بكين تعزز استثماراتها في قطاع الطاقة في السودان ودول أفريقية

الطلب الصيني على النفط يتجه للنمو بنسبة 10% خلال العام الحالي

TT

بينما ينمو اقتصاد الصين بمعدل 9.5% سنويا، وهذا أكثر من ضعف النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الذي يتأرجح بين 3.5 و4%، وأربعة أضعاف نظيره في منطقة الاتحاد الأوروبي واليابان، تسعى الصين لزيادة نشاطها الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم لا سيما القارة الأفريقية.

ويرافق هذا النمو ازدياد كبير في الطلب على الطاقة من نفط وغاز، وتشير نشرة «فوربس» المالية الصادرة بتاريخ 28 مارس (آذار) هذا العام، إلى أن طلب الصين من النفط سينمو بنسبة 10% لعام 2005 وسيصل إلى 354 مليون طنا، حسب مصادر رسمية صينية.

وستشهد الصين نموا في قطاع الصناعة يبلغ 17.2% في الربع الأول من العام، ومن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 2.7% في الربع الأول من هذا العام. ومنذ أواسط التسعينات تبذل الصين جهودا كبيرة لاقتحام أسواق جديدة للاستثمار خاصة في القارة الأفريقية.

وتعتبر الصين قطاع الطاقة من أهم القطاعات لتغذية النمو الصناعي واختارت السودان كمدخل لهذا القطاع، ومن خلاله لعبور القارة الأفريقية.

وباتت الصين أهم لاعب في قطاع الطاقة النفطية السودانية، حيث استثمرت 4 مليارات دولار منذ أواسط التسعينات. ومما لا شك فيه أن الصين استغلت تردد الشركات الغربية من الاستثمار في السودان لأسباب سياسية، حيث أصدرت الحكومة الأميركية قانونا يحرم الشركات الأميركية من الاستثمار في السودان.

ووقعت الصين اتفاقيات تنقيب وإنتاج وبناء مصفاة تكرير مع الحكومة السودانية. وقد عارضت الصين فرض عقوبات اقتصادية على السودان بسبب تدهور الوضع الأمني والإنساني في دارفور. ومن الجدير بالذكر أن السودان بدأ إنتاجه النفطي في عام 1999، وينتج حاليا 310 آلاف برميل يوميا، ويأمل في أن يزيد ذلك إلى 500 ألف برميل يوميا قبل نهاية العام الحالي. وتستورد الصين 5% من حاجتها النفطية من السودان. وتبني شركة الصين النفطية الوطنية خط أنابيب طوله 1506 كيلومترات، يربط آبار النفط مع ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

كما اقتحمت الصين أنغولا الغنية بالنفط والمعادن لتتنافس مع الشركات الأميركية العملاقة (شيفرون ـ تكساكو ـ إكسو ـ موبيل)، واستطاعت الصين توقيع اتفاقيات رسمية مع الحكومة على مشاريع للتقيب والإنتاج. وتم توقيع اتفاقية طويلة الأمد بين البلدين تشتري بموجبها الصين كميات منتظمة من النفط الأنغولي، وأنغولا ليست عضوا في منظمة «أوبك» وتعتبر ثاني منتج في أفريقيا بعد نيجيريا. وتشمل الاتفاقية مشاريع تنقيب مشتركة في حقول بحرية وبناء مصفاة تكريرية. ومن الجدير بالذكر أن الصين منحت أنغولا قرضا بقيمة ملياري دولار لإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها 3 عقود من الحروب الأهلية والنزاعات القبلية. وستسدد أنغولا الديون بالنفط الخام.

ولا يقتصر استثمار الصين في أفريقيا على قطاع النفط والغاز، بل وقعّت أوائل هذا الشهر اتفاقا مع جنوب أفريقيا لتطوير مولد نووي للطاقة السلمية، كمشروع شراكة مع «بي بي ام آر» الجنوب أفريقية وشركة الصين للطاقة «تشاينا ـ إينرجي». وفكرة المشروع تستند إلى نموذج صيني لمفاعل نووي ينتج 10 ميغاوات (10 مليارات وات)، والذي تم البدء به في بيجنغ في ديسمبر (كانون الأول) عام 2000.

والهدف من المشروع هو تحقيق الفوائد المحتملة من التعاون في مجال المفاعيل النووية ذات الحرارة العالية. وتشير صحيفة «الصنداي تايمز» اللندنية، في تقرير أوائل شهر مارس، إلى أن هنالك 441 محطة نووية في العالم لإنتاج الطاقة السلمية، موزعة في 30 دولة وتنتج 16% من حاجة العالم من الكهرباء. وفي 16من هذه الدول تساهم الطاقة النووية بنسبة 25% من إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية. وعلى سبيل المثال فرنسا وليتوانيا تنتجان 80% من حاجتهما الكهربائية من مصادر نووية.

والذي يقلق الولايات المتحدة بالذات هو التوغل الصيني في إثيوبيا، حيث تبني الشركات الصينية شبكة طرق تمتد إلى الحدود السودانية وحدود دولة جيبوتي شمالا، وإلى حدود كينيا جنوبا. وهناك مشاريع لبناء مطارات وخزانات مياه وسكة حديد. ويعتقد المراقبون أن المشاريع الصينية سوف لن تدر أرباحا تجارية، وأن الصين على استعداد للإنفاق غير المربح لأسباب سياسية.

وتمول الصين مشروع سد تكازي على نهر النيل، والذي بلغت تكاليفه 300 مليون دولار، قارب على الانتهاء. وفي هذا الإطار قال غريما بيرو، وزير التجارة الإثيوبي أخيرا للصحافيين، إن السد سينتج طاقة كهربائية تزيد عن حاجة المنطقة، وسيتم دمج الطاقة الفائضة عن الحاجة بشبكة طاقة كهربائية تشمل الدول المجاورة. وأضاف أن هذا المشروع سيساعد الصين في الحصول على عقود للاستكشاف والتنقيب في الدول المجاورة». ويعتبر وزير التجارة الإثيوبي أن الصين هي الآن أهم شريك اقتصادي لإثيوبيا.

والتنوع الاستثماري الصيني يشمل أيضا قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة. وفي هذا السياق قال مدير دائرة السياحة في حكومة سيراليون في مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي وورلد سيرفيس»، إن الشركة الصينية «هينان غوجي» تدرس استثمارا سياحيا بمبلغ 200 مليون دولار.

وستستمر الصين في التوسع في أفريقيا ومناطق أخرى في العالم لا سيما الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، بحثا عن مصادر للمواد الأولية والاستثمار في مشاريع اقتصادية وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها.

وتشير الإحصائيات الصينية الرسمية إلى أن النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة سيبلغ 8% سنويا، وهذا سيعطي فرصا أفضل للشركاء التجاريين الذين يتعاملون مع الصين. ويتوقع مركز الأبحاث والتطوير التابع للحكومة الصينية أن هذا المعدل في النمو الاقتصادي قد يستمر ما بين عامي 2006 و2010. ويتوقع المركز أن ينخفض النمو لمعدل 7% سنويا ما بين عام 2010 و2020. وإذا أخذت إحصائيات عام 2000 كمعيار قياسي سيبلغ إجمالي الإنتاج المحلي 2.3 تريليون دولار في عام 2010، وسيبلغ دخل الفرد 1700 دولار حسب وكالة أنباء غسينهاو الصينية.