وزير التجارة العراقي : التحول التدريجي أفضل وسيلة للخصخصة والقطاع الخاص شريك في حركة التنمية

الدكتور محمد الجبوري في حوار مع «الشرق الأوسط» حول مستقبل الاقتصاد العراقي وتطور إدارات الدولة

TT

اكد الدكتور محمد مصطفى الجبوري وزير التجارة العراقي انه مع خصخصة الشركات التابعة للوزارة وبشكل يضمن حقوق العاملين فيها عن طريق وضع سياسة اقتصادية مدروسة قبل القيام بعملية الخصخصة وان يأخذ القطاع الخاص دوره بعد ان حيد على مدى 40 سنة. وقال الدكتور الجبوري في حوار مع «الشرق الأوسط» ان افضل طريقة للخصخصة هي التحول التدريجي لها نحو اقتصاد متطور اثبت عبر تجارب العديد من الدول بان هذا التحول التدريجي حقق نجاحا باهرا في اقتصادات تلك الدول مما انعكس ذلك ايجابيا على التحول الاجتماعي لشعوب تلك البلدان. واضاف وزير التجارة قائلا «ان كل تحول اقتصادي يجب ان يرافقه تحول اجتماعي وان تكون هناك موازنة لكي لا تكون هناك اضرار اجتماعية وان تكون هناك موازنة بين هذين التحولين لمحاولة السيطرة على ظهور افراد او شركات تثري بشكل كبير وسريع على حساب باقي المواطنين». وحول تخوف العراقيين من الخصخصة وخصوصا العاملين في الشركات التي تنوي الوزارة خصخصتها وهل ستضمن الوزارة حقوق العاملين في تلك الشركات، اوضح الدكتور الجبوري قائلا «ان من حق المواطن العراقي ان يبدي تخوفا على هذه التجربة الجديدة عليه ولكن من الظلم ايضا ان يلقي بالآلاف من العاملين في تلك الشركات على قارعة الطريق. بيد انه يتوجب ايجاد سياسة كلية للاقتصاد يتم من خلالها تقديم الدعم الاجتماعي قبل البدء ببرنامج التحويل للخصخصة». واشار الى انه ولغرض المحافظة اجتماعيا على العائلة العراقية والتركيبة للهرم الاجتماعي لأن المسألة المادية تعد العامل الاساس في تكوين الاسرة يجب توفير الحد الادنى من العيش الكريم واعطاء الفرص الكافية لهؤلاء العاملين ليتمكنوا من العيش في ظل اوضاع اقتصادية جيدة وألا تؤثر الخصخصة على مدخولاتهم بل تحسن وضعهم المعاشي في ظل ظروف اقتصادية متطورة. واكد وزير التجارة ان الهدف الاساسي من الخصخصة هو لرفع مستوى المجتمع اقتصاديا لان الهدف الاساس هو الانسان والعمل على رفع مستواه المعاشي، وبالتالي فمن الواجب حمايته من خلال وضع نظام اجتماعي وبعد ان يتحقق هذا البرنامج تتحقق الخصخصة، مشيرا الى ان العراق بلد غني وتتوفر فيه كل وسائل النجاح وان القطاع الخاص فيه لو كان قد اعطي دوره الصحيح لأصبح العراق واحدا من افضل دول العالم وليس دول المنطقة. وقال الدكتور الجبوري ان العراق يتمتع بثروات طبيعية وبشرية لم تجتمع هذه الثروات في بلد مثلما اجتمعت في العراق ولكن ومع سوء ادارة الاقتصاد بالشكل الصحيح اضافة الى التجاذبات السياسية الخارجية لتفكيك الدولة العراقية من قبل وبالتحديد عام 1958 جعلت من الاقتصاد العراقي في تدهور نتيجة لهذه السياسات وفرض الدولة هيمنتها على الاستيرادات من خلال القطاع العام جعل البلد يتخبط بسياسة اقتصادية خاطئة بددت ثروات العراق. وعن تعدد شركات القطاع العام التجارية والمرتبطة بوزارة التجارة كالاسواق المركزية وشركات المواد الانشائية والشركة العامة لتجارة السيارات والشركات الاخرى قال الجبوري ان هذا خطأ كبير لان المفروض ان تحدث منافسة وان تقوم الوزارة بدعم القطاع