سوق.... ولكن بدون إعلان

علي المزيد

TT

يؤكد خبراء التسويق وعلماؤه أن الإعلان عن المنتج بشكل صحيح وبحملة تسويقية واضحة أهم من المنتج ذاته، حتى أن بعضهم يتطرف لحد القول إذا رصدت مبلغا لإنتاج سلعة «ما» أو خدمة «ما» فأنفق 90 في المائة من المبلغ للإعلان تأكيدا على الدور التسويقي للمنتج.

سبب هذه المقدمة أنه جمعتني مع أحد العقاريين في السعودية مناسبة اجتماعية فقلت له: كنت أتسلى بما ترسله شركات العقار من رسائل تسويقية عبر الجوال بحكم أنني لست من أصحاب المال الذين تختلف نظرتهم عن نظرتي لأنهم يرغبون المشاركة في الفعالية، ولكن هذه الرسائل انقطعت عني أخيرا فهل لأنكم عرفتم أنها غير ذات جدوى أم لأنها مكلفة؟ تبسم الرجل وعدل من جلسته وقال: «لا هذا ولا ذلك. نحن ممنوعون بقوة النظام». رددت عليه باستنتاج ذكي جدا قائلا: لأن مخالفاتكم كثيرة وأنتم غير مرخصين ومتهمون بأنكم توظفون الأموال من دون تراخيص. رد متحمسا: «كل ما قلت صحيح وينطبق على القلة من العقاريين، ولكن هذه المرة خانك ذكاؤك الحاد، لأننا مساهمات مرخصة وممنوعة من الإعلان بثلاث وسائل: الإلكترونية، الجوال، والقنوات الفضائية». فرحت كثيرا لهذا المنع وبانت بشائر السرور على وجهي فقال الرجل« هل أنت مسرور على حساب مصائبنا؟». قلت: مصائب قوم عند قوم فوائد. منعكم من استخدام هذه الوسائل سيجبركم على الإعلان الصحافي وهذا يجعلني أطالب صحيفتي بزيادة مرتبي وتحسين وضعي، ولكن منعكم من الإعلان حتى أحييه. أجاب« نحن ممنوعون من قبل وزارة التجارة السعودية». نظرت إليه باستغراب وقلت: أفهم أن تمنعوا من قبل وزارة العمل بحكم أنهم غير اقتصاديين، أو حتى وزارة المواصلات أو أي وزارة أخرى لا علاقة لها بدنيا المال والتسويق، وتريدني أن أصدق أن المنع تم من وزارة التجارة وهي المعنية بتسويق المنتج السعودي سواء كان سلعة أو خدمة حتى أنها نظمت مؤتمرا أو ملتقى، سمه ما شئت، رعاه وزيرها النشط والمتفهم منذ مدة لا تتجاوز الأسبوعين في غرفة تجارة الرياض هدفه تسويق وزيادة الصادرات السعودية. أعطني مزحة غيرة هذه حتى أصدقك. بادرني «لا تستعجل. راجع وزارة التجارة وستعرف أن ما أقوله صحيح». في اليوم التالي، زرت موقع وزارة التجارة ووجدت ضوابط المساهمات العقارية الثلاثة عشر من دون عد فقراتها، ومن أهمها الحصول على موافقة التجارة، اعتماد المخطط أن تكون الأرض مملوكة بصك شرعي ساري المفعول... إلى غير ذلك، لكن كل هذه الضوابط ذيلت بعبارة «تعهد بعدم الإعلان في الوسائل والوسائل الإلكترونية والجوال والقنوات الفضائية»، وأفهم أنه يجب أن تطبق الضوابط المنظمة لرفع كفاءة السوق ومنع الاحتيال، ولكني لا أفهم لماذا بعد تطبيق كل هذه الضوابط يمنع الإعلان وهو أحد أهداف المسوق للوصول لشريحته. وفي الختام فقد قوست عبارة الوزارة الواردة ونقلتها نصا رغم ورود كلمة الوسائل مرتين لأني أتمنى على الوزارة أن تفسر هل المقصود بالمنع الجوال والرسائل الإلكترونية والفضائيات فقط، أم أن الوسائل الأولى تعني المقروءة وهو ما سيزيد حزني؟!