انتعاش ظاهرة تجارة وقود السيارات على الأرصفة في شوارع بغداد

وسط مطالبات برفع الأسعار واستخدام البطاقات الذكية

TT

لندن ـ د.ب.أ: تكاد تكون تجارة وقود السيارات وانتعاش ظاهرة باعة الارصفة من الفتيان والشباب من اكثر المهن الطارئة انتشارا في العراق، نظرا لاستمرار حالة فقدان هذا الوقود في محطات تعبئة الوقود المنتشرة في عموم البلاد لأي سبب كان.

فأمام طوابير تضم مئات السيارات الصغيرة والشاحنات تنتشر في بغداد ومدن العراق الاخرى يقف بالاتجاه المقابل للطوابير عشرات الفتية والشباب وهم يلوحون بايديهم للتعريف بتجارتهم وهي عبارة عن «جيريكانات صغيرة» مملوءة بالوقود لكنها تباع بأضعاف سعره الرسمي في بلد يطفو على بحر من النفط، ويمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم. وقال سلام محمد، 19 عاما، بائع وقود «نستطيع الحصول على وقود البنزين من منافذ كثيرة ونحن نؤمن احتياجات من لا يستطيع الوقوف في طوابير أمام محطات التعئبة، وكذلك اصحاب المولدات الكهربائية». واضاف «نحن لسنا لصوصا. اننا نعمل على توفير لقمة العيش لأهلنا بعد عجز والدي في الحصول على فرص عمل حكومية». ويشاطره منتصر ابراهيم، 22 عاما، الرأي حيث قال «نحصل على البنزين من خلال سيارة قديمة الموديل يملكها والدي وتم اصلاحها، وهي تدر علينا منذ عام بأموال كثيرة لتوفير القوت بعيدا عن زحام الشوارع والانفجارات».

وأكد بهاء احمد، 34 عاما، صاحب سيارة «لا توجد ازمة رغم طول طابور السيارات فأنا احصل على البنزين بعد ساعة او ساعتين في اقصى حد في المحطات الحكومية لكن هذا لا يمنع من القول ان عددا من اصحاب المحطات الاهلية يتلاعبون بكميات الوقود ويسربون جزءا منه الى السوق السوداء». وتعتقد وزارة النفط العر اقية ان رخص سعر وقود البنزين الرسمي المدعوم من الحكومة المباع في محطات تعبئة الوقود بسعر 50 دينارا للتر الواحد (ما يعادل 34 سنتا للتر الواحد) يشكل سببا لانتعاش ظاهرة باعة البنزين على الارصفة والشوارع والذين يبيعون اللتر الواحد بسعر 400500 دينار (ما يعادل 30 و35 سنتا للتر الواحد).

من جهته، قال عاصم جهاد، المتحدث الإعلامي باسم وزارة النفط العراقية، «صدقني لا توجد ازمة بنزين في البلاد، وان الوزارة تضخ يوميا 24 مليون لتر عبر منافذ التوزيع، كما انها تستورد شهريا 13 مليون لتر من بلدان الجوار بقيمة 200 مليون دولار شهريا اضافة الى الانتاج المحلي».

وتابع «لدينا خزين جيد والأزمة تنجم عن ندرة المادة او فقدانها وهذه الحالة غير موجودة فالجميع يحصلون يوميا على الوقود رغم وجود طوابير سيارات طويلة». واضاف «ان ازدياد عدد المواطنين الذين امتهنوا عملية الاتجار بوقود البنزين على الارصفة وخاصة اصحاب السيارات من الموديلات القديمة بعد تحوير خزانات سياراتهم وبيعه بأسعار مضاعفة شكل سببا من اسباب انتشار ظاهرة فقدان البنزين من السوق، فضلا عن مشاركة العديد من اصحاب محطات التعبئة في تسريب كميات كبيرة من البنزين الى السوق السوداء خلافا للانظمة والقوانين، اضافة الى اسباب اخرى عديدة منها ازدياد استخدام المولدات الصغيرة في المنازل لتوليد الطاقة الكهربائية بعد زيادة ساعات القطع المبرمج للتيار الكهربائي في البلاد ودخول نحو مليون سيارة الى البلاد بطريقة استيراد غير منظمة منذ سقوط صدام عام 2003 وحتى الآن».

وقال جهاد «اعتقد ان رخص سعر البنزين يعد سببا اساسيا في استمرار اتساع السوق السوداء ولابد من رفع سعره اضافة الى استخدام بدائل حديثة للحصول على الوقود، منها استخدام البطاقة الذكية التي ستخلق انسيابية في التوزيع، كما انها تقضي على حالات التلاعب بالاسعار والفساد الاداري».

وتمكنت دوريات من قوات مغاوير الشرطة، وهي قوات منتخبة ومدربة جيدا مطلع الشهر الجاري من الانقضاض على اماكن تخزين وقود البنزين والمحروقات الاخرى في احدى قرى بلدة ابو غريب (20 كم غرب بغداد) وصادرت اعدادا كبيرة من الصهاريج المدفونة تحت الأرض المملوءة بملايين اللترات والقبض على اصحابها. ورغم الانتشار الكبير للجيش والشرطة ودوريات الجيش الأميركي في الشوارع، فإن باعة الارصفة لا يخشون ذلك فهم يلوحون بأيديهم بدون خوف من أية عواقب وخيمة.

الى ذلك، بدأت وزارة النفط باتخاذ تدابير بالتعاون مع الأجهزة الأمنية للحد من ظاهرة تهريب الوقود الى بلدان الجوار وفرض عقوبات وغرامات كبيرة على من يثبت تورطه في هذه الاعمال فضلا عن انها تعتزم العمل على وضع ضوابط لحل أزمة الوقود بجميع انواعه ومنه وقود الطبخ والتدفئة من خلال بيعه وفق نظام الكوبونات التي ستوزع مطلع الشتاء المقبل.