السعودية: ارتفاع كبير في أسعار الأغنام عشية عيد الأضحى

مطالبات بإيجاد لجنة مراقبة دائمة لأسواق الأضاحي للتأكد من مطابقة المعروض للمواصفات الشرعية

TT

حول مربو وبائعو المواشي طرق العاصمة السعودية عشية اول ايام عيد الاضحى المبارك الى حظائر لعرض خرافهم لتكون محط انظار سكان العاصمة السعودية الرياض. ويعترف هؤلاء الباعة ان اسعار هذا العام تفوق بكثير اسعار العام الماضي، موضحين ان السبب هو ان خرافهم خالية وسليمة من امراض العصر التي اصابت بعض المواشي الاوروبية المستوردة. وتراوحت اسعار الاغنام ما بين 800 و1600 ريال للرأس، واحتل قمة هرم هذه الاسعار (النجدي) الذي تتم تربيته محليا في مزارع متخصصة وفي البراري.

وقد بدأت آثار انتعاش كبير جداً في الظهور على أسواق الماشية في جميع الدول الإسلامية، وخاصة في السعودية التي يتوقع ان ينحر فيها في هذا الموسم اكثر من 6 ملايين رأس. وارتفعت اسعار الاغنام بنسب وصلت حاجز الـ150 في المائة كما هو الحال مع «النجدي» الذي ارتفع سعره من 500 ريال (133 دولاراً) للرأس في الايام العادية لتصل الى حوالي 1600 ريال حسب اسعار يوم امس (426 دولارا) فيما ارتفع النعيمي بنحو 70 في المائة حيث ارتفعت اسعاره التي كانت بحدود 550 ريالا (146 دولارا) للرأس في الايام العادية لتصل الى 950 ريالا (253 دولارا) خلال فترة الاضاحي.

واكد احمد الخلف (احد كبار تجار المواشي في السعودية) ان هذا الارتفاع في الاسعار جاء بسبب النقص الكبير في عدد المواشي المناسبة للاضاحي والمتوفرة في الاسواق السعودية حالياً خاصة بعد منع السلطات السعودية لاستيراد الحيوانات من عدد من المناطق خوفاً من اصابتها بالامراض، مشيراً الى انه توجه شخصياً للبحث عن المواشي المناسبة في عدد من الدول كباكستان واميركا الجنوبية لتوفير مصادر بديلة لاغنام.

وطالب بسرعة إيجاد لجنة مراقبة دائمة على أسواق الأضاحي المحلية للتأكد من مطابقة الأغنام المباعة للمواصفات الشرعية، خاصة بعد دخول مربي ماشية سعودية لبيع أغنام تقل أعمارها عن الستة أشهر، وتبدو كبير الحجم، نتيجة التغذية الجيدة التي حظيت بها الماشية المحلية هذا العام بعد هطول الأمطار وتحسن المراعي.

ورغم أنه لا توجد أرقام دقيقة حول إجمالي الذبائح التي تستهلكها مدينة الرياض سنويا فانها تقدر بنحو 1.1 مليون ذبيحة، الا أن عمليات الذبح خارج المسالخ الرسمية تتم عادة في المطابخ، والمطاعم الشعبية التي تغفل مسألة التخلص من بعض الأعضاء الحيوانية التي تمثل مستودعات خصبة للأمراض وهو ما تم السماح به مؤقتاً لتلبية حجم الطلب على المسالخ الرسمية، فيما تقدر أوساط سوق الماشية في العاصمة السعودية نسبة ما سيتم ذبحه خارج المسالخ الرسمية في منطقة الرياض بنحو 80 في المائة من إجمالي عدد الذبائح التي يقدر ذبحها يومياً.

ويوجد في الرياض حاليا أربعة مسالخ رسمية موزعة في مناطق العزيزية، الحائر، النسيم وظهرة البديعة، والملاحظ أن هذه المواقع جذبت اليها أعداداً من المطابخ الصورية التي تقوم بذبح الماشية التي ترفضها تلك المسالخ، وكما يقول أحد المهتمين بالثروة الحيوانية فإن تلك المطابخ تعمل وكأنها مسالخ بديلة للمسالخ الرسمية مما يثير القلق لدى المؤسسات الخاصة التي تدير المسالخ الرسمية بعقود طويلة الأجل، وبرسوم تتراوح فيما بين 10 و15 ريالا للذبيحة الواحدة، الى جانب عملها على الاستفادة من المخلفات مثل الجلود.

