بكين توظف رصيدها الدولاري لاستملاك مشاريع نقطية في الخارج

محادثات صينية لشراء شركة «يونوكول» النفطية الأميركية بـ13 مليار دولار

TT

بعد ان كدست الصين أكثر من نصف تريليون دولار من العملة الأميركية، يبدو أن أفضل خيار لديها بات شراء الشركات الأميركية، لا سيما في قطاع الطاقة. وفي تطور لافت، أشارت مصادر مطلعة إلى أن شركة أوف شور بتروتشاينا (شركة نفط الصين البحرية) تسعى لشراء ما قيمته 13 مليار دولار من أملاك شركة «يونوكول» النفطية الأميركية المنافسة. وهي أكبر عملية توسع من نوعها لشركة طاقة صينية في الخارج في دولة يزداد استهلاكها للنفط بنسبة تزيد على 14 في المائة سنويا مع نموها الاقتصادي الكبير. ونسبت صحيفة «ستاندارد» في هونغ كونغ، وصحيفة «فايننشال تايمز» في لندن أمس إلى مصادر مقربة من المفاوضات الجارية لإتمام الصفقة إلى أن الشركة الصينية حريصة على شراء مشاريع «يونوكول» النفطية في آسيا. وقد طلبت من المصارف دراسة إمكانية شراء «يونوكول» بالكامل بعد أن باعت «يونوكول» كامل أملاكها على الأراضي الأميركية. وأضافوا ان المفاوضات لا تزال في مراحلها الأولى، وأن الشركة الصينية تدرس خيارات لشراء مشاريع في مناطق أخرى. تعليقا على هذه الصفقة، قال تيتسورو كيكوتشي، مراسل الشؤون النفطية في «ماينيتشي» اليابانية، لـ«الشرق الأوسط» :«إن الصين تطمح إلى بناء شركة نفط عالمية عملاقة تتناسب ونمو الحاجة إلى الطاقة لديها. وهذا غير مستغرب في دولة يرتفع الاستهلاك على الطاقة بمعدل يثير شهية المستثمرين للتوسع فيها. الصين لا تزال في بداية نموها الاقتصادي، ولا يدري أحد بالتحديد كيف سيكون وضعها بعد عشر سنوات إذا استمر النمو لديها بمعدل يتجاوز 8 في المئة سنويا، خاصة مع زيادة اقتناء السيارة الشخصية، وانتقال الأجهزة الاستهلاكية الكهربائية إلى المناطق النائية بعد انتشارها في المدن الرئيسية. إنه تحد مستقبلي كبير. ويتعين على المخططين الاستراتيجيين تأمين الطاقة الكافية له».

وتمتلك شركة «يونوكول» امتيازات ومربعات تنقيب في كل من تايلاند واندونيسيا وبنغلادش وبورما وهولندا واذربيجان والكونغو. وبلغ انتاجها من الغاز من الحقول الخارجية 965 مليون متر مكعب. وانتاجها النفطي 78.9 ألف برميل يوميا حسب احصاءات 2003. وإذا لم تتمكن شركة نفط الصين البحرية شراء الشركة الأميركية بالكامل بقيمة 11 مليار دولار فإنها تستطيع اللجوء إلى مؤسسة نفط الصين البحرية الحكومية الأم لنجدتها.

الصين فقدت أخيرا الفرصة في أن تكون مقصد خط أنابيب النفط الروسي المتجه إلى المحيط الهادئ وفضلت روسيا بعد مفاوضات طويلة مع بكين جعل اليابان المقصد النهائي. ورغم أنها انتكاسة لطموحات الصين النفطية فإن خط سيبيريا سيتفرع ليغذي جزءا مهما من حاجة الصين النفطية. على أنه بالمفهوم الاستراتيجي تتطلع الصين إلى أن تكون لاعبا مهما على المستوى العالمي بحيث تتمتع امداداتها النفطية بالاستقلالية النسبية الممكنة خارج السيطرة القائمة من قبل الشركات الغربية في قطاع الطاقة.

ولقد ركز علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، في كلمته أمام مؤتمر نيودلهي الأربعاء الماضي على أهمية العلاقة التجارية في قطاع الطاقة على وجه الخصوص مع دول آسيا لا سيما الصين. وقال: «تعتبر آسيا سوقنا الأولى، فنحن نصدر إليها حاليا ما يزيد على 4.5 مليون برميل من البترول يوميا. أي نحو 60 بالمائة من صادراتنا. وهذا يعادل 20 بالمائة من الاستهلاك اليومي الآسيوي من للبترول».

وأضاف «اننا ملتزمون تماما لكل عملائنا وخاصة في آسيا حيث يأتي نحو ثلثي الواردات من منطقة الشرق الاوسط الغنية بالنفط». ولقد زاد استهلاك آسيا من النفط نحو 5.4 بالمائة العام الماضي ليصل الى 23.6 مليون برميل يوميا وفقا لأحدث تقديرات من وكالة الطاقة الدولية.

وكان النمو الجامح للطلب الصيني على النفط والبالغ 14.5 بالمائة من أسباب ارتفاع أسعار النفط بنسبة 70 بالمائة في العام الماضي.

واستجابة لاتساع السوق الصينية ونموها، أعلنت شركة «آرامكو» السعودية في أوائل الاسبوع الماضي عن إبرام شريكاتها في المشروع المشترك في الصين «اكسون موبيل»، و«فوجيان للبتروكيماويات» من جهة، واتحاد يضم شركة «ا.بي.بي» لوماس و«معهد سينوبك للهندسة» من جهة اخرى، اتفاقا يقضي بانشاء مشروع «فوجيان» المتكامل، وهو أول مشروع مشترك لـ«آرامكو» السعودية في الصين.

وتمتلك «آرامكو» 25 في المائة من المشروع، فيما تمتلك شركة «اكسون موبيل» حصة مماثلة. وسوف يؤدي تنفيذ مشروع «فوجيان» المتكامل الى زيادة الطاقة الانتاجية للمصفاة القائمة حاليا في مقاطعة فوجيان الصينية بمعدل 80 الف برميل لتصل إلى 240 الف برميل في اليوم. ومع زيادة طاقة المصفاة من المنتجات البترولية إلى حد كبير عن طريق استخدام الزيت العربي الخفيف الذي تنتجه «آرامكو» كلقيم، سيتم في هذا المشروع انشاء وحدة جديدة لتجزئة الايثيلين تعمل بالبخار بطاقة 800 الف طن سنويا، ووحدتين لانتاج البولي ايثيلين، والبولي بروبيلين، الى جانب وحدة جديدة لانتاج البارازيلين بطاقة 700 الف طن سنويا.

وإلى جانب مشاريع الصين الكبيرة في السودان والتي ترصد لها خمسة مليارات دولار، تبدو بكين مصممة على تعزيز مركزها في هذه القارة الأفريقية أيضا. ولقد أشار عامود «لكس» الحساس في صحيفة «فايننشال تايمز» أمس إلى مغزى المشاريع الصينية الطموحة. وشبه دور الصين في مشاريع للتوسع وشراء الأملاك الأميركية بالدور الذي لعبته اليابان في الثمانينيات عندما لعبت دورا مماثلا. فبعد شراء شركة أجهزة الكومبيوتر الحضنية الصغيرة من «آي بي أم» أخيرا بقيمة 1.7 مليار دولار، ها هي الصين تتحرك من أجل شراء «يونوكول».