«الطاقة الدولية» توجه انتقادات حادة لشركات النفط العالمية لتوزيعها الأرباح وتجاهلها الاستثمار في زيادة الطاقة الإنتاجية

تقديرات للوكالة تشير إلى ضرورة رصد 16 تريليون دولار خلال العشرين عاما المقبلة

TT

وجهت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس والتي تمثل 26 دولة صناعية مستوردة للنفط انتقادات حادة للشركات الكبرى لترددها في المغامرة والاستثمار في مشاريع اكتشاف وانتاج نفطية لتلبية الطلب العالمي المتنامي.

وتساءلت الوكالة لماذا تستمر الشركات في استعمال سعر الـ 20 دولارا للبرميل كمرجع حسابي لتقييم جدوى المشروع الاقتصادية مع أن الاسعار السائدة الآن أكثر من ضعف ذلك؟ ويعتقد المحللون أنه على المدى البعيد سيكون سعر البرميل بين 30 و35 دولارا. ويتوقع اقتصاديو بنك ميريل لينش الاستثماري أن الأسعار ستبقى فوق الخمسين دولارا حتى نهاية العام ويعزو البنك ذلك لعدم توفر قدرة انتاجية احتياطية فائضة عن الحاجة وتضع اللوم على الشركات لعدم الاستثمار في تطوير طاقة انتاجية اضافية. وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع شركة شل رفض الناطق باسم الشركة التعليق على انتقادات وكالة الطاقة الدولية مباشرة، بل أصر على أن شل تستثمر 11.5 مليار دولار سنويا في طاقة انتاجة اضافية ومن هذا المبلغ تستثمر شل 1.5 مليار دولار في عمليات اكتشافية». ويرفض سايمون بيرك الناطق باسم شركة شل أن السعر لوحده هو العنصر الوحيد الذي يستند اليه القرار بالاستثمار، لكنه أضاف أننا نعتمد على سعر لا يقل عن 20 دولارا لتبرير استثمارات ضخمة. ومن الجدير بالذكر أن شل مسؤولة عن 3 بالمائة من انتاج النفط العالمي. وقد استثمرت 15 مليار دولار خلال عام 2004 وقبل ذلك بعام بلغ الاستثمار 13 مليار دولار. ومن جهتها تحاول الشركات الكبرى تبرير عدم رغبتها في الاستثمار بمشاريع كبيرة لتوسيع الطاقة الانتاجية بالاشارة الى احتمال هبوط الاسعار لمستويات غير اقتصادية كما حصل أواخر التسعينات عندما نزلت الاسعار لعشرة دولارات للبرميل. وانخفاض السعر يعتمد الى حد كبير على رغبة أوبك في زيادة الانتاج وتطوير المقدرة الانتاجية وضخ كميات اضافية للسوق. ولمعالجة المخاوف من هبوط السعر المفاجىء لمستويات من هذا القبيل اقترحت الفايننشال تايمز صحيفة الأعمال اللندنية العودة لما يسمى بـ«عقود الأسعار الثابتة»، والابتعاد عن الأسعار الفورية المتقلبة. وكان نظام عقود الأسعار الثابتة يعمل به على نطاق واسع قبل عام 1985. ومن غير المتوقع ان تقبل الشركات الكبرى والدول المستوردة بالدخول باتفاقات طويلة الأمد وبأسعار ثابتة. وقد يبدو هذا الاقتراح منطقيا ولكن تطبيقه سيكون صعبا. ولحل المعضلة يقترح بعض المحللين إدخال «بنود مرنة» تسمح للاطراف بالخروج من قفص عقد السعر الثابت.

ومن الجدير بالذكر أن الشركات الكبرى حققت ارباحا قياسية على خلفية أسعار نفط مرتفعة. وعلى سبيل المثال جنت «بي بي» البريطانية وهي أكبر ثاني شركة طاقة عالمية ارباحا بلغت 4.95 مليار دولار في الربع الأول من عام 2005 وهذا يعادل 2.5 مليون دولار في الساعة. بينما حققت شل ارتفاعا في ارباحها في الربع الأول من العام بنسبة 28 بالمائة فوق أرباح نفس الفترة لعام 2004 لتصل إلى 5.5 مليار دولار.

ونظرا لهذه الأرباح الخيالية تجد وكالة الطاقة الدولية أن الشركات الكبرى لا تستثمر بما فيه الكفاية في أعمال التنقيب والانتاج. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الشركات الكبرى تستثمر 20 بالمائة أقل مما هو مطلوب. وفي هذا السياق علّق كلود مانديل الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية أن العالم لا يستثمر أموالا كافية في تطوير طاقة إضافية. وأضاف اقتصادي الوكالة فاتح بيرول أن هناك حاجة إلى زيادة تتراوح بين 15 إلى 20 بالمائة في ميزانيات الاستثمار في طاقة إضافية.

ولا تقتصر الانتقادات على المبالغ المخصصة للاستثمار ولكن شملت أيضا صعوبة الدخول لبعض المناطق لا سيما الشرق الأوسط التي تعمل تحت مظلة أوبك ومناطق خارج أوبك مثل المكسيك. وكان تردد أعضاء أوبك في السماح للشركات الأجنبية بالوصول لاحتياطات الشرق الأوسط أحد الأسباب التي دفعت الشركات الكبرى للاستثمار في مناطق قديمة مثل اوروبا وأميركا حيث تكاليف استخراج النفط والغاز مرتفعة جدا بالمقارنة مع الشرق الاوسط.

وفي اجتماعهم في باريس هذا الاسبوع عبر وزراء الطاقة الذين يمثلون 26 دولة تنتمي لوكالة الطاقة الدولية عن استيائهم وقلقهم على مستقبل الامدادات. ولكن الشركات الكبرى ترفض الانتقادات وتقول إن الحذر في الاستثمار يستند الى توقعات أن المشاريع تأخذ احيانا 25 سنة من الدراسة والتخطيط والتنفيذ وفي هذا الفترة الطويلة قد تنهار الأسعار لمستويات تجعل العائد على الاستثمار سلبيا.

ولا يقتصر قلق وكالة الطاقة الدولية على استثمار الشركات الكبرى في قطاعات الاكتشاف والانتاج ولكن هناك مخاوف حقيقية من نقص الطاقة التكريرية.