إدانة الرئيس السابق لـ«وورلد كوم» بالاحتيال والتزوير والتآمر لسرقة المستثمرين

إيبرز ضلل وول ستريت بقيمة 11 مليار دولار

TT

أصدرت إحدى المحاكم الاميركية مساء أول من أمس حكما بإدانة برنارد إيبرز رئيس مجلس الادارة السابق لشركة الاتصالات الاميركية العملاقة وورلد كوم المفلسة، والتي تعتبر أكبر قضية إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة. وكانت هذه الشركة قد انهارت عام 2002 بعد الكشف عن فضيحة التلاعب في حساباتها بقيمة 11 مليار دولار لتضليل المساهمين والمستثمرين. وقال إيبرز في دفاعه عن نفسه أمام المحكمة، إنه لم يكن يعلم شيئا عن عمليات التلاعب في الحسابات وحمل مسؤولية التلاعب في الحسابات لمرؤوسيه. ولكن هيئة المحلفين في المحكمة الاتحادية في نيويورك لم تقتنع بدفاعه وأصدرت حكمها بإدانته بالاحتيال والتآمر وتزوير وثائق وتقديمها إلى سلطات سوق المال الاميركية.

وسيتم النطق بالحكم بحق إيبرز (63 عاما) في يونيو (حزيران) المقبل، وهو يواجه أحكاما بالسجن يفترض أن تصل إلى 85 عاما. لكن القضاة عادة لا يصدرون الحد الاقصى للعقوبة في مثل هذه القضايا. ورجح المراقبون أن يقتصر الحكم على 20 عاما. وكان إيبرز الذي بدأ حياته كمدرب لفريق كرة السلة، قد نجح في تحويل شركة وورلد كوم من شركة صغيرة في ولاية مسيسيبي إلى ثاني أكبر شركة للاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة. وقد أشهرت الشركة إفلاسها عام 2002 ثم عادت إلى الحياة مرة أخرى باسم «ام.سي.آي». ومن شأن هذا الحكم أن يمهد لمجموعة من الأحكام الأخرى التي تتناول مجموعة من الشركات الأميركية التي أفلست خلال السنين القليلة الماضية، أبرزها بالطبع شركة تجارة النفط الأميركية العملاقة، إنرون، التي اعتبرت من أكبر إفلاسات التاريخ. البرتو غونزاليس، المدعي العام الأميركي اعتبر الحكم انتصارا للعدالة ولفريق مكافحة الفساد الذي اطلقه الرئيس جورج بوش. وقال إنه مرتاح لأن المحلفين اتفقوا مع الادعاء في الرؤية، ووجدوا أن الفساد شمل مستويات الإدارة الوسطى في وورلد كوم إلى الإدارة العليا كافة. وبعد صدور الإدانة سمح لإيبرز بمغادرة المحكمة إلى منزله وعائلته رافضا التعليق. إلا أن محاميه رايد فاينغارتين، قال إنه سيطعن في قرار المحلفين نافيا أن يكون موكله متورطا في عملية الاحتيال وبتزوير الحسابات في وورلد كوم. وأشار المحامي إلى منح ثلاثة من كبار مديري وورلد كوم الأمان لتعاونهم مع التحقيق كأساس لاستئناف الحكم، واعتبر أن الاستئناف يحظى بفرص نجاح مبشرة. المحاكمة استغرقت خمسة أسابيع، فيها شهد كبار المديرين بأن أوضاع شركة وورلد كوم بدأت بالانحدار عقب انفجار بالون الانترنت في الفصل الثاني من العام 2000 بعد أن تضخمت كثيرا باستثمارات تركزت في قطاعات الانترنت والاتصالات والإعلام. وعندها فقدت وولرد كوم الكثير من زبائنها المفلسين وبدأت تعاني من شحة الموارد في وقت كانت تتسم فيه بالمديونية العالية. وتراكمت المديونية نتيجة عمليات الضم التي أجرتها الشركة في مسعاها لتصبح إحدى أكبر شركات الاتصالات في العالم. وقال أبرز نجوم الشهود، سكوت ساليفان، المدير المالي الأول إنه بدأ بالتلاعب بدفاتر الشركة أواخر 2000 لإخفاء نفقات الشبكات المتعاظمة، ولكي تنسجم الحسابات مع توقعات وول ستريت. وكشف ساليفان الذي أقر بذنبه منذ البداية أنه حذر رئيس الشركة إيبرز من مغبة التلاعب بالحسابات، إلا أنه كان يحثه دائما على مواصلة فعلته. ولقد أدى إفلاس وورلد كوم إلى فقدات آلاف الوظائف الأميركية فضلا عن تداعيات سياسية كبيرة على إدارة الرئيس جورج بوش الذي وصف عهده بعهد الفساد في قطاع الشركات. إدانة إيبرز تمهد لمحاكمة كين لاي، رئيس مجموعة إنرون ورئيسها التنفيذي جفري سكيلنغ. ولقد أفلست إنرون في نفس الفترة تقريبا. وكانت مارثا ستيوارت رئيس مجموعة فرانك كواترون قد أنهت أخيرا حكما بالسجن بسبب تلاعب مماثل في حسابات الشركة. محاكمة ايبرز حلقة في مسلسل محاكمات مثيرة في قطاع الأعمال الأميركي يراقبها العالم كمثال أو نموذج لكيفية مكافحة الفساد الذي يستهدف مدخرات واستثمارات الملايين الذين وضعوا ثقتهم بأميركا من انحاء العالم كافة.