الخاص ان كان على شكل شركات او افراد، مشيرا الى ان من واجب الدولة او الحكومة ان تدعم الفرد العراقي وان تسلحه بسلاح العلم الى ان يحصل على شهادة جامعية تخصصية ليتمكن من خدمة بلده الذي من الممكن ان يتطور بسرعة ليصل الى مصاف الدول المتقدمة اذا ما اتيح له الأمن واتيح له رجال يقودون سياسات البلد الاقتصادية. واضاف وزير التجارة «فكرنا في ان نحول الاسواق المركزية التابعة للوزارة الى القطاع الخاص سواء كان المحلي او الاجنبي لغرض تطويرها عن طريق المشاركة او الايجار طويل الامد او البيع لكننا تلقينا خطابا من مجلس الوزراء بإنشاء هيئة للخصخصة تتولى موضوع معالجة الشركات الحكومية وخصخصتها وهذا ما جعلنا ان نؤجل عرض تلك الاسواق او تحويلها الى القطاع الخاص». واوضح الدكتور الجبوري صادرات العراق خلال عام 1957 قائلا..«لقد كان العراق يصدر مليونا ونصف المليون طن من الحبوب الى الخارج ولكن وبعد تطبيق سياسة الاصلاح الزراعي في العراق انهار القطاع الزراعي في العراق بدليل ان وزارة التجارة تستورد الآن 80 في المائة من الحنطة والرز الذي تستهلكه و 95 في المائة من مادة السكر، معيدا الى الاذهان ان العراق كان في فترة الستينات ينتج حوالي 60 في المائة من الاستهلاك من مادة السكر سواء من البنجر السكري او قصب السكر». ووصف الوزير الاقتصاد العراقي بـ (الأعرج) الذي يتكأ على قطاع واحد هو القطاع النفطي بحيث تراجعت مساهمات بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى مثل الصناعة والزراعة والسياحة والنقل وباقي القطاعات الاخرى، مؤكدا انه كان بالامكان ان تتطور كافة القطاعات وتتناسق لتكون بالمحصلة النهائية اقتصادا متينا قويا ينعكس بشكل ايجابي على قوة الدولة ومتانة اقتصادها. واشار الدكتور الجبوري الى ان الوزارة تقوم الآن بدراسة الجدوى الاقتصادية لامكانية استحداث دائرة او قسم للشحن يعنى بشؤون النقل البري والبحري للمواد الداخلة ضمن حصة الفرد العراقي عن طريق البطاقة التموينية بالتنسيق والتعاون مع وزارة النقل العراقية. وقال وزير التجارة ان عمل الوزارة سيقتصر على العمل بنظام البطاقة التموينية لأمد بعيد مع التأكيد على تحسين مفرداتها نحو الأفضل بعد ان تنحصر في مجال معين وللمحتاجين لموادها مشيرا الى ان العمل بالطاقة التموينية وجد في العراق بسبب الحصار الذي كان مفروضا عليه بعد حرب الخليج الثانية وانه كان من المفروض ان يزال العمل بها بعد ان زال الحصار عن العراق ولكن الاقتصاد العراقي في وضع مدمر ومن الخطأ ان يتوقف العمل بها الآن بسبب تدني المستوى المعاشي للفرد العراقي. واضاف ان دور الوزارة سيبقى، بعد ان تتم خصخصة الشركات التابعة لها، دورا تنسيقيا للتجارة الخارجية في حين سيبقى دورها في التجارة الداخلية كعامل متوازن واحتياطي استراتيجي شأنها بذلك شأن نظيراتها في باقي دول العالم وان يتم التحوط لا سمح الله لمواجهة حدوث الكوارث الطبيعية عن طريق خزن المواد الغذائية الضرورية. وعن تخصيص المبالغ او المنح من البنك الدولي او الدول المانحة لوزارة التجارة، قال الدكتور الجبوري لم يتم تخصيص أي مبلغ سوى منحة بسيطة من البنك الدولي لا تتجاوز الثلاثة ملايين دولار لغرض تشجيع الشركات الصغيرة في القطاع الخاص والأخذ بأيدي الشباب لإنشاء مشاريعهم الاقتصادية، مشيرا