وزير السياحة التونسي : نرغب بحصة من 20 مليار دولار ينفقها السعوديون سنويا على السياحة

التيجاني الحداد: سنبرم اتفاقية للتعاون السياحي مع الرياض قريبا والتأشيرة ليست عائقا أمام السائح الخليجي

TT

أكد التيجاني الحداد وزير السياحة التونسي، أن بلاده تعمل حاليا لإبرام اتفاقية للتعاون السياحي مع السعودية قريبا، مشددا على استعداد بلاده لوضع تجربتها السياحية تحت تصرف السعودية لدعم برامجهم في تطوير السياحة. وهي تجربة ثرية تقارب النصف قرن استطاعت تونس بفضلها أن تحتل مرتبة مشرفة في السياحة المتوسطية والعالمية ـ على حد قوله.

وقال في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» إن هناك مشروعا للتوأمة بين كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة في أبها والمدرسة العليا للسياحة في سيدي ظريف في تونس في ما يخص التعاون في مجال التعليم والتدريب السياحي والاستفادة من الخبرة التونسية.

يشار إلى أنه تم في نوفمبر الماضي تعيين التيجاني الحداد وزيرا جديدا للسياحة في الجمهورية التونسية، وهو الذي يجمع بين الخبرة الإعلامية والسياحية والنيابية. فكانت خطوته الأولى زيارة السعودية كأول مهمة رسمية له خارج بلاده منذ تعيينه لرعاية أسبوع الإخاء والتعاون التونسي السعودي، الذي نظمته تونس في العاصمة الرياض. الزميل سعيد الخوتاني التقى الوزير الحداد ، فكان هذا الحوار: الرياض: سعيد الخوتاني

* ما هي الأجندة التي تضمنتها زيارتكم الأخيرة للسعودية؟

ـ بداية رعاية أسبوع الإخاء والتعاون التونسي السعودي والالتقاء بالمسؤولين السعوديين والتباحث معهم، ومن ثم افتتاح المعرض التونسي للمنتجات والصناعات والفنون والسياحة التونسية، والإشراف على الندوة التي نظمتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عن الاستثمار في تونس وآفاق التبادل التجاري.

* ما أهمية هذا النوع من الندوات؟ ـ في هذه الندوة التقى المسؤولون المختصون ورجال الأعمال التونسيون بإخوانهم السعوديين، حيث عرفوهم فيها بشكل مباشر على الإمكانيات المتوفرة لدعم الاستثمار السعودي في تونس في جميع المجالات الصناعية والتجارية والسياحية. كما شرحوا لهم جوانب من التشريعات والقوانين والتسهيلات والحوافز المتعلقة بذلك.

* وكيف كان تجاوب رجال الأعمال مع هذه التظاهرة؟

ـ حقيقة سررت برؤية الحضور المكثف للإخوة السعوديين رجال الأعمال في فعاليات الأسبوع وخاصة ندوة الغرفة ، مما يدل على تعطش السعوديين لمعرفة المزيد عن تونس وأتوقع أن تكون لفعاليات ذلك الأسبوع آثار مستقبلية إيجابية.

* هل تم بحث أمور تتعلق بالتعاون السياحي بين البلدين؟ وما أهم النتائج التي تم الوصول لها؟ ـ نعم، تم بحث بعض أوجه التعاون السياحي ما بين البلدين، واستعدادنا لوضع تجربتنا السياحية تحت تصرف الأخوة في السعودية لدعم برامجهم في تطوير السياحة. وهي تجربة ثرية تقارب النصف قرن استطاعت تونس بفضلها أن تحتل مرتبة مشرفة في السياحة المتوسطية والعالمية. وخلال لقائي بالأمير سلطان بن سلمان اتيحت لي فرصة الاطلاع على ما تقوم به الهيئة العليا للسياحة لإعداد برامج واستراتيجيات لتطوير السياحة في المملكة ، وقد أعجبت بطريقة هذا الإعداد وهي طريقة علمية لاستشراف البرامج المستقبلية ووضع خطط عملية بطرق عصرية بناء على دراسات علمية سوف يكون لها الأثر الطيب في وضع هذه الاستراتيجية لدفع السياحة في المملكة.

* هل نتجت عن هذه الاجتماعات اي اتفاقيات؟ ـ تم التفاهم مع الأمير سلطان بن سلمان على مشروع اتفاقية في المجال السياحي لضبط أوجه التعاون وتبادل الخبرات والتجارب فيه بما في ذلك تدريب الكوادر والأطر السياحية بين البلدين. وننتظر أقرب فرصة لاجتماع اللجنة المشتركة التونسية السعودية لاستعراض مشروع هذه الاتفاقية والتوقيع عليها. وفي هذا الإطار لدينا أيضا مشروع للتوأمة بين كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة في أبها والمدرسة العليا للسياحة في سيدي ظريف في ما يخص التعاون في مجال التعليم والتدريب السياحي والاستفادة من الخبرة التونسية.

