هل يذيب صيف الخليج قيم الأسهم؟

د. أحمد مفيد السامرائي *

TT

ذكرت في وقت سابق من العام الماضي، حول توقعاتي بأن تستمر الأسواق المالية العربية بالارتفاع خلال الربع الأول من عام 2005 قبل أن تبدأ بعمليات تصحيحية في أكثر من اتجاه بعد ذلك. وقد حصل الارتفاع بالفعل ولكن ضمن معدلات أعلى بكثير من التوقعات، وبعد خمسة أيام سينتهي الربع الأول مع عدم وجود أية دلالات أو أشارات بوجود حركة تصحيحية على المدى القريب. فالأسواق منطلقة بقوة، الارتفاعات تشمل جميع الأسواق المالية الخليجية بدون استثناء، والمكاسب تغطي كافة القطاعات. الحكومات، البنوك المركزية الخليجية، خبراء المال والاقتصاد يدركون بأن الارتفاع مبني على أسس سليمة، ولكن وتيرة الارتفاع مبالغ فيها. لا يمكن أن يقوموا بأي خطوة من شأنها التدخل في اتجاهات السوق، بالتالي هي عملية عرض وطلب، الأداة الوحيدة التي كان يمكن استخدامها هي رفع معدلات الفائدة، ولكن الارتباط مع الدولار أحجم هذه القدرات بشكل مؤثر. ولم أعرف لماذا لا يتدخل البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة على العملة المحلية والتي لن تؤثر على اسعار الصرف من جهة وستدعم احتواء معدلات المستهلكين من جهة أخرى. كبار المستثمرين يدركون بأن المضاعفات الربحية للأسواق أصبحت مرتفعة للكثير من المؤسسات والبورصات، وكنت أضع رهاني هذا العام على السوق العماني والكويتي، مع وضع السوق الإماراتي والقطري والسعودي ضمن خانة الأسواق التي ستتجنبها السيولة الجديدة الداخلة في السوق بسبب ارتفاع قيمها. وقد شهدنا ارتفاعا في السوق العماني بنسبة 29% خلال الربع الأول مع أداء أفضل للكويتي 19%، إلا أن السوق القطري انطلق بشكل غير متوقع وبنسبة 67% خلال الربع الأول والسوق المصري بحدود 50% والسعودي 27% والنمط مشابه لبقية الأسواق. الإصدارات الأولية لم تحد من جماح الأسواق الثانوية، بل ساهمت في دفع مزيد من المستثمرين الجدد إلى أسواق المال. وارتفعت المضاعفات الربحية للأسواق بشكل قد يعتبره المستثمرون المحافظون بأنه (مخيف)، وعند المقارنة، فإن مضاعف السوق العماني يعتبر الاقل، وبالتالي الاكثر جذبا من الناحية النظرية. فهل يمكن أن أمدد التفاؤل باستمرار ارتفاع الأسواق إلى ربع مالي أضافي، وتأجيل الحركة التصحيحة إلى منتصف يونيو (حزيران) أو يوليو (تموز)؟ التأجيل لا بد منه في ظل واقع الحال، كبار المستثمرين وقدامى المستثمرين، الذين تملكوا أسهم شركات بأثمان رخيصة، لن يتخلوا عنها مع انخفاض أسبوع أو أسبوعين، فلديهم معدل شراء متدن جدا لن يتمكنوا من تكراره مجددا. فالتراجعات الأسبوعية التي حصلت في بعض الأسواق بين فترة وأخرى لم تتجاوز 2 ـ 3% ومن ثم تعاود الارتفاع إلى معدلات أعلى. هذه التراجعات لن تدفعهم بالتخلي عن الأسهم التي جنت لهم مكاسب كبيرة لم يكن أكثر المتفائلين يحلم بها وزادت ثروات المستثمرين في السوق الى اكثر من 70 ـ 80 مليار دولار. أتوقع أنه اذا حصل انخفاض لأربعة أسابيع متتالية في أي سوق مالي، فإن عمليات تسييل ستحدث، ويقوم كبار المستثمرين بالاعلان رسميا عن تنازلهم لكميات من الاسهم التي تمتلئ فيها محافظهم المالية، على امل أن يعودوا اليها مرة أخرى في وقت لاحق. وسيفزع الكثير من المستثمرين الجدد من كافة المستويات، ستتراجع الأسعار، وتبدأ المرحلة التصحيحية التي طال انتظارها. فهل ننتظر فصل الصيف ليذيب الأسعار؟

* خبير مالي واقتصادي [email protected]