ووفقا لورقة عمل أعدتها غرفة تجارة الرياض فإن هذه الظاهرة تساهم ايضاً في تهديد الثروة الحيوانية بالتناقص والإنكماش عبر ذبح صغار الإناث بعيداً عن الرقابة، وهو ما يتعارض مع توجه الحكومة السعودية نحو تطوير قطاع الثروة الحيوانية وتنميته لتلبية الطلب المحلي.

كما تثير الظاهرة مخاوف أخرى تتعلق بصحة الإنسان أيضا من خلال ذبح الماشية الموبوءة، إذ يعاني قطاع الثروة الحيوانية من انتشار الأمراض والأوبئة التي تنتقل عدواها من الدول المصدرة للماشية، وانتشارها عبر وسائط النقل والأسواق، وهذه الأخيرة تعد أبرز مسببات انتشار الأمراض والأوبئة، إذ تختلط فيها الحيوانات السليمة بالمريضة، مع غياب أي نوع من أنواع الحجر على الحيوانات الواردة على أسواق الماشية.

وتشير الورقة التي أعدها فريق الثروة الحيوانية والألبان المنبثق عن اللجنة الزراعية في غرفة الرياض الى أن أمراض الحيوانات المستوردة قد لا تظهر أثناء الفحص الأولي في المحاجر الحيوانية، بل تأخذ وقتاً بعد انتهاء فترة كمون المرض في جسم الحيوان، الأمر الذي يتطلب فترة حجر طويلة، وإجراء اختبارات ذات فاعلية أكبر، ويسعى الفريق ذاته الى اعداد دراسات تهدف للحد من انتشار الأمراض الوبائية الوافدة، ومقاومة الأمراض المحلية، والتعرف على الوضع الصحي لأسواق الماشية وتطويرها، ومراجعة مستويات الأداء في المسالخ.

وكانت وزارة الزراعة السعودية قد زودت التجار والمستوردين، بنشرة ربع سنوية عن الأمراض المحجرية للحيوانات والطيور والدول الموجودة فيها، أوردت فيها قائمة بالأمراض الحيوانية والدول الموبوءة شملت الطاعون البقري، جنون الأبقار، الالتهاب الرئوي البللوري في الأبقار، الحمى القلاعية، مرض الكلب، التهاب الأنف والقصبة الهوائية المعدي في الأبقار، الحمى الفحمية، التريبا نوسوما، طاعون المجترات الصغيرة، جدري الأغنام، سكرايبي، والدودة اللولبية، وحمى الوادي المتصدع.

وعلى ذات الصعيد نشطت أسواق الماشية في الرياض، وازدحم سوق العزيزية الذي يعد أكبر سوق للأغنام في العاصمة السعودية بالمشترين الذين توافدوا علىه خلال اليومين الماضيين، وسجلت السوق دخول أعداد كبيرة من الشركات والمؤسسات الكبرى مثل الخالدية، الوطنية، نادك، اخوان، لبون، وغيرها من الشركات التي لجأت إلى تقديم ضمانات لعملائها تتيح لهم إرجاع الماشية في حالة اكتشاف عيب شرعي، وهو ما مكنها من الاستحواذ على حصة تتجاوز 22 في المائة من حجم سوق الأضاحي في الرياض الذي يصل عند حدود 1.1 مليون رأس، وتعد من أكبر العواصم العربية والإسلامية تقديما للأضاحي خارج حدود مكة والمشاعر.

وتعد المناسبة فرصة لزيادة مداخيل العمالة الوافدة في الرياض، حيث يلجأ أفراد من العاملين في مهن مختلفة كسائقي ليموزين، عمال بناء، وسباكين، ونجارين وغيرهم إلى تقديم خدمات الذبح والسلخ مقابل أجور قد تصل إلى 100 ريال للرأس الواحد، رغم أن أمانة مدينة الرياض وفرت أربعة مسالخ بطاقة 1800 ذبيحة في الساعة لخدمة سكان المدينة، في هذه الأثناء ثبتت أسعار اللحوم المجمدة في الرياض عند معدلاتها السابقة، وأستبعد عاملون في هذه السوق أن يطرأ أي تغيير على أسعار اللحوم المبردة والمجمدة خلال الفترة المقبلة.

يذكر أن أعداد الثروة الحيوانية المحلية من الماشية في السعودية بلغت 9.17 مليون رأس مع نهاية عام 1997 منها 6.10 مليون رأس من الضأن منها 2.1 مليون رأس تنتج في المشاريع المتخصصة، 2.6 مليون رأس من الماعز، 785 الف رأس من الإبل، فيما استوردت اكثر من 4 ملايين رأس من الماشية في النصف الاول فقط من عام 2000 الماضي احتلت الاغنام غالبيته حيث بلغ حجمها حوالي 8.3 مليون رأس =