مستثمرون مصريون يبحثون في واشنطن تفعيل الشراكة التجارية مع أميركا

TT

في اطار استراتيجية طويلة المدى ترفع شعار «الشراكة قبل المعونة» تتوجه بعثة من كبار المستثمرين ورجال الاعمال المصريين في شهر ابريل (نيسان) المقبل الى الولايات المتحدة الاميركية، وهي البعثة التي عرفت في الاوساط الاقتصادية باسم «بعثة طرق الابواب» وتنظمها غرفة التجارة المصرية الاميركية بالقاهرة برئاسة محمد منصور، وتكتسب البعثة التي تحمل رقم 18 هذه المرة ابعادا اقتصادية وسياسية مغايرة نسبيا عن المرات السابقة حيث انها الاولى في «العهد الجديد» بعد تولي جورج بوش الابن رئاسة الولايات المتحدة كما انها تأتي في ظروف وتوقعات لمحللين اقتصادين اميركيين ترى ان عام 2001 سيكون «الاسوأ» بالنسبة للاقتصاد الاميركي منذ عام 1991 لظهور مؤشرات ركود في الاسواق وتباطؤ ملحوظ في معدلات النمو المعتادة خلال العشر سنوات الاخيرة.

وبجانب الظروف المتعلقة بالاقتصاد الاميركي هناك ظروف ومستجدات اخرى متعلقة بالاقتصاد المصري تتمثل في «ثالوث الازمات التي يحاصر الحركة الاقتصادية بالدولة وهي ازمات ارتفاع سعر الدولار امام الجنيه رغم الاجراءات الاخيرة لضبط سعر الصرف والركود في السوق المحلي بالاضافة لنقص السيولة لكنها حسب توصيف د. عاطف عبيد رئيس الحكومة المصرية مجرد ازمات مؤقته و«فقاقيع» تعترض بشكل وقتي برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري الذي اشادت بنجاحه عدة مؤسسات دولية على رأسها صندوقا النقد والبنك الدوليان».

وامام تلك الظروف المحلية لبعثة طرق الابواب المصرية يطرح المستثمرون ورجال الاعمال موضوع انشاء منطقة تجارة حرة بين مصر واميركا قياسا على اتفاقية المنطقة الحرة التي وقعتها الولايات المتحدة مع الاردن اخيرا وأزالت كل الحواجز الجمركية والمعوقات الادارية التي تحول دون التبادل التجاري بين البلدين، وتعلق القاهرة آمالا عريضة على المنطقة الحرة مع واشنطن في اصلاح حالة الخلل المزمن لعجز الميزان التجاري بين البلدين حيث ان الصادرات الاميركية لمصر تتجاوز 4.6 مليار دولار حسب احدث احصائيات مكتب التمثيل التجاري المصري في واشنطن بينما لا تتجاوز الصادرات المصرية لاميركا حاجز الــ700 مليون دولار بعد، وهو ما يعني ان العجز في الميزان التجاري بين البلدين يميل لصالح اميركا بنسبة ربما تزيد عن 500 في المائة. كما تأمل القاهرة من مشروع المنطقة الحرة تلاشى دعاوى الاغراق التي تحاصر المنسوجات المصرية ذات الميزة التنافسية في السوق الاميركي والتي تبلورت بشكل ملحوظ في بعض القضايا التي رفعتها شركات اميركية ضد «القميص والتي شيرت» المصري.

وتستهدف بعثة طرق الابواب المصرية ترويج الاستثمارات المشتركة بين مستثمري البلدين وتعريف المستهلك الاميركي بأهم السلع المصرية ذات الميزة التنافسية العالمية وعلى رأسها المنسوجات وشرح مناخ الاستثمار الجاذب لكل الاستثمارات الاجنبية دون تحفظ على جنسية معينة وتوفير كل الضمانات والمزايا الاستثمارية كعدم مصادرة الممتلكات أو تأميمها ومنح اعفاءات ضريبية وجمركية جادة للمشروعات يتجاوز 10 سنوات من تاريخ بدء الانتاج في المناطق الجديدة والمستصلحة حديثا بالاضافة لتيسيرات متنوعة من شأنها تهيئة المناخ الملائم للاستثمار.

وحسب تصريحات رئيس غرفة التجارة المصرية الاميركية بالقاهرة محمد منصور فإن البعثة هذا العام ستطرق ابواب ولايات اميركية لم يتم طرقها من قبل مثل ولاية نيوجرسي التي تحتضن فرصا استثمارية وتصديرية جادة للطرفين، كما ستجري البعثة لقاءات مكثفة مع صناع القرار في الكونجرس الاميركي والادارة التنفيذية تضم 60 عضوا بالكونجرس لتشجيع وحماية الاستثمارات المشتركة ولعرض الصورة الحقيقية لمناخ الاستثمار في مصر بعيدا عن «التشويش» المتعمد من بعض الجهات والمنظمات التي لا يسعدها عرض مناخ الاستقرار الجاذب للمستثمرين الاجانب في مصر.

ويضيف منصور ان البعثة تضع في اجندة الزيارة ان اميركا هي الشريك التجاري الاول لمصر باعتبارها اكبر دولة لها استثمارات في القاهرة ولها اكبر علاقات تبادل تجاري ايضا، لذلك سيتم طرح كل فرص الاستثمار بمصر بدءا من برنامج التخصيص الذي يضم شركات قطاع الاعمال المعروضة للبيع وامكانية زيادة تعاملات المستثمرين الاميركيين في البورصة المصرية تحت مظلة اتفاق «مبارك ـ آل جور» للشراكة والتنمية الاقتصادية التي انطلقت حتى مارس (آذار) 1995 بهدف دعم الجمهور المصرية في مجالات الاصلاح الاقتصادي من خلال الاهتمام في 3 قضايا تتعلق بتقديم العون الاميركي لتحسين اوضاع قطاعي الاعمال العام والخاص في مصر وتشجيع فرص الاستثمار وحماية حقوق الملكية الفكرية.

يشار الى ان التبادل التجاري بين مصر واميركا يمثل قرابة 27 في المائة من حجم تجارة مصر الخارجية وتستوعب السوق الاميركي اكثر من 20 في المائة من اجمالي الصادرات المصرية كما تعتبر اميركا مصدرا رئيسيا لتوفير احتياجات السوق المصري من الحبوب والقمح والسلع الاستثمارية، وتتجاوز الاستثمارات الاميركية في مصر 2.1 مليار دولار في مجالات البحث والتنقيب والتكرير للنفط وبعض القطاعات الانتاجية الاخرى، ويتم انجاز تلك الاستثمارات تحت مظلة المجلس الرئاسي المصري الامريكي الذي انبثق من مبادرة مبارك ـ آل جور.

وفي سياق شعار «الشراكة قبل المعونة» قدر المكتب التجاري المصري في واشنطن حجم المساعدات الاقتصادية الاميركية لمصر باكثر من 33 مليار دولار منذ بدء البرنامج عام 1975 منها 6 مليارات قروض ميسرة خلال الفترة 1975 ـ 1991 ثم تحول شكل المعونة الى منح لا ترد اعتبارا من عام 1989 وتجاوزت هذه المنح 17 مليار دولار وتبلغ المساعدات الاقتصادية السنوية لمصر 815 مليون دولار لكن تقرر تخفيضها قبل عامين بنسبة 10 في المائة سنويا لتصل الى «صفر» بعد 10 سنوات تفعيلا لخطة مشتركة ترى ان الشراكة الاقتصادية والتجارية هي الاساس في التعاملات وليس المعونات والمنح التي لا ترد.