خبراء: لا تكامل إقليميا في آسيا من دون إصلاحات هيكلية للاقتصاد

TT

طوكيو ـ أ.ف.ب: اعتبر خبراء في التجارة الدولية ان مشاريع التكامل الاقليمي التي تتم عبر اتفاقيات التبادل الحر في آسيا لا تتمتع بكثير من فرص النجاح اذا لم توافق مختلف الدول على اجراء اصلاحات داخلية موجعة لكن لا مفر منها. وعلى الرغم من التحول الاخير لليابان باتجاه الاتفاقيات الثنائية او الاقليمية للتبادل الحر ومن المبادرات السابقة التي اتخذتها مجموعة دول جنوب شرق آسيا او دول آسيا ـ المحيط الهادئ، فان آسيا متأخرة جدا نسبة الى اوروبا او الاميركيتين وتصطدم خطوات التكامل التجاري الاقليمي فيها بمقاومة المصالح القائمة.

ولفت دونالد كامبل، النائب السابق لوزير الخارجية الكندي، خلال ندوة حول التكامل الاقليمي في آسيا نظمتها هيئة التجارة الخارجية اليابانية هذا الاسبوع في طوكيو، الى انه ينبغي على الاتفاقيات الثنائية للتبادل الحر ان تشجع على حصول تغييرات حقيقية في الهيكلية الاقتصادية «اني اشكك فعلا بقيمة اتفاق ثنائي للتبادل الحر لا يفرض تصحيحا هيكليا كبيرا في الصناعات الوطنية غير المجدية». واضاف كامبل ان «ذلك يشكل اختبارا مفيدا يفترض ان تخضع له الاتفاقيات الثنائية للتبادل الحر قيد البحث حاليا في آسيا: هل تتمتع بقيمة فعلية على الصعيد الاقتصادي او هي مجرد عروض سياسية وحسب؟».

وذكر هيرمينيو بلانكو ماندوسا، وزير التجارة والتنمية الصناعية السابق في المكسيك، بالمبادرات الفاشلة للتكامل الاقليمي في اميركا الجنوبية او الوسطى في الستينات ثم في الثمانينات، وقال «اذا لم تكن لدى الدول رغبة سياسية في الاصلاح على الصعيد الداخلي، فان المباحثات حول الاتفاقيات الثنائية للتبادل الحر لن تؤدي الى اي نتيجة».

واضاف بلانكو «ان المفاوضات حول الاتفاقيات الثنائية للتبادل الحر لم تصبح جدية الا في التسعينات فقط، عندما بدأت دول اميركا الجنوبية بفتح اقتصادياتها والانطلاق باجراء اصلاحات هيكلية». وبالاضافة الى ذلك، فان مشاريع التحرير التجاري داخل مجموعة دول آسيا ـ المحيط الهادىء الواردة في اعلان بوغور العائد لعام 1994، تصطدم في ما تواجه من عقبات، بسياسة الحماية الزراعية اليابانية. وداخل مجموعة دول جنوب شرق آسيا، تنعكس رغبة ماليزيا في حماية صناعة السيارات لديها سلبا على حسن سير العمل في منطقة التجارة الحرة داخل دول المجموعة.

وذكر كامبل بانه عندما طرحت مشكلة انضمام كندا الى اتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية نفسها، «طرحت الزراعة، وعلى غرار اليابان، مشكلة صعبة ودقيقة»، ولكن الانفتاح على المنافسة يمكن ان يعطي نتائج غير متوقعة. وذكر المدير العام المساعد لمنظمة التجارة العالمية بول هنري رافييه من جهته بالنتيجة المتناقضة للتكامل الاوروبي، وقال ان فرنسا، وهي تقليديا قوة زراعية، «زادت قاعدتها الصناعية بشكل هائل»، وان المانيا، عملاق الصناعة، «باتت بلدا زراعيا كبيرا». وبتعبير اخر، فان التبادل الحر يؤثر على قاعدة المنافع المقارنة وانما داخل الفروع الصناعية. واوضح رافييه ان «الدول تميل الى التخصص داخل القطاعات الصناعية وفق نسق من العلاقة بين النوعية والسعر». ولذلك، اضاف رافييه، «ينبغي ان لا نبالغ في تقدير الصعوبات التي نتحدث عنها في شأن الاتفاقيات الاقليمية للتبادل الحر في آسيا».

ولكن الرجل الثاني في منظمة التجارة العالمية يعترف بالطبع بان الاصلاحات الهيكلية يمكن ان تكون باهظة الثمن على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. واكد قائلا «لكنه، في الاجمال، وضع مربح للجميع». واورد رافييه مثل صناعة التعدين في اوروبا التي اعيدت هيكليتها مرارا مع ما حملت من اثار مؤلمة، وباتت تشكل الان اول مجموعة عالمية بالمقاربة مع مجموعات «اوسينور» و«اربيد» و«اسيراليا». وقال «اني مقتنع ان صناعة الفولاذ الاوروبية لكانت قد اختفت لولا التكامل الاوروبي، ان الامر بهذه البساطة تماما».