواق المال العربية قد بلغت في نهاية العام الماضي 585 مليار دولار تضعها مباشرة بعد سوق الصين من ضمن الأسواق الناشئة منها 520 مليار دولار في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. من جانب اخر أضافت شعاع كابيتال قسم الصيرفة الاستثمارية والذي قام بالعديد من النشاطات التي اعتبرت ريادية في تنفيذها وإدارة الإصدارات الأولية (IPO)، وتمويل عمليات تملك الحصص في الشركات وكذلك التمويل مع تنويع العائد عبر جزء ذي دخل ثابت وآخر مرتبط بأداء سهم الشركة (ميزانين). هذه دفعت شعاع لتكون من رواد صناعة الصيرفة الاستثمارية في المنطقة.

وتمكنت الشركة خلال عام 2004 من تحقيق أرباح قياسية في تاريخها الممتد لقرابة ثلاثة عقود، ولكن هل تتمكن الشركة من الاستمرار بهذه الإرباح ؟ يجيب إياد الدوجي بالقول «حالنا كحال أي صناعة، فيها دورات، بلا شك إن أداء العام الماضي كان جيدا». مضيفا «في العام الحالي تنتهي ميزانيتنا فيها مع نهاية مارس (اذار) المقبل وستكون النتائج المرجوة ممتازة» .مؤكدا باننا سنحاول التكرار في 2005 و2006 وستكون مهمة صعبة بالتأكيد حيث إن جزءا من أرباحنا قد تحقق من عوائد استثماراتنا في الأسواق الخليجية والتي يصعب ارتفاعها بنفس مقدار السنتين السابقتين. وعن أداء هذه الأسواق، يعتقد الدوجي بان السوق العماني هو المرشح المثالي لأداء جيد في 2005، بعدما كان السوق الإماراتي هو مرشحه المثالي لعام 2004 والتي أثبتت صحتها مع تجاوز أداء سوق دبي 103% حسب مؤشر شعاع كابيتال، حيث كان يعتقد في بداية العام بان السوق الإماراتي يتداول من دون قيمته العادلة، وكان المضاعف الربحي للسوق بحدود 13 مرة، إلا إن هذا الإنجاز القياسي لسوق دبي قد دفع نسبة مضاعفة الربحية الآن إلى مستويات العشرين مرة، مما لا يبرر اداء مماثلا في 2005 حسب رأيه. وعبر الدوجي عن سعادته بمشاهدة زيادة أعداد المستثمرين المهتمين بالأسواق الإقليمية، إلا ابدى تخوفا من مبالغة البعض منهم، حيث يقول بان المستثمرين حديثي الخبرة يبالغون في التشاؤم ويبالغون في التفاؤل، وينصحهم لذلك بتوزيع محافظهم الاستثمارية على أسواق المنطقة وعدم التركيز على دولة واحدة.

ففي الوقت الحالي، ومع استمرار ارتفاع أسعار النفط، الاقتصادات الخليجية تحقق اداء جيدا، نتائج الشركات المالية جيدة، أي إن مقومات وعوامل ارتفاع الأسعار موجودة ومستندة الى دعائم جوهرية أساسية، لكن لا داعي للمبالغة بها ورفع أسعار الأسهم إلى معدلات غير حقيقة مما يولد فقاعة نحن في غنى عنها. فإذا كانت شعاع كابيتال تتوقع أن ترتفع ارباح الشركات المدرجة في سوق الإمارات بمتوسط 22% لسنة 2005 كمثال، ما المبرر لارتفاع سعر السهم بـ 50% في فترة وجيزة؟ هذا يؤدي إلى خلل كبير ما بين السعر وبين القيمة العادلة لهذه الأسهم. ومع تداول أسهم شعاع كابيتال بارتفاع 122% عن مستوياتها منذ بدء العام لتتجاوز قيمتها السوقية 450 مليون دولار، يقول رئيسها التنفيذي، إن نجاح الشركات لا يأتي فقط من قيمة سهمها، فسعر السهم هو أحد المؤشرات الهامة ولكني لا اعتبره المقياس الأهم لنجاح الشركة لأنه يتحرك في غالب الأحيان مع السوق بشكل عام. الأولى أن تكون أرباح الشركة جيدة وقابلة للنمو والعائد على حقوق المساهمين مرتفع، نحن في البداية وخلال فترة إعادة هيكلية الشركة كان العائد قليل، أما الآن فقد تجاوز 25% بالرغم من تدني أسعار الفوائد. أما فيما يخص السوق السعودي، فيرغب الدوجي بان يكون لشعاع كابيتال شركة تابعة في المملكة، لها موقع على الأرض، نظرا لأهمية سوقها، خاصة إن شعاع تحاول أن تكون الأفضل في البلد الذي تتواجد فيه، وهو حالها في الإمارات وقطر وغيرها.

ومع صدور التشريعات التي تمكن الشركة من التواجد في السعودية، كشف الدوجي بان هناك مخاطبات ومحادثات بين هيئة سوق المال من جهة ومع الشركاء السعوديين من جهة أخرى لدخول السوق السعودية والتي سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب. وبين الدوجي في حديثه بان في كل سوق، هناك منتصرون وخاسرون، إلا انه في الكثير من الأوقات، يكون صغار المستثمرين هم الضحية.

وهنا يوجه الدوجي النصيحة لهم بان يقوموا بإعطاء أموالهم للخبراء للعناية بها وإدارتها بالشكل الامثل، وان يدخلوا عن طريق الصناديق الاستثمارية وأن يبتعدوا عن الشائعات وكلام السوق. من جهتها، تقوم شعاع كابيتال بإدارة صناديق متعددة ومتخصصة بالأسواق الخليجية والعربية لحساب الغير، كما تقوم بإدارة محافظ خاصة لأصحاب المداخيل العالية والذي ننصحهم باستثمار 20% من محافظهم الاستثمارية في الأسواق الإقليمية، حيث تتيح لهم خبرة شعاع كابيتال في أسواق المنطقة على تحقيق أفضل النتائج لهم وبأقل درجات المخاطرة الممكنة. وحول حمى المنافسة في المنطقة والتي تعج بالشركات الاستثمارية لا يبدي الدوجي تخوفا او شعورا بالقلق تجاه ذلك اذا يؤكد بالقول «هناك منافسة في كل سوق على حدة أو في بعض أدوات أو خدمات الاستثمار التي تختص بها شعاع كابيتال ولكن ليس على صعيد المنطقة المتكامل. إلا أن الأهم من ذلك فإنه بوجود السوق الحر، فان تقديم خدمات عالية المستوى هو الطريقة الوحيدة لضمان البقاء في الصدارة». ويتطلع الدوجي في استراتيجيته المستقبلية إلى إطلاق صندوق للتحوط لمحاولة تقليل نتائج تذبذب الأسواق، ولصندوق للفرص الخاصة التي تمكن المستثمر من تحقيق عوائد حتى في حال انخفاض الاسواق.