رئيس قسم خدمة البيانات في أوبك: أي غموض يكتنف بيانات السوق النفطية سيغذي المضاربات المحمومة

فؤاد الزاير: المنظمة تستضيف في أكتوبر أعضاء مبادرة البيانات النفطية المشتركة وإطلاقها بنهاية العام

TT

قال فؤاد عبد المجيد الزاير رئيس قسم «الخدمات البيانية» في الأمانة العامة لمنظمة الاوبك، إن الحصول على بيانات يعتمد عليها يعد تحديا من نوع خاص لا يخص منظمة أوبك فقط، حيث أن توثيق الإنتاج أو الطلب يعتبر عملا شائكا ومعقدا نظرا لتعدد الأطراف ذات العلاقة. مشيرا في حوار لـ«الشرق الاوسط» الى تعدد الجهات المعنية، فهناك الدول المنتجة للنفط ، والشركات المتخصصة بالنقل عبر الأنابيب أو السفن، مرورا بمصافي التكرير قبل أن يصل النفط إلى المستخدم النهائي. وهذا يعني أن هناك عوامل متعددة تحدد مدى صدقية تلك البيانات. مشيرا الى أن ما حدث أخيرا من صدور بيانات متباينة عن إنتاج أوبك لشهر يونيو يعكس تلك الإشكالية التي يواجهها كافة القائمين على البيانات النفطية.

وأضاف، تعتبر البيانات الدقيقة والواضحة حتمية لا مناص منها إذا أردنا الوصول إلى قرارات حكيمة تخدم السوق النفطية وتحقق مصالح المنتجين والمستهلكين. وحتما فإن أي غموض يكتنف تلك البيانات سيغذي أجواء المضاربة المحمومة في السوق النفطية.

وحول مبادرة البيانات النفطية المشتركة قال الزاير إنها تهدف إلى توضيح الصورة حول البيانات النفطية العالمية وتوفر الشفافية التي تعتبر ضرورية لاستقرار أسواق النفط . مشيرا إلى أن الأمل أن تصدر القاعدة المعلوماتية في نهاية هذا العام. موضحا، كما أننا في منظمة أوبك سنقوم باستضافة أعضاء «المبادرة» بعقد اجتماع في فيينا خلال شهر أكتوبر المقبل لتنفيذ خطة انطلاق تلك القاعدة البيانية.

* ما هي المهام الموكلة لقسم خدمات المعلومات في الأمانة العامة للأوبك؟ وما هي أبرز المشروعات التي تعمل هذه الدائرة على إنجازها في الوقت الحالي؟

ـ إن أحد الأدوار المناطة بالأمانة العامة لمنظمة أوبك هو المتابعة الدؤوبة للتطورات التي تحدث في سوق النفط، وإجراء التحليلات المناسبة التي تخدم صنّاع القرار في الوصول إلى قرارات ملائمة تحقق الاستقرار المنشود في السوق. وتعتمد دول المنظمة في قراراتها على البيانات الصحيحة التي تصدر في الوقت المناسب ويمكن الاعتماد عليها عند اتخاذ أي قرار يتناغم مع متطلبات السوق.

ويعتبر قسم «الخدمات البيانية» في الأمانة العامة من أكبر الأقسام في الأمانة ويؤدي وظيفتين رئيسيتين، الأولى: تقديم آخر الحلول التي توصلت إليها التكنولوجيا المعلوماتية لمساعدة الأمانة العامة على تنفيذ خططها بكفاءة عالية.

ثانيا: وهذا هو موضوع هذه المقابلة، تقديم الإحصائيات والبيانات والمعلومات المساندة لإجراء العديد من الدراسات البحثية والتحليلات والتي تخدم في المحصلة النهائية صناعة القرار. وتتضمن تلك البيانات، آخر الأرقام المتعلقة بالعرض والطلب للنفط الخام، وناقلات النفط وأنابيبه، كما تشمل تلك البيانات أسعار النفط والإحصائيات الخاصة بالطاقة.

