«المرأة الحديدية» لبنى القاسمي تقلب الطاولة على حرس «البزنس» القديم و«هوامير» السوق في الإمارات

خبير: كسبها لأول «معركة» لا يعني فوزها بـ «الحرب»

TT

كاد صيف الامارات هذا العام يزيد لهيبا فوق لهيب الطقس الحار، فالبورصة بدأت تأخذ منحىً تنازليا منذ اواخر يوليو (تموز) لتتراجع الاسعار بشكل حاد وتسبب قلقا كثيرا للمستثمرين قبل ان تعاود الارتفاع قبل اسبوعين. كما بادر رجال أعمال في الوقت نفسه الى دخول «بزنس» الشركات الجديدة تشجعهم سهولة الحصول على سيولة من السوق عبر الاكتتابات والمزاج العام السائد بأن اسهم الشركات الجديدة رصيد مربح للغاية. وزادت الطين بلة موجة رفع الشركات المساهمة القائمة لرؤوس أموالها بعد ان بادرت «إعمار» الى ذلك لتكر السبحة وليسود جو من التشاؤم حول تأثير ذلك في البورصة التي تلقت الصدمة تلو الاخرى حتى كادت تنهار. وكان الحديث يدور خلال أحر شهر في الامارات حول امتصاص الشركات الجديدة والقائمة لأكثر من 30 مليار درهم من السيولة، فتسارع نبض السوق المالي منذرا بجلطة قلبية وتبخرت في أقل من شهر مليارات الدولارات. كان على وزيرة الاقتصاد الاماراتية، الشيخة لبنى القاسمي، ان تستخدم ما لديها من صلاحيات للحفاظ على توازن السوق وعدم تأثر الوضع الاقتصادي للبلاد بما يحدث في قاعات التداول. بدأ التدخل من جانب لبنى القاسمي، التي اصبحت تشتهر في الاوساط بلقب المرأة الحديدية اسوة برئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر التي قادت ثورة اقتصادية في بلادها ابان فترة حكمها، بإرسال بالونات اختبار لجس نبض الحرس القديم للتجار ورجال الاعمال من المتنفذين التقليديين والمغامرين الجدد، كان اولها الحديث عن تعديل مرتقب لقانون الشركات الذي لم يعد يعبر عن الاقتصاد الاماراتي الجديد الذي اصبح ثاني اكبر اقتصاد في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية. بالونات الاختبار هذه وجدت تأييدا واسعا من قبل الفعاليات المتأثرة بسيطرة حرس البنزس القديم، كما ساندها الإعلام المحلي على نطاق واسع بإبراز ردود الفعل الايجابية وتضخيمها بإفراد الصفحات الكاملة، مع تلميح الشيخة لبنى في تصريحاتها العامة القليلة الى مساندة القيادة السياسية الجديدة لها ولسياساتها. أحد «ضحايا» السياسات الجديدة ممن يطلق عليهم في الأوساط المحلية بـ«الهوامير» عبر لـ«الشرق الاوسط» في احدى المناسبات عن استيائه البالغ مما يجري في أروقة وزارة الاقتصاد. كما فشلت جهود اكبر تجار الذهب في دبي في الحصول على التقييم الذي يريده لشركته التي تملكها عائلته ويريد تحويلها الى مساهمة عامة حيث اعطته الوزارة تقييما أقل وصفه بأنه «غير عادل». شركات أخرى كانت تريد ركوب موجة السيولة المتوفرة بصورة لا مثيل لها في السوق الاماراتية اجلت خططها او عدلتها وفقا للمتغيرات الجديدة بعد ان اتخذت وزارة الاقتصاد بقيادة لبنى القاسمي سلسلة قرارات متعاقبة وحاسمة تقنن السوق وتنظمها وتهدد من يخرقها في لغة لم يعتد الحرس القديم على سماعها من قبل. من هذه الشركات «نور كابيتال» ومقرها ابوظبي التي كانت اول الصيف تروج لاكتتابها الوشيك برأسمال 1.2 مليار درهم. ومنها ايضا «المال كابيتال» التي كانت تريد دخول سوق الاصدارات الاولية ايضا برأسمال 490 مليون درهم. هاتان الشركتان اضطرتا الى التحول لشركات مساهمة، خاصة بعد قرار وزارة الاقتصاد بتجميد الاكتتابات الجديدة للشركات تحت التأسيس. وتشير مصادر الى ان وزارة الاقتصاد جمدت التصريح لنحو 15 شركة تحت التأسيس كانت قد تقدمت بطلبات للتأسيس كشركات مساهمة عامة تعمل في قطاعات الخدمات والاستثمارات المالية والعقارات.

هذه الخطوة يفسرها عالمون بالأمور في اروقة الوزارة بأنها تجسد رغبة الشيخة لبنى بتسريع صدور قانون الشركات الجديد الذي سينظم مسألة طرح الشركات للاكتتاب العام، ومنها تحقيق أرباح لفترة معينة قد تصل الى ثلاث سنوات متتالية بدلا من ظاهرة شركات الافكار التي تسحب اموال المساهمين اولا قبل ان تعرف اين تستثمرها.

كانت لهذه «الصدمات» آثار ايجابية على البورصة الاماراتية التي انتعشت تدريجيا خلال الاسبوعين السابقين مستعيدة جزءا لا بأس به من خسائرها. ويرى محللون ان هذه الاجراءات غير المسبوقة بتوقيتها وسرعة تنفيذها من شأنها ان تعيد الثقة بالسوق المحلية بتعزيز الشفافية بصورة خاصة.

ووفقا لخبير اقتصادي اماراتي، فإن «حرب لبنى مع الحرس الاقتصادي القديم في الدولة قد بدأت للتو، وكسبها لأول معركة لا يعني انها قد تكسب الحرب». ولكن يبدو ان المزاج العام في الامارات يميل الى التعاطف مع الشيخة لبنى التي تعد اول امرأة تتولى منصبا وزاريا في الدولة. ففي يونيو (حزيران) الماضي، وجهت حكومة الشارقة ما يشبه التعنيف العلني لمسؤولين في مجموعة تجارية في الامارة اعلنوا نيتهم تأسيس شركة برأسمال 55 مليون دولار وفتح باب الاكتتاب فيها أمام المواطنين الشباب. التعنيف جاء على نحو بيان رسمي سريع نفت فيه الحكومة المحلية علمها بحصول تلك الشركة ـ المشروع على الموافقات اللازمة للتأسيس، وهو أمر وضع المؤسسين في موقف غير متوقع ومحرج للغاية.