الى ان هناك طلبات ترد الى الوزارة من قبل الشركات الاجنبية والافراد للمساهمة في اعادة اعمار المنشآت التابعة لها على حساب منح دولهم وهذا الامر لم يتحقق اي شيء منه لحد الان. واكد الدكتور الجبوري ان من اهم الانجازات التي تحققت للوزارة خلال توليه الحقيبة الوزارية هو قبول طلب انضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية خلال شهر ديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي، مشيرا الى ان هناك محاولات تبذلها الوزارة من أجل تسريع انضمام العراق لهذه المنظمة. وقال وزير التجارة «لقد انشأنا لجنة مركزية على مستوى العراق للتحضير للاجتماعات التي ستعقد مع ممثلي منظمة التجارة العالمية وتم إرسال هذه اللجنة للتدريب على أسلوب التباحث خارج العراق مستفيدين بذلك من تجارب الدول الاخرى». واضاف الجبوري انه تم انشاء دائرة للقطاع الخاص معنية بمد يد العون للشركات الصغيرة وبالتعاون مع البنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى لمساعدة هذا القطاع والنهوض به اضافة الى حث الوزارات العراقية لضرورة تفعيل دور اللجان الاقتصادية المشتركة فيها، مشددا على ان وزارته اخذت دورها في تفعيل اللجان الاقتصادية المشتركة مع دول العالم وتم ادخال القطاع الخاص في هذا المجال وتم اعطاؤه الدور المناسب في معظم الاجتماعات التي تعقد والوفود التي تشارك في الاجتماعات خارج العراق التي اثبت فيها القطاع الخاص دوره المهم في اثراء وتنشيط الحركة الاقتصادية للبلد واثبت ايضا دوره في تفعيل الاتفاقيات التي ابرمت. وعن العقود التي ابرمتها الوزارة، اكد الدكتور الجبوري ان العقود التي ابرمتها الوزارة تنصب في استيراد المواد الداخلة ضمن مفردات البطاقة التموينية، اذ ان قسما من العقود الموقعة سابقا على مذكرة التفاهم مع دول لا يزال القسم منها ساري المفعول اما العقود مع عدد من الدول الاوروبية لتجهيز حليب وغذاء الاطفال وحليب الكبار فيما تم توقيع عقود اخرى مع دول عدة منها ماليزيا وتركيا والاردن لتجهيز مادة السمن النباتي. واضاف ان الوزارة وقعت ايضا عقودا مع استراليا لتجهيز العراق بالحنطة ومع شركات تركية واماراتية لاستيراد الطحين ومع شركات تركية وعراقية لتجهيز البقوليات في حين وقعت عقودا اخرى مع شركات تركية واردنية وعراقية لتجهيزها بالمساحيق ومواد التنظيف فيما وقعت عقودا مع شركات انجليزية وفرنسية وبرازيلية واماراتية وعراقية لتجهيز مادة السكر. وكشف الوزير النقاب عن استشراء الفساد الاداري والعلني وغياب القانون والنظام عندما تسلم حقيبته الوزارية، مؤكدا انه عمل على استبعاد العناصر المسيئة من الوزارة واعادة تنظيم عملها واصفا ادائه بالقول «انني غير راض عن اداء عملي في الوزارة بسبب الظروف الأمنية ووجود الفساد الاداري وهدر الاموال والبطء في العمل مؤكدا وجود سلبيات عديدة في عمل وأداء الوزارة من الممكن تجاوزها فيما اذا استتب الأمن والنظام في البلاد». وعن موضوع اعادة فتح الدوائر التجارية خارج العراق، اكد الدكتور الجبوري ان لدى الوزارة خطة جديدة لاعادة فتح عدد من الدوائر التجارية في دول الجوار وفي دولة او دولتين اوربيتين وفي اميركا واستراليا والعمل على تطوير الدوائر الموجودة في الصين وتركيا والاردن والقاهرة ودمشق وايران والكويت والامارات.