* وماذا عن خبرتكم العالمية في الصناعات التقليدية والمحافظة عليها وتطويرها؟ ـ معروف عالميا أن تونس بصناعاتها التقليدية التي تعتبر احدى الأنشطة الهامة فيها، وليس من منظور التراث الثقافي فحسب، وإنما من منظور الصناعة المحلية أيضا. ولهذه الصناعات إسهام طيب في الاقتصاد الوطني التونسي، حيث يعمل بهذه الصناعات حاليا أكثر من 300 ألف موظف يشكلون 11 في المائة من القوى العاملة الإجمالية في البلاد. وتساهم هذه الصناعات بحوالي 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 2 في المائة من إجمالي صادرات البلاد. وقد بحثنا مع السعوديين إمكانية التعاون في هذا المجال لعلمنا بأنهم شديدو الاعتزاز بتراثهم وثقافتهم، ولعلمنا أيضا بأن السعودية بدأت الاهتمام الرسمي بالصناعات التقليدية وتحاول منع انقراض هذه الصناعات وجعلها إحدى أدوات الجذب السياحي إليها.

* ما هو ترتيب تونس على خارطة السياحة العربية والعالمية؟ ـ عند ترتيب أي دولة سياحيا لا بد من أخذ ثلاثة مؤشرات في الاعتبار. الأول عدد سكان البلد، الثاني نسبة الدخل من السياحة، الثالث عدد السياح للبلد. وبهذه المؤشرات فإن تونس تأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للدول العربية ، والمرتبة الثانية بالنسبة للدول الأفريقية. وعلى مستوى البحر الأبيض المتوسط طبعا فإن أبرز المنافسين هي تركيا ومصر والمغرب. ولعلي لا أقول منافسين لأنني لا اعتقد أن هناك منافسة بين الوجهات السياحية بل تكامل. لأن أي سائح يزور وجهة سياحية معينة فلا بد في السنوات القادمة أن توجد لديه الرغبة في زيارة وجهة سياحية أخرى. لذا يجب أن نتكلم عن تكامل ولا نتكلم عن منافسة. وبناء على هذا فإن تونس تتربع على مرتبة مشرفة بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط. أما بالنسبة لمساهمة القطاع السياحي في الدخل القومي فيبلغ 7 في المائة، وهي نسبة هامة جدا. ويضم هذا القطاع حاليا حوالي 800 فندق تضم ما يقارب 220 ألف سرير. وتبلغ نسبة فنادق فئة الأربع والخمسة نجوم فيها حوالي 40 في المائة. ويوفر هذا القطاع حوالي 350 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لما يقرب من 12 في المائة من قوة العمل في البلاد. ويحتل القطاع المركز الثالث بعد قطاعي الزراعة والصناعة كأهم قطاعات الاقتصاد الوطني. وميزة قطاع السياحة أنه يوفر العملة الصعبة التي نحتاجها لتغطية عجز الميزان التجاري، وهذه ميزة لا يوفرها قطاع الزراعة كثيرا.

* ذكرتم أن لتونس تجربة عريقة تقارب النصف قرن في مجال التنمية السياحية، فهل تسنى لأي دولة عربية الاستفادة من ذلك؟

ـ طبعا التجربة التونسية في مجال السياحة هي محل دراسة في العديد من البلدان التي جاءت بعدنا في تطوير السياحة. فأنا أتذكر الأخوة المصريين من القطاع الإداري والقطاع الخاص كانوا يتوافدون على تونس قبل الشروع في إنشاء مشاريع في شرم الشيخ ويزورون مختلف المناطق التونسية ويسألون الإدارة وأصحاب المشاريع الخاصة فيها عن الأساليب التنظيمية والاستراتيجيات التي يستخدمونها في أعمالهم. وأنا على يقين أن الأخوة المصريين قد استفادوا من التجربة التونسية في السياحة البحرية في تطوير منطقة شرم الشيخ والغردقة والبحر الأحمر. وكذلك نحن الآن على اتصال مستمر مع الهيئة العليا للسياحة في السعودية وأمينها العام الأمير سلطان بن سلمان. وكما ذكرت فقد اتفقنا على وضع برنامج أساسه وضع التجربة والخبرات والكوادر والإطارات التونسية في كل المستويات في مختلف المجالات سواء أكانت سياحية أم حرفية أو محافظة على التراث أم المتاحف تحت تصرفه.

