السعودية: قرارات جديدة لتشجيع الصناعة بدعمها في المناقصات الحكومية وخفض الجمارك

الرياض تراهن على القطاع الصناعي كخيار استراتيجي في دفع عجلة الاقتصاد

TT

بدأت الحكومة السعودية مرحلة جديدة ضمن مساعيها لدعم القطاع الصناعي، والتي بدأت تراهن عليها كخيار استراتيجي لدفع عجلة نمو الاقتصاد الوطني وزيادة الدخل القومي للبلاد واستقطاب الكثير من الأيدي العاملة، خاصة أن القطاع الصناعي في السعودية شهد إنجازات ملموسة تمثلت بإنشاء ثماني مدن صناعية تحت إشراف وزارة التجارة والصناعة والتي ألحقت بعدد من المدن الصناعية الأخرى وذلك بعد إنشاء هيئة المدن الصناعية السعودية، علاوة على المدينتين الصناعيتين التابعتين للهيئة الملكية في الجبيل وينبع.

وأصدرت وزارة التجارة والصناعة السعودية عددا من الإجراءات في محاولة منها لمساعدة القطاعات الصناعية في البلاد والتي منها دعمها في المناقصات الحكومية وفق شروط وضوابط حددتها الوزارة والتي ستبدأ بتطبيقها خلال الأيام المقبلة، والتي تشترط أن تكون المنشأة حاصلة على ترخيص صناعي، وأن تتناسب المنتجات التي يقوم المصنع بإنتاجها مع الغرض من المناقصة الحكومية المزمع التقديم عليها وأن يتم إنتاجها فعلياً، وأن يتطابق اسم المنشأة في الترخيص الصناعي مع اسمها في السجل التجاري.

وتضمنت القرارات التي أصدرتها الوزارة في محاولة لتشجيع الصناعة دعمها عبر التلفزيون السعودي عبر إعلانات مخفضة وذلك بالتنسيق بين وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة والصناعة وفق شروط وضوابط حددت سلفاً والتي منها تحديد العلامة التجارية المراد الإعلان لها، وإحضار شهادة تفيد بتسجيل هذه العلامة أو العلامات وملكية المنشأة، كما شملت قرارات الوزارة دعم القطاع الصناعي بمساعدة المصانع بإدخال تيار كهربائي أو تعديل جهد وفق شروط وضوابط، إضافة إلى دعم المصانع التي تستخدم المواد الكيماوية للحصول على فسوحات لإدخالها للسعودية، وذلك وفق اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية على أن يتم ذلك بشكل سنوي ومع بداية كل عام ميلادي جديد.

ولعل من أهم القرارات التي اتخذتها وزارة التجارة لدعم القطاع الصناعي الحصول على الإعفاء الجمركي للسلع التي ترغب المصانع استيرادها من خارج البلاد وذلك بعد التأكد من أن المواد أو الآلات والمعدات وقطع الغيار المراد استيرادها غير متوفرة محلياً وفي حال توفرها يستلزم تزويد وزارة التجارة والصناعة باعتذار من المصانع الوطنية المنتجة لتلك المواد.

تسعى الحكومة السعودية في المرحلة المقبلة إلى استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية في مختلف القطاعات وخاصة القطاع الصناعي وذلك بتبسيط وتحديث إجراءات التراخيص وزيادة الإعفاءات وغيرها والسماح لرأس المال الخاص بتملك محدود للمشروعات الوطنية الكبرى، الأمر الذي دفع إلى تنامي أعداد المصانع الوطنية وزيادة الاستثمارات والقوى العاملة فيها.

وشهد القطاع الصناعي في السعودية، والذي يعد الأكبر في المنطقة، نموا سريعا بفضل تحسن مناخ العمل وزيادة الانفتاح الذي تظهره الحكومة في جذب الأموال الخاصة والأجنبية إلى قطاع الصناعة. فقد تم خصخصة 19.1 مليار ريال سعودي لتنمية البنية التحتية، وذلك من خلال مشروعات جديدة خاصة في المياه والصرف الصحي، وتحلية مياه الشرب المالحة. وتشير تقديرات مؤسسة تحويل المياه المالحة (SWCC) وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إلى إنه يتوجب على السعودية إنفاق ما يزيد عن 61 مليار دولار أميركي خلال العقدين القادمين، على مشاريع مياه الشرب، بالإضافة لحوالي 30 مليار دولار أميركي على مرافق الصرف الصحي. وارتفع العدد الإجمالي للمنشآت الصناعية التي تعمل في السعودية بنهاية العام 2003 إلى ما يقارب 3,652 بإجمالي تمويل قدره 255.98 مليار ريال سعودي. فمنذ تأسيس الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية (SAGIA) في العام 2000، عملت على ترخيص 2,449 مشروعا (حتى سبتمبر لعام 2004) بقيمة 59.62 مليار ريال سعودي. حيث وصلت نسبة مشاركة مستثمرين أجانب من 66 إلى 82 في المائة أو ما يعادل 48.76 مليار ريال سعودي من إجمالي الاستثمارات المرخصة. وتأتي كل من الولايات المتحدة الأميركية واليابان وفرنسا كأول ثلاث دول على رأس قائمة الدول المستثمرة في السعودية. وأولت السعودية قطاع الصناعة جانبا كبيرا من اهتمامها بتنمية القوى الوطنية العاملة كأساس لبناء نهضة صناعية تعتمد على التقنيات والمعطيات الإنتاجية المتقدمة، وبناء المواطن وتوجيهه نحو العمل الإنتاجي الصناعي للإسهام في إدارة وتشغيل المصانع الحديثة. وسار الكثير من المصانع الوطنية في الاتجاه نحو توظيف العمالة الوطنية من الكفاءات التي يتم تخريجها سنويا من الكليات الهندسية والتقنية ومعاهد ومراكز التدريب المنتشرة في السعودية، حيث أثبتت هذه العمالة كفاءة في إدارة وتشغيل العديد من المصانع، والتي منها تجربة سابك في هذا المجال التي تعكس مدى نجاح الجهود المبذولة لسعودة القوى العاملة في المصانع وإتاحة الفرصة لها لإثبات قدرتها.

إلا أنه مع ذلك يرى عدد من المراقبين أن جهود وزارة التجارة والصناعة ما زالت دون المستوى المأمول منها بدعم وتشجيع القطاع الصناعي وذلك بزيادة إقامة المدن الصناعية في كافة المناطق، مشيرين إلى أن عدم وجود مدن صناعية كافية أدى إلى تعطيل النمو الاقتصادي في موضوع الصناعات التحويلية، الأمر الذي قد يدفع بعض رجال الأعمال إلى التوجه إلى أنشطة تجارية أخرى بعيداً عن القطاع لعدم توفر الأراضي الصناعية، وهو الأمر الذي ما زالت تعاني منه هيئة المدن الصناعية لعدم تقديم الدعم المطلوب لإيصال كافة الخدمات للمدن الصناعية في كافة المناطق والتي من أهمها الغاز والكهرباء والخدمات البنى التحتية الأخرى.