ويقوم القسم بمراجعة دقيقة ومتفحصة لكافة البيانات التي تصل إلى الأمانة العامة من الدول والمنظمات الدولية قبل جمعها واستخدامها من قبل فريق البحث أو نشرها في أوعية البحث المتخصصة. ويعتبر «الكتاب الإحصائي» أحد أوعية النشر المهمة التي يتولى قسم الخدمات البيانية الإشراف عليه. ويمكن الإطلاع عليه من خلال صفحة الإنترنت الخاصة بالمنظمة www.opec.org .

وهناك العديد من المبادرات التي يتبناها القسم لدعم مهمة المنظمة والدول الأعضاء. فمثلا نحن نستفيد من الخدمات التي تقدمها «الإنترانت» ونعمل على إعادة هيكلتها بشكل مستمر من أجل تحسين التنسيق داخل المنظمة ومع خبراء الدول، كما أننا نواصل توظيف كافة الطرائق الخاصة بالتكنولوجيا المعلوماتية لزيادة الإنتاجية.

ونظرا للأهمية التي نوليها للبيانات للوصول إلى قرارات حكيمة تضمن استقرار السوق واعتدال الأسعار، فإن قسم «الخدمات البيانية» يشارك وبشكل فعال في العديد من المبادرات الدولية التي تعمل على تحسين شفافية البيانات الخاصة بالنفط والطاقة. وتعتبر مبادرة البيانات النفطية المشتركة والتي تعتبر الأمانة العامة أحد المؤسسين لها واحدة من أهم تلك المبادرات.

ويواصل القسم كذلك تعاونه مع الدول الأعضاء لتحسين كفاءة تلك البيانات، وتوقيتها وصدقيتها لتكون أوبك مرجعا هاما لكافة البيانات المتعلقة بالنفط والطاقة.

* ما هي الصعوبات التي تواجهونها في إدارة خدمات المعلومات في الحصول على معلومات موثوقة حول مستويات الإنتاج أو الطلب العالميين على النفط؟ وهل هناك بوادر لإزالة مثل هذه العقبات؟

ـ لا تعتبر مسألة الحصول على بيانات يعتمد عليها تحديا من نوع خاص لمنظمة أوبك فقط، حيث أن توثيق الإنتاج أو الطلب يعتبر عملا شائكا ومعقدا نظرا لتعدد الأطراف ذات العلاقة. فهناك الدول المنتجة للنفط، والشركات المتخصصة بالنقل عبر الأنابيب أو السفن، مرورا بمصافي التكرير قبل أن يصل النفط إلى المستخدم النهائي. وهذا يعني أن هناك عوامل متعددة تحدد مدى صدقية تلك البيانات. ولعل ما حدث مؤخرا من صدور بيانات متباينة عن إنتاج أوبك لشهر يونيو، كما ذكرتها وكالتي «رويتر» و«داو جونز» يعكس تلك الإشكالية التي يواجهها كافة القائمون على البيانات النفطية.

وتعتبر «إشكالية التعريف» واحدة من أهم تلك الأسباب. وتتبنى المنظمة بسبب ذلك دورا فاعلا في محاولة منها للوصول إلى تناغم أفضل بين الخبراء للتوصل إلى تعريف موحد وقياسي للبيانات. ولهذا، فإن فريق العمل هنا يواصل التنسيق بين الأمانة العامة والدول الأعضاء للوصول إلى حلول ناجحة بهذا الشأن. وتعتبر منظمة الأوبك قد قطعت شوطا لا بأس به من خلال مشاركتها في مبادرة البيانات النفطية المشتركة لتثقيف الدول والمنظمات المختلفة بأهمية وجود بيانات دقيقة وموحدة.

* ما هو برأيكم الأثر الذي تتركه ضبابية بعض البيانات الخاصة بحجم الإنتاج أو الطلب أو المخزونات على سوق النفط العالمية؟

ـ تعتبر البيانات الدقيقة والواضحة حتمية لا مناص منها إذا أردنا الوصول إلى قرارات حكيمة تخدم السوق النفطية وتحقق مصالح المنتجين والمستهلكين. كما أن تلك البيانات مهمة لتحقيق أسعار مستقرة، وهو ما تحاول المنظمة جاهدة أن تحافظ عليه. وحتما فإن أي غموض يكتنف تلك البيانات سيغذي أجواء المضاربة المحمومة في السوق النفطية.