* هل أنتم راضون عن حجم الاستثمارات العربية وخاصة السعودية لديكم؟ ـ نعم، نحن راضون عن كل عمل يقدمه الأخوة السعوديين وغيرهم من أخواننا العرب في مجال الاستثمارات. ولكن هناك فرقا بين الرضا وبين الطموح، فنحن نطمح إلى تطوير هذه الاستثمارات ونأمل أن يزيد حجمها. وهناك بوادر طيبة لتحقيق ذلك عن طريق إيجاد اللجان المشتركة بين البلدين سواء على مستوى الدولة أو الغرف التجارية الصناعية أو على المستوى السياحي، والاتصالات السريعة خلال الأسابيع التجارية المتبادلة ستحقق حلمنا ويتطور حجم الاستثمارات السعودية في تونس. والسعودية تحديدا تكاد تحتل المرتبة الأولى في الاستثمارات العربية باستثمارات تفوق الخمسمائة مليون دينار تونسي في المجال الاقتصادي بشكل عام ، وتحتل أيضا مرتبة لا بأس بها إلى جانب الأخوة الكويتيين في الاستثمار في الفلاحة والعقارات وكذلك في القطاع السياحي سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال شركات إدارة المنشآت السياحية. وحقيقة فإننا نسعد بهذه الاستثمارات السعودية والكويتية وغيرها ونرغب في أن تزيد حجما حتى يستفيد الأخوان العرب جميعا من الإمكانيات العربية. ولعل مما يزيد من قدرة تونس على جذب الاستثمارات ما يوجد بها من تشريعات وقوانين وحوافز مضبوطة تضمن الاستثمارات الأجنبية. وهذه الأمور معلومة لجميع المستثمرين سواء أكانوا عربا أم أجانب. وفي اعتقادي أن هناك اقبالا كبيرا للاستثمار في تونس من قبل الأجانب ولا أدل على ذلك من وجود حوالي 2500 مؤسسة أجنبية فيها توفر حوالي 220 ألف فرصة عمل لأبناء البلاد في قطاعات عديدة مثل النسيج والخدمات السياحية والصناعات التحويلية. ولعل من المناسب الإشارة إلى التقرير الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي اعتبر تونس أفضل دولة ذات قدرة تنافسية في أفريقيا.

* هناك انطباع بأن السياحة إلى تونس ضعيفة ، إذ لا تزال دون 1 في المائة من نحو خمسة ملايين سائح يزور تونس سنويا من مختلف أنحاء العالم. ما تعليقكم؟ ـ ليس دقيقا القول بأن السياحة العربية إلى تونس ضعيفة ، فنحن نستقبل أكثر من مليوني سائح عربي ولكنهم يصلون إلينا من الدولتين العربيتين المجاورتين لنا وهما ليبيا والجزائر ويصنفون في الإحصاءات الرسمية تحت مسمى السياحة المغاربية. ولكن في ما يخص السياحة العربية القادمة من الشرق الأوسط وخاصة الخليج فالحق يقال بأنها ما زالت متواضعة ولكن نطمح إلى دعمها وتطويرها، ونحن الآن بلغنا رقما في ما يخص السعودية 7 آلاف سائح لهذا العام 2004، ولكن حضورنا لأسبوع الإخاء والتعاون التونسي السعودي كان من جملة أهدافه تطوير السياحة السعودية إلى تونس. فالسوق السعودية تعتبر من أكبر أسواق الخليج العربي والشرق الأوسط المصدرة للسياح ، وتشير تقارير هذا السوق إلى أن السعوديين ينفقون على السياحة أكثر من 20 بليون دولار سنويا. وأعتقد أنه حان الوقت لأن نجلب السياح العرب إلى تونس خاصة أن المنتج السياحي بدأ يتأقلم مع متطلبات واحتياجات السائح العربي والسائح الخليجي.

* هل توجد معوقات تمنع وصول السائح الخليجي؟ ـ كانت هناك عوائق من جملتها المنتوج السياحي وتأقلمه مع متطلبات هذه النوع من السياح. ثم المواصلات الجوية بين هذه البلدان وبين تونس. وفي هذه النقطة بالذات نحن عاقدون العزم على تطويرها وعلى ربط معظم هذه العواصم العربية في الخليج العربي والشرق الاوسط برحلات منتظمة مع تونس ونحن في محادثات مع كبريات الشركات العربية الخليجية لكي تطور علاقاتها على هذا المستوى مع تونس.

* فرضت تونس مؤخرا تأشيرات سياحية على السياح الخليجيين بمن فيهم السعوديون، ألا تعتقدون بأن هذا سيعرقل جهودكم؟ ـ حقيقة فإن فرض التأشيرة الذي تم قبل مدة على السياح الخليجيين بمن فيهم السعوديون، وهي مسألة تنظيمية فقط ، ولا يقصد منها وضع العراقيل أمامهم للقدوم إلى بلدهم الثاني تونس. واعتقادي أن اعطاء التأشيرة لن يعقد الأمور بالنسبة للأخوة الذين يريدون الذهاب إلى تونس.