مدير عام «ابيكورب»: فجوة بين التمويل المحلي المتاح والمطلوب تبلغ 5 مليار سنويا يمكن سدها بالسندات

أحمد النعيمي لـ«الشرق الاوسط» : العالم العربي يحتاج لاستثمار 180 مليار دولار في قطاع الطاقة حتى عام 2009

TT

في أول حديث صحافي يدلي به منذ توليه مهام منصبه مديرا عاما للشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب) أوائل هذا الشهر، قال لـ«الشرق الأوسط» احمد بن حمد النعيمي، المدير العام الجديد للشركة، ان العالم العربي بحاجة لاستثمار أكثر من 180 مليار دولار حتى 2009 في قطاع الطاقة، بما في ذلك البتروكيماويات والكهرباء. اي بنحو 36 مليار دولار سنويا.

وتوقع ان تضخ شركات النفط الوطنية والدولية 80 مليار دولار لتمويل مشروعات انتاج النفط والغاز عبر التمويل الذاتي. اما الاحتياجات المتبقية والمقدرة بـ 100 مليار دولار فسيتم تمويلها تجاريا بما لا يتجاوز 30 مليار دولار، ما يعني ان مستقبل التمويل المصرفي في المنطقة العربية هو واعد الى حد بعيد.

وفي حين اكد النعيمي ان دور جهات التمويل الحكومية هام وحافز للتنمية خصوصا لتمويل المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، الا انه قال ان هذا الدور تراجعت اهميته النسبية قياسا على المتطلبات التمويلية الضخمة للمشروعات البترولية، واضاف ان الدراسات الاخيرة تشير الى ان قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات العربية تحتاج لحوالي 15 مليار دولار سنويا وان هناك فجوة بين ما تقدمه مؤسسات التمويل المحلية وتلك الاحتياجات بحوالي 5 مليار دولار، مما يدفع المستثمرين للاتجاه نحو سوق السندات.

ونفى احمد النعيمي ان تكون شركته بحاجة لرفع رأسمالها موضحا انها تتمتع بقاعدة رأسمالية متينة، كما اشار الى ان شركته اضطرت مرتين فقط لالغاء ديون هالكة بقيمة 12.8 مليون دولار وان نسبة الديون المتعثرة في الشركة تبلغ 6 في المائة من اجمالي القروض المستحقة السداد.

* سجلت ارباح الشركة على مدى العامين الماضيين زيادات متتالية، ما هي برأيكم الاسباب التي تقف وراء هذا النمو في الارباح؟ وهل ترون ان هذه العوامل مؤقتة لارتباطها بارتفاع اسعار النفط وصعود ارباح قطاع البتروكيماويات ام ان الشركة وأيضا سوق التمويل لديها عوامل نمو تتسم بالثبات؟

ـ لعل اهم الاسباب التي ادت الى نمو ارباح الشركة لعامين متتاليين بمتوسط 17 في المائة هي ثلاث عوامل رئيسية اهمها ارتفاع حجم التوزيعات المستلمة من المساهمات التي تشترك فيها الشركة برؤوس اموال شركات عربية مشتركة تزامن ذلك مع تحقيق محفظة الاوراق المالية التجارية لمكاسب نتيجة تحسن اسعار الصناديق الاستثمارية والعامل الثالث هو ارتفاع حجم عمولات الاكتتاب والمشاركة في القروض التي تشارك الشركة بها مع البنوك الاخرى في تمويل المشروعات البترولية والبتروكيماوية في منطقة الوطن العربي. ويتوقع استمرار نمو ارباح الشركة في ظل بدء بعض الشركات المساهمة بها في مرحلة التشغيل للمشروعات الاساسية والتوسعات، وسيتزامن ذلك مع استمرار الشركة في الابقاء على مركزها كأهم ممول في المنطقة للمشروعات البترولية والبتروكيماوية، وسيؤدي هذا بدوره الى ارتفاع عائدات العمولات والرسوم من الاكتتاب في المشاركة في القروض التي ستقدم لمشروعات المنطقة.

