الولايات المتحدة تطلق أول جولة مباحثات مع الإمارات وعُمان الشهر المقبل لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة

الإمارات تشكل مجلسا للتفاوض مع واشنطن بشأن منطقة التجارة الحرة وبحث تعديل بعض التشريعات

TT

قال مسؤول أميركي رفيع أمس ان بلاده ستطلق اول جولة مباحثات مع كل من دولة الامارات وسلطنة عمان اوائل الشهر المقبل كخطوة اولى نحو توقيع اتفاق التجارة الحرة معهما. وذكر ايرل انطوني واين مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية ان مثل هذه الاتفاقيات تساهم في تعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والدول المعنية. ووقعت الولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة مع البحرين والمغرب وإسرائيل. وأثار دخول البحرين في هذه الاتفاقية معارضة سعودية واضحة برزت خلال قمة دول مجلس التعاون التي عقدت في المنامة في ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وترى السعودية ان هذه الاتفاقية تمثل خرقا واضحا لبنود واتفاقيات مجلس التعاون الخليجي. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، نفى واين ان تكون بلاده قد مارست أي نوع من الضغوط على الرياض لتخفيف موقفها تجاه دخول دول اخرى في منطقة الخليج في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة. وقال ان بلاده لا تضع شروطا مسبقة على البلدان الراغبة في دخول مثل هذه المفاوضات إلا ان مسؤولا اميركيا قال لـ«الشرق الاوسط» إن هناك «بعض القضايا التي تمت مناقشتها مع الجانب الاماراتي، مثل قانون الوكالات التجارية والشروط الاستثمارية ووجدت ان الحكومة تدرس تغيير قوانين العمل وقانون النقابات». واشار واين الى ان مشروع اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة تشجع الحكومات على تلبية المتطلبات الاساسية لمعايير قوانين العمل الدولية.

الا انه وفقا لدراسة اعدتها غرفة تجارة وصناعة دبي في سبتمبر (ايلول) من العام الماضي، فإن الجانب الاميركي ركز بصورة خاصة على اشتمال الاتفاقية المحتملة على نقاط واجهت معارضة في اطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والمتمثلة في المشتريات الحكومية وأسواق الخدمات المفتوحة، مثل الاتصالات والتأمين والوجود التجاري الذي يشتمل على قانون الشركات والوكالات والعمالة، بالاضافة الى اعفاء 95% من الرسوم الجمركية بالنسبة لتجارة السلع بمجرد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ. واشارت الدراسة الآنفة الذكر الى ان الامارات لم تقدم في اطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية أي التزامات بالنسبة لقطاع الاتصالات والتأمين ولم توقع الدولة على اتفاقية المشتريات الحكومية. كما ان التسهيلات التجارية تعتبر من المواضيع الشائكة في اتفاقيات المنظمة ولم تتوصل الدول في هذا السياق الى أي اتفاق.

وتنص قوانين دولة الامارات على عدم السماح للشركات الاجنبية بالعمل إلا من خلال مكاتب تمثيل او شراكات لا يزيد رأس المال الاجنبي فيها على 49%.

واتهمت الغرفة الولايات المتحدة بالتسرع في ابرام اتفاقياتها مع دول الشرق الاوسط، وانها لا تعتمد المرحلية في تطبيق الاتفاقية حتى يتمكن رجال الاعمال من مسايرة التطورات الجديدة فضلا عن خلو هذه الاتفاقيات من المساعدات المادية او الفنية. وطالبت الغرفة الحكومة التأكد قبل الدخول في هذه الاتفاقيات من سلامة عواقبها الاقتصادية والاجتماعية على المديين القصير والبعيد والعمل على مواجهة الأضرار المحتملة.

من جانب آخر شكل مجلس الوزراء بدولة الامارات خلال اجتماعه أمس برئاسة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وبحضور الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة للشؤون الخارجية، مجلسا تفاوضيا للدولة لاقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة وذلك في اطار سعي وزارة المالية والصناعة لمتابعة تنفيذ الاجراءات الخاصة بالتحضير، والدخول في المفاوضات المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وأسندت رئاسة المجلس الى الدكتور محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة والى الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط رئيسة مشاركة. ويأتي تشكيل المجلس في الوقت الذي ناقش فيه انتوني وين مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون التجارة مع مسؤولين اماراتيين امس بعض القضايا المتصلة باتفاقية للتجارة الحرة بين بلاده ودولة الامارات. وكان انتوني وين قد وصل أمس الى الامارات ضمن الوفد المرافق لفرانسيس تاوسند مستشارة الأمن للرئيس بوش. وقالت مصادر اماراتية ان تشكيل مجلس تفاوضي بشأن منطقة التجارة الحرة مع واشنطن يعود الى تشعب الموضوعات التي سيتم التطرق اليها خلال المفاوضات مشيرة في هذا الصدد الى انها ستتناول الكثير من التشريعات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في الامارات مثل قانون الملكية والوكالات والشركات التجارية والقوانين الضريبية وقوانين الاقامة والهجرة وقانون العمل ونظام الاجور والتأمينات. وقالت ان المجلس التفاوضي سيراجع ايضا انعكاسات أي اتفاق مع أميركا على الالتزامات المسبقة للامارات، وقالت ان المفاوضات ستكون طويلة ودقيقة لكن هناك رغبة في الوصول الى اتفاق من قبل الطرفين.

وتجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة تطالب بالغاء نظام الوكالات التجارية والغاء نظام الكفيل المحلي كشرط لمنح التراخيص للاستثمارات الاجنبية، كما ان المطالب تشمل حرية التنظيم النقابي واجراء اصلاحات على صعيد المشاركة السياسية.

وتقول مصادر اماراتية ان الملاحظات الأميركية على بعض القوانين والتشريعات الاماراتية لا تشكل شروطا تعجيزية، وان الامارات مهيأة لإحداث تغيير في كثير من التشريعات بغض النظر عن اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. واشارت في هذا الصدد الى ان من ابرز الاولويات التي كانت امام الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد والتخطيط منذ تسلمها الحقيبة الوزارية منذ اقل من ثلاثة اشهر اعادة النظر في العديد من التشريعات الاقتصادية ونقل عنها انها قالت «ان القوانين الحالية لا تتناسب مع التطور الذي تشهده الساحة الاقتصادية الاماراتية من نشاط ودينامية».

وحتي في القضايا ذات الطبيعة الاجتماعية، فإن وزارة العمل بصدد مراجعة قانون العمل والعمال مراجعة عميقة تصل الى حد السماح بقيام تنظيمات نقابية. والى جانب ذلك، فإن وزارة العمل ابدت مؤخرا تحفظات على اساليب تعامل بعض الشركات مع العمال وفرضت عقوبات على بعضها.