* إلى أين وصلت جهود إطلاق مبادرة قاعدة معلومات الطاقة التي تتعاون فيها الأوبك مع 6 منظمات؟ ومتى تتوقعون فتح قاعدة المعلومات هذه للعامة؟

ـ تفخر أوبك أنها إحدى الجهات المؤسسة لتلك المبادرة التي تهدف إلى توضيح الصورة حول البيانات النفطية العالمية وتوفر الشفافية التي تعتبر ضرورية لاستقرار أسواق النفط وتشارك كافة الدول الأعضاء ـ باستثناء العراق ـ بسبب أوضاعها الداخلية في فعاليات هذه المبادرة.

وتأمل المنظمة والأعضاء المشاركون في هذه المبادرة أن تصدر القاعدة المعلوماتية في نهاية هذا العام. إلا أن ما تصبو إليه المنظمة وغيرها من الأعضاء أن تساهم هذه القاعدة البيانية في تحقيق الشفافية المنشودة.

وستقوم سكرتارية منتدى الطاقة الدولي في الرياض بمسؤولية التنسيق بهذا الصدد. كما أننا في منظمة أوبك سنقوم باستضافة أعضاء «المبادرة» بعقد اجتماع في فيينا خلال شهر أكتوبر المقبل لتنفيذ خطة انطلاق تلك القاعدة البيانية.

* يلاحظ المراقبون صدور بيانات متباينة من قبل وكالة الطاقة الدولية، ووكالة الطاقة معلومات الطاقة الأميركية، ومنظمة الأوبك في تقريرها الشهري، هذا عدا صدور بيانات أخرى مغايرة عن مراكز البحث وبيوت الخبرة. كيف تنظرون في دائرة معلومات الطاقة لوجود تفاوت متكرر في بيانات العرض والطلب والمخزون؟

ـ إن علينا معرفة أن أية بيانات إحصائية ستحمل في طيّاتها شيئا من عدم اليقين ـ لا محالة، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالبيانات النفطية المعقدة. من هنا فإن القسم يجري دراسة متفحصة لكافة البيانات والتأكد من مصادرها وتناغمها مع تعريف الأمانة العامة لتلك البيانات للتقليل ما أمكن من حالة عدم اليقين تلك. ولهذا، فإن القسم وعند اختياره لأي مصدر معلوماتي، فإنه يضع تلك الاعتبارات كأحد المقاييس الهامة في الاختيار.

* تخلو وسائل الإعلام العربية من التحليلات المعمقة لسوق النفط العالمية ما يجعلها تعتمد على التحليلات الغربية والتي تميل بشكل واضح لوجهة النظر التي تتبناها كبرى الدول المستهلكة. ما هي برأيكم ضرورة وجود مصادر معلومات ومراكز خبرة في الدول المنتجة الرئيسية لتوفير شرح لمواقف ووجهات نظر الدول المنتجة؟

ـ إن مراكز كتلك ستعمل لا محالة على تحسين تدفق البيانات وتنقل صورة دقيقة لوجهة نظر الدول المنتجة. وفي اعتقادي أن العديد من المؤسسات في الدول المستهلكة الرئيسية يهمها معرفة ما يدور داخل أروقة الدول المنتجة، ووجهات نظرهم عندما يتعلق الأمر بالبيانات النفطية. إلا أن عائقي اللغة والثقافة يقفان في وجه تلك المحاولات. ولعل تلك المراكز ستكون نواة لتجسير تلك الهوة. إن مبادرة المملكة العربية السعودية لاحتضان الأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي في الرياض يعتبر خطوة حاسمة للتقريب بين وجهات نظر كافة الأطراف ذات العلاقة. وسوف تواصل المنظمة، بدون شك، في التعبير عن وجهة نظر الدول المنتجة من خلال مشاركاتها الفاعلة في المنتديات الدولية للوصول بالسوق النفطية إلى بر الأمان.