* ما هي تقديراتكم لحجم الاستثمارات المطلوبة لتلبية النمو في الطلب على قطاعات الزيت والغاز والبتروكيماويات والطاقة في العالم العربي على المديين القصير والمتوسط؟ وما هي برأيكم قدرة القطاع المصرفي ومؤسسات التمويل العربية على تلبية مثل هذه الاحتياجات؟ ـ تشير تقديرات «ابيكورب» الاولية الى ان حجم الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة العربية «النفط والغاز والبتروكيماويات وتوليد الطاقة الكهربائية» لا تقل عن 180 مليار دولار خلال الفترة ما بين 2005 ـ 2009، اي ما يربو عن 36 مليار دولار سنويا، وذلك استدلالا بمعدل النمو المتوقع على الطاقة اقليميا وعالميا وكذلك على ضوء الارتفاع الحاصل في تكاليف اقامة المشاريع نتيجة للزيادة الكبيرة في اسعار المواد والسلع والخدمات الانشائية.

وسيتم تمويل تكلفة تطوير مشروعات انتاج النفط والغاز والتي تقدر بنحو 80 مليار دولار تمويلا ذاتيا من قبل شركات النفط الوطنية والدولية، اما الاحتياجات الاستثمارية المتبقية والمقدرة بـ 100 مليار دولار والخاصة بالاستثمارات في المشاريع اللاحقة في قطاعات صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات وتوليد الطاقة الكهربائية فسيتم تمويلها بما لا يتجاوز 30 مليار دولار في شكل مساهمات في رؤوس الاموال، وذلك على اساس نسبة 70/30 قروض ومساهمات على التوالي. لذا فان ضخامة حجم التمويل التجاري المطلوب والمقدر بـ 70 مليار دولار خلال الفترة من 2005 ـ 2009 الشيء الذي يدل على ان مستقبل التمويل المصرفي في المنطقة العربية يعتبر واعدا الى حد بعيد، ويتيح لجميع مؤسسات التمويل العربية والعالمية المساهمة والمشاركة في تلبية تلك الاحتياجات التمويلية الضخمة.

ومن الجدير بالذكر ان «ابيكورب» قد احتلت المركز الخامس من بين 66 مؤسسة تمويلية عربية ودولية في قائمة اكبر المرتبين للقروض باسلوب تمويل المشروعات في عام 2004 في منطقة الشرق الاوسط.

ولاعتبارات تتعلق بمكانة المنطقة العربية في خارطة الطاقة العالمية من ناحية توزيع الاحتياطات وما يمتخض عنه من ميزة نسبية لصناعة البتروكيماويات والاسمدة العربية، ونظرا لقوة معدل نمو الطلب على الطاقة اقليميا وعالميا، فتعتقد «ابيكورب» ان الاحتياجات الاستثمارية المطلوبة في المنطقة العربية قد تزداد بوتيرة اعلى في العقد الثاني من هذا القرن مقارنة بالعقد الاول.

* كيف تصفون دور جهات التمويل الحكومية في خلق التوازن وسد بعض الثغرات في قطاع التمويل العربي؟

ـ لجهات التمويل الحكومية دور هام في إنجاح ترتيبات التمويل للمشروعات الصناعية وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التكلفة حيث يشكل التمويل الحكومي الميسر نسبة عالية من اجمالي التمويل المطلوب.

اضافة الى ذلك، فإن الحصول على التمويل الحكومي يعكس الثقة في جدوى المشروع ويرسل اشارات ايجابية للبنوك المحلية والاقليمية بأهمية المشروع للاقتصاد الوطني.

ما نود التأكيد عليه هو ان دور جهات التمويل الحكومية يظل هاما وحافزا للتنمية، وان تراجعت اهميته النسبية قياسا على المتطلبات التمويلية الضخمة للمشروعات البترولية والبتروكيماوية التي يجري التخطيط لإنشائها في المنطقة.

