السعوديون يحلمون بالثراء من باب أسهم قطاعي المصارف والصناعة

مع تصاعد أسعار النفط وأزمة الملف النووي الإيراني

TT

تعلقت أعين السعوديين خلال الأيام الماضية بالأحداث الدولية وخصوصا أزمة الملف النووي الإيراني بحكم التوترات التي شابته مع وصول المحافظين مجددا إلى الحكم في طهران والذي يراه البعض سيؤثر على سير الاقتصاد العالمي.

وجاء الترقب السعودي غير الرسمي لتطورات الملف الإيراني الذي لم يرتبط بالحسابات السياسية في المنطقة إلا انه ارتباط بأحلام الثراء والرفاهية المنتظرة مع ارتفاع أسعار النفط عالميا إذ أن التجاذبات الدولية حول الملف النووي ساهمت في رفع برميل النفط إلى نحو 68 دولارا معتقدين بأن هذه الطفرة الجديدة ستدخل من باب سوق الأسهم الذي يعتبر شعبيا لشريحة كبيرة من المواطنين مصدرا للثراء ليراهنوا خلال الفترة المقبلة على القطاعين المصرفي والصناعي للاستفادة من الازدياد في أسعار النفط وفقا لقراءات فردية مختلفة.

ويعلق المحلل المالي مطشر المرشد في حديث لـ«الشرق الأوسط» على هذا السلوك بالقول إن الارتفاع الحالي في سوق الأسهم السعودية يوصف بالعام لعدد من الأسباب المهمة مثل قلة عدد الشركات المدرجة والتي تصل إلى 76 شركة عدد كبير من أسهمها غير متاحة للتداول بحكم سيطرة المؤسسين عليها إضافة إلى المحافظ الاستثمارية الكبرى مثل التأمينات الاجتماعية والبنوك ونمو الاقتصاد الوطني وارتفاع أسعار النفط والمتغيرات الدولية التي ساهمت في عودة جزء من الأموال السعودية المستثمرة في الخارج والتي لم تجد قناة استثمار متاحة إلا في سوق الأسهم ما تسبب في زيادة في الطلب على أسهم الشركات الأمر الذي جعل الطلب ينال الشركات الخاسرة.

ووصف المرشد الارتفاع في القطاع الصناعي في الأيام القليلة الماضية بأنه مبني على عوامل نفسية بحكم ارتباط صناعة البتروكيماويات بالنفط في حين أن ارتفاع أسهم قطاع المصارف عائد إلى النشاط في حركة الأسهم والعمولات المحصلة من عمليات البيع والشراء باعتبار أن البنوك تعتبر الجهة الوحيدة المصرح لها في الوقت الحالي بالوساطة المالية في هذه العمليات، إلى جانب أنها شهدت ارتفاعا في عمليات تمويل الأفراد والقروض والتقسيط والتسهيلات المقدمة للمتاجرة بالأسهم.

ويشير المرشد إلى أن أرباح الشركات السعودية في النصف الأول من العام الحالي كانت مرتفعة لعدد من الشركات والمهمة والتي منها سابك، والاتصالات السعودية، والكهرباء، وقطاع المصارف، وقطاع الاسمنت، ما يفيد بأن هناك قطاعات سيستمر الطلب عليها بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط بحكم أن منتجاتها تعتبر مهمة إضافة إلى غياب المنافسة في مجالها.

واعتبر المرشد أن قصر قرارات الاستثمار في بعض الشركات على عوامل مؤقتة أمر غير جيد إذ أن الرؤية يجب أن تراعي العوامل الأخرى، مبينا أن الاستثمار في أسهم الشركات المنتجة للبتروكيماويات عطفا على أن الإشكالية في الملف النووي الإيراني من الممكن أن تدفع بأسعار النفط إلى مزيد من الارتفاعات تغفل العديد من العوامل الرئيسية والمهمة ومنها أن ارتفاع الطلب على النفط ومشتقاته كان قبل المشكلة الإيرانية إضافة إلى أن القرارات الاستثمارية طويلة الأمد يجب أن تراعي القوائم المالية وقدرة الشركة على التوسع المستقبلي ومجال السوق المستهدف، حيث أن هناك شركات لا علاقة لها بالنفط من الممكن أن تكون قنوات استثمارية جيدة مثل قطاع الاتصالات، حيث لا توجد إلا شركتان تزودان الخدمة في ظل نمو المستهلكين.

وتخوف المرشد من مستقبل القطاع المصرفي خصوصا مع اقتراب انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية بعد منح تراخيص لعدد من البنوك الأجنبية في المجالين الاستثماري والتجاري للعمل في السعودية لتكون منافسا للبنوك العاملة حاليا التي لم تبتكر ـ وفقا للمرشد ـ أعمالا تشفع لها منافسة البنوك الأجنبية، حيث أن اعتماد المحلية على القروض والتمويل والتقسيط والأرباح المستقاة منه ستتأثر مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية في منتصف العام 2006 إذا ما واصلت أسعار النفط ارتفاعها مشيرا إلى أن البنوك المحلية استفادت من تدني أسعار الفائدة التي كانت في حدود 1 في المائة، حيث أنها وظفت الودائع وقتها كقروض وتمويل بنسب ثابتة بين 6 و7 في المائة ما حقق لها هامشا ربحيا جيدا سيتقلص مع ارتفاع الفائدة عالميا مع الأخذ أن متوسط مدة الإقراض بين 4 و 5 أعوام ما قد يضطرها بالمقابل إلى رفع أسعار الفائدة على القروض ما سيؤدي إلى خفض نسبة المقترضين الأمر الذي سيسهم أيضا في خفض أرباحها.

وأشار إلى أن القراءة المرتبطة بأن زيادة دخل الدولة قد تزيد الأموال المودعة لدى البنوك تغفل أمرا مهما وهو أن الدولة مع تحقيق فوائض مالية بدأت في التقليل أو التوقف عن إصدار سندات مقابل الاقتراض من البنوك إضافة إلى العمل على تسديد الديون المترتبة عليها، الأمر الذي سيوقف جزءا من نشاط البنوك والدخل الذي ستحصل عليه إلى جانب عدم دخول البنوك في المشاريع التنمية الكبرى مثل السكة الحديدية والكهرباء وتحلية المياه، ولذلك فإن القطاع المالي معرض لمنافسة عالية بحكم الربحية المتوفرة فيه الأمر الذي سيؤثر في أرباح المصارف الحالية.