مع تقلب العملات وزيادة الطلب الآسيوي.. الذهب يتألق في الأسواق الدولية

TT

صعد الذهب في التعاملات الآجلة في بورصة نيويورك السلعية خلال الايام القليلة، الى اعلى مستوياته في اربعة اسابيع، فيما تحول المستثمرون الى الذهب بعيدا عن الدولار. وكان الذهب في عقد ديسمبر (كانون الاول) مرتفعا 2.80 دولار الى 436.10 دولار للاوقية (الاونصة)، بعد ان صعد قبلا الى 436.50 دولار، وهو اعلى مستوياته منذ الاول من يوليو (تموز). تحدد سعر الذهب في جلسة القطع المسائية في لندن اول من امس عند 429 دولارا للاوقية ارتفاعا من 427.15 دولار في جلسة القطع الصباحية.

وقال مارتي ماكنيل، وهو تاجر ومحلل في مؤسسة «ار في لافيرتي وكو» في نيويورك «ان ارتفاع الذهب مدفوع حاليا بالعملات، ومن المتوقع ان يرتفع الذهب خلال الشهر الحالي قليلا مع ارتفاع اليورو». ومن المعروف ان بعض المستثمرين يقبلون على شراء الذهب ايضا عند ارتفاع اسعر النفط كنوع من التحوط ضد التضخم. ويعتقد بعض المحللين ان اسعار الذهب ربما ترتفع خلال الشعر الحالي مع زيادة زخم التجارة.

وقد شهدت عدة دول آسيوية اشتداد الطلب على الذهب من أجل صنع الحلي والمجوهرات والاستثمار في السنوات الاخيرة، وهو ما يعبر عن انتعاش النمو الاقتصادي وازدياد شعبية المعدن الاصفر. وتذهب التقديرات الى ان الهند أكبر مشتر في العالم استهلكت 600 طن من الذهب هذا العام صعودا من نحو 590 طنا عام 2004، وقفز الطلب على الذهب في الهند 17 في المائة عام 2004 عما كان عليه قبل عام. وأما الصين وهي مشتر رئيسي آخر قد يصبح استهلاكها في نهاية الامر مماثلا لاستهلاك الهند. فمن المحتمل ان تشهد زيادة في الطلب على الذهب نسبتها عشرة في المائة هذا العام مع مضي البلاد في تحرير اسواق المعادن النفيسة. ويقول تجار ومحللون ان المستثمرين يعمدون الى تنويع استثماراتهم باللجوء الى الاوعية الاستثمارية الملموسة مثل الذهب بسبب العجز الضخم في الميزان التجاري للولايات المتحدة ورفع الصين قيمة عملتها اليوان، وهو تحرك سيؤدي الى ارتفاع قيمة العملات الاسيوية وهبوط الدولار، ويجعل هبوط قيمة الدولار الذهب اقل تكلفة، والذهب المقوم بالدولار الأميركي يبلغ الآن سعره نحو 425 دولارا للاوقية.

وقال رانجيث راثوري، وهو تاجر في مدينة مدراس الهندية، «أي بلد مثل الهند لا نجد بدائل كافية للاستثمار، ولدى الناس ايضا اموال في البنوك ولكنهم يريدون انشاء محفظة استثمارية والذهب جزء مهم من هذه السلة»، واضاف «لقد رأيت انه حينما تنخفض الاسعار فان الناس لا يستمعون الى نصيحة استثمارية، وهم يقولون انهم يريدون الذهب». وفي الواقع فان اسعار الذهب كانت متقلبة في الاشهر القليلة الماضية، اذ بلغت ذروتها في ثلاثة اشهر 443.66 دولار في يونيو (حزيران) ـ وهو ما يقل بضعة دولارات عن اعلى مستوى لهذا العام 446.70 دولار ـ قبل ان تزيل عمليات البيع لجني الارباح وصعود العملة الأميركية بعض هذه المكاسب.

وسجل الذهب اعلى مستوى له في 16 عاما ونصف العام 456.75 دولار للاوقية في ديسمبر (كانون الاول)، غير ان تقلب الاسعار لم يضعف الطلب على الذهب في الهند، حيث تشكل المجوهرات الذهبية عنصرا هاما في زيجات الهندوس لان الاباء يعطون بناتهن الذهب ليكون لهن درع أمان للمستقبل. وقال راجيش ميهتا رئيس مجلس ادارة شركة راجيش للصادرات اكبر شركة لتصدير المجوهرات في الهند «أول اختيار للهنود هو الذهب، انه استثمار معقول، وهم يريدون الاستثمار في شيء يكون ملموسا». واضاف «انه افضل ادخار بقصد الاستثمار متاح في اي مكان في العالم، فالذهب هو السلعة الوحيدة التي يمكنك الاستثمار فيها واستخدامها ايضا». والوضع مختلف في اندونيسيا حيث يحتمل ان يهبط الاستهلاك هذا العام بسبب ارتفاع سعر الذهب وصعود اسعار النفط لمستويات قياسية، وهو ما يؤدي الى ارتفاع السلع الاساسية. واستهلكت اندونيسيا اكبر مشتر للذهب في جنوب شرق اسيا 88.9 طن من الذهب عام 2004 صعودا من 82.7 طن العام السابق.

وقال ليو هادي ليو، المحلل المستقل في جاكرتا، «الاستهلاك قد يكون دون 80 طنا وسعر الذهب ما زال مرتفعا فوق 400 دولار، بينما ضعفت القوة الشرائية»، غير ان اندونيسيا حسبما يقول بعض التجار قد تكون حالة لأوضاع غير متكررة تقع مرة واحدة. وقد شهدت فيتنام المجاورة زيادة الاستهلاك عشرة في المائة العام الماضي الى 65 طنا مع بحث السكان المحليين عن اوعية استثمار ملموسة لاتقاء تقلبات سعر العملة. وقال محللون انه من المحتمل ان يبقى الطلب على الذهب قويا هذا العام.

ويقول المحللون انهم يشعرون بتفاؤل بشأن آسيا. وقال بنك كومنولث استراليا في تقرير «انتعاش الاقتصاد والعملة في الصين واشتداد اهتمام المستثمرين من المتوقع ان يؤدي الى ارتفاع الطلب على الذهب في اسيا خلال العام المقبل. ومع تدفق الدولارات من مبيعات الطاقة في الشرق الاوسط، فانه من غير المحتمل ان يضعف الطلب هناك ايضا».