القطاع الزراعي اللبناني يخسر 300 ألف دولار يوميا وحركة القطاعات الأخرى مجمدة

أزمة الشاحنات على الحدود اللبنانية ـ السورية تعبير اقتصادي عن مشكلة سياسية

TT

لم يظهر حتى الآن، ما يوحي بإمكان قرب حل للأزمة الناشبة عند المعابر البرية الثلاثة على الحدود اللبنانية ـ السورية، والمتمثلة بطوابير الشاحنات المتوقفة على جوانب الطرق منذ بضعة ايام، وبانتظار السماح لها بالعبور الى الداخل السوري، ومنه الى الاردن والعراق، والدول الخليجية.

وفيما تتحدث الجهات المعنية اللبنانية عن اغلاق تلك المعابر من قبل السلطات السورية، وتدعو في المقابل، الى الاسراع في فتح حوار مع هذه السلطات لحل المشكلة المتفاقمة. تؤكد الجهات السورية المعنية، بدءاً من وزارة الداخلية وانتهاء بالمديرية العامة للجمارك، ان سورية لم تقفل حدودها، وانما تنفذ اجراءات تفتيش مشددة بعد العثور على «مهربات» على حد قول الأمين العام للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري هي كناية عن «مخدرات واسلحة»، وذهب بعض هذه الجهات الى تحميل سائقي الشاحنات اللبنانيين مسؤولية الازدحام عند بوابات العبور، مما ادى الى زيادة طوابير الشاحنات المنتظرة، واذا كان المراقبون يعتبرون ان سبب هذه الازمة هو سياسي اكثر من اي شيء آخر، فإن نتائجها اقتصادية بدأت ترخي بثقلها على مختلف القطاعات اللبنانية، من زراعية وصناعية، وسياحية وغيرها.

ويؤكد المراقبون ان النتائج الاقتصادية لحركة التبادل بين البلدين بدأت بالظهور مع بدء الحديث عن الانسحابات العسكرية السورية من لبنان، فتراجعت حركة الترانزيت من 30 مليون دولار شهرياً كمعدل وسطي في عام 2004 الى ما دون 19 مليون دولار شهرياً منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية مايو (ايار) الماضي.

وتأكيداً لأهمية العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسورية اشار الامين العام لجمعية الصناعيين اللبنانيين غازي يحيى، الى ان حجم الحركة التجارية وحركة التصدير واعادة التصدير بين لبنان وسورية تقدر بـ1.744 مليار دولار سنوياً، اي ما يوازي 20% تقريباً من اجمالي حركة الميزان التجاري اللبناني، واكثر من نصف الصادرات الى الخارج، منها نحو 355 مليون دولار لحركة الترانزيت من لبنان باتجاه سورية والدول العربية، باعتبار ان معظم الصادرات تتم عن طريق المعابر البرية. يضاف الى ذلك نحو 206 ملايين دولار لاعادة التصدير، وما يزيد عن 590 مليون دولار حجم الاستيراد من سورية الى لبنان بما فيها المستوردات من الدول العربية، ونحو 593 مليون دولار حجم الصادرات من لبنان الى سورية، بما فيها الصادرات الى الدول العربية.

ولعل من سوء الطالع ان تتزامن هذه الازمة مع اطلاق محطة المستوعبات في مرفأ بيروت كمحطة للترانزيت البحري، ومع بدء موسم التصدير الزراعي من منطقتي البقاع وعكار الواقعتين في محاذاة الحدود السورية ـ اللبنانية.

ويقول رئيس نقابة فلاحي ومزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي في هذا المجال لـ«الشرق الأوسط»: «ان اكثر من نصف انتاج البقاع الزراعي يصدر خلال شهر يوليو (تموز) عبر معبري المصنع ـ جديدة يابوس». ويقدر خسارة القطاع الزراعي اللبناني بنحو 300 الف دولار يومياً، نتيجة توقف الشاحنات المحملة بالخضار والفواكه عند نقاط العبور مع ما تتعرض له حمولاتها من تلف، علماً ان عدد الشاحنات اللبنانية التي كانت تمر عبر هذا المعبر في الايام العادية يتجاوز 70 شاحنة.

ويقول مصدر في غرفة تجارة بيروت الى «ان الكارثة لا تصيب القطاع الزراعي فحسب، بل كل القطاعات الانتاجية وخصوصاً الصناعية. فحركة مرفأ بيروت متوقفة منذ ايام، وكذلك الترانزيت. واصحاب صناعات الالبسة والحديد والالمنيوم والاحجار وسواها متوقفون عن التصدير، وقطاع النقل مجمد، والبنود الجزائية تنفذ على عقود التسليم المتأخرة واتفاقية شحن الغاز الى لبنان لتشغيل معمل البداوي (شمال لبنان) مجمدة.

وفيما يعتبر اللبنانيون ان ازمة الحدود اللبنانية ـ السورية انتهاك لاتفاقية التيسير العربية، يعتبر السوريون انهم مضطرون لتجميد كل الاتفاقات الثنائية مع لبنان في انتظار اعادة النظر فيها جميعاً، وبناء لرغبة العديد من الجهات اللبنانية الفاعلة، ولا سيما تلك التي افرزتها الانتخابات الاخيرة.

وفي محاولة للالتفاف على الازمة دعا رئيس جمعية الصناعيين السابق جاك صراف، الى وضع خطة تصدير بديلة عن المرافئ والمعابر البرية، تتعلق بشحن المنتجات الزراعية جواً، فيما دعت اوساط اقتصادية اعتماد الشحن البحري، ولكن باكلاف تبلغ ضعفي تكلفة الشحن البري وبوقت يبلغ ثلاثة اضعاف الوقت، الذي يستلزمه الشحن البري.