* ما هو تقييمكم لمستوى اشتراك مؤسسات التمويل والمصارف الدولية في تمويل مشروعات البترول والغاز في المنطقة العربية؟

ـ من خلال الدراسات الاخيرة والخاصة بمتطلبات رؤوس الاموال المستثمرة في قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة في العالم العربي فقد استطعنا الوقوف على هيكل رأس المال الذي تحتاجه هذه الصناعات للاعوام الخمسة القادمة من حيث القروض والمساهمات، خاصة اذا ما اخذنا في الاعتبار فرضية ان الجزء الخاص بالمساهمات سيمول تلقائيا او عن طريق سوق الاوراق المالي، وعليه فإن المشكلة تكمن في تمويل الجزء الخاص بالاقراض والذي يبلغ في تقديرنا حوالي 15 مليار دولار في السنة، علما بأنه في خلال السنوات الاخيرة فإن اجمالي المبلغ الذي طرح للتمويل قد تجاوز 6 مليارات دولار بقليل في السنة، تم تمويل معظمها من المصارف العالمية والاقليمية.

وحتى اذا ما افترضنا ان عام 2004 قد أتى بموجة جديدة، فإن المصادر البنكية لن تكون كافية لتمويل الفجوة البالغة حوالي 5 مليار دولار، مما سيدفع بالمستثمرين للاتجاه نحو سوق السندات ولكي يمكن حدوث ذلك فعلى كل من الدول والمشروعات الحصول على التقييم اللازم، الشيء الذي يعني مزيدا من الشفافية والهيمنة اضافة الى تجاوز المعوقات الخاصة بالرقابة الخارجية.

بيد ان عام 2004 قد شهد مشاركة استراتيجية من قبل القطاع المصرفي المحلي شملت التمويل التقليدي والاسلامي معا، ونتيجة لذلك فإن حجم القروض التي رتبت في ذلك العام قد بلغت قرابة 10 مليار دولار.

* هل لدى الشركة نية لرفع رأسمالها الحالي لرفع قدرتها لتلبية النمو في الطلب على عمليات التمويل؟

ـ تتمتع «ابيكورب» بقاعدة رأسمالية متينة، وبالتالي فهي ليست في حاجة لرفع رأسمالها لتحقيق اهدافها الاستثمارية والمحافظة على موقعها القيادي في تمويل مشروعات قطاع النفط والطاقة في المنطقة العربية. وجدير بالذكر ان نسبة قاعدة رأس المال الى اجمالي القيمة العالدة للمخاطر «المستوى الاول» في نهاية العام 2003 بلغت 35.1 في المائة، كما بلغت نسبة كفاية رأس المال في نفس الفترة 33.2 في المائة، طبقا لقواعد كفاية رأس المال والمحددة من قبل لجنة بنك التسويات الدولية. اما فيما يختص بالاستثمارات الرأسمالية الضخمة التي تتطلبها صناعة الطاقة في المنطقة خلال السنوات القادمة، فاننا على ثقة ان «ابيكورب» ستلعب دورا هاما في تقليص الفجوة المشار اليها آنفا.

* كيف تقيمون مستوى التزام الجهات المقترضة في القطاع البترولي والبتروكيمايات في سداد الديون المترتبة عليها؟ وما هو حجم القروض المشكوك في سدادها؟ وما هي خطة الشركة في رفع تحصيل الديون؟

ـ منذ إنشائها لم تضطر «ابيكورب» الى الغاء ديون هالكة الا مرتين فقط حيث بلغت الديون الملغاة 12.8 مليون دولار من قرضين. وبوجه عام فإن نسبة الديون المتعثرة في الشركة هي نسبة ضئيلة بلغت 6 في المائة فقط من مجموع القروض المستحقة السداد. وتطبق الشركة سياسات واجراءات محددة لمراقبة هذه المخاطر والحد منها.