«خط أنابيب السلام» بين إيران والهند... هل يتحول الحلم إلى حقيقة؟

تكاليفه تصل إلى 4 مليارات دولار وتواجهه عراقيل أمنية وسياسية قوية

TT

اسلام اباد ـ اب: تتوقع مصادر اقتصادية انه اذا تم مد خط الانابيب بين ايران والهند، فمن المرجح ان يحمل الغاز الطبيعي من ايران لمسافة 2800 كيلومتر، عبر الاراضي الباكستانية ليصل الى الهند، حيث سيتولى تلبية احتياجات واحدة من اسرع اقتصادات العالم نموا. ويمكن لهذه الشبكة امداد باكستان بمئات الملايين من الدولارات مقابل استخدام اراضيها وتوثيق العلاقات بين دولتين متنازعتين. وتطلق عليه وسائل الاعلام المحلية اسم «خط انابيب السلام». ولكن مشروع خط الانابيب الذي سيتكلف 4 مليارات دولار، والذي طرحت فكرته قبل عقد من الزمن وتجددت فكرته بعد التقدم الذي حدث أخيرا في عملية السلام الهندية ـ الباكستانية، يبقى عرضة للصراعات السياسية والتساؤلات المالية، والاهم من ذلك الدبلوماسية.

وذكر رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ للصحافيين، خلال زيارة في الاسبوع الماضي لافغانستان، «ان حاجة الهند للطاقة تزداد بمعدلات سريعة». واصر على ان بلاده تحقق تقدما في ما يتعلق بخط الانابيب الايراني ومشروع مقترح اخر لمد خط انابيب لنقل الغاز من تركمستان الى الهند عبر افغانستان وباكستان.

واوضح ان «الموضوع ليس تفضيل خط عن الاخر. نحتاج الى الخطين». الا ان الامر ليس بهذه السهولة، فرجال السياسة الهنود عبروا عن قلقهم بخصوص أمن خط الانابيب الايراني، الذي يمر عبر باكستان، لا سيما منطقة بلوشستان. وحذر عدد من كبار الساسة الهنود، من بينهم سينغ، من ان الخط لا يزال في المراحل الاولية للتمويل ودراسات الجدوى.

الا ان الولايات المتحدة تنظر نظرة قلقة لهذا المشروع، حيث تحاول الضغط على ايران بخصوص برنامجها النووي، ولا تريد مثل هذه الاستثمارات الضخمة في بلد تعمل على عزله. لقد اوضحت واشنطن انها لا تريد المضي قدما في هذا المشروع.

فقد ذكرت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية، في حديث مع شبكة «ان دي تي في» الهندية في اوائل العام الحالي، «وجهة نظرنا بخصوص ايران معروفة للغاية، وقد نقلنا للحكومة الهندية قلقنا بخصوص التعاون بين الهند وايران حول خط انابيب الغاز.

وفي شهر يوليو (تموز) الماضي، زادت التصريحات الاميركية حدة بعض الشيء، عندما ذكر انتوني واين، وكيل وزارة الخارجية الاميركية امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ان الهند والصين، في اطار بحثهما عن مصادر طاقة جديدة، على استعداد «للاستثمار في دول تتبنى سياسات مضرة بالاستقرار العالمي».

وأكد في هذا السياق ان بعض الاتفاقيات «تثير القلق في اطار القانون والسياسة الاميركية»، غير ان الهند، التي ينمو اقتصادها بمعدل 6 في المائة سنويا، تستورد 65 في المائة من اجمالي احتياجاتها من الطاقة.

ونيودلهي محاصرة الان بين المطالب المتزايدة للطاقة وعلاقتها الوثيقة بالولايات المتحدة. فخلال زيارة في شهر يوليو الماضي لواشنطن، اعلن سينغ والرئيس الاميركي جورج بوش خطة اميركية لمشاركة التقنية النووية المدنية مع الهند، وهي دولة كانت محرومة من معظم عمليات التجارة النووية بسبب تاريخها الطويل في التجارب النووية ورفضها التوقيع على المعاهدة الدولية لحظر انتشار الاسلحة النووية. ولا يزال الاتفاق في حاجة الي اقرار الكونغرس. وكانت النتيجة هي سلسلة من التناقضات من نيودلهي، التي تسعى للبقاء على علاقة طيبة بواشنطن، في الوقت الذي تحقق فيه تقدما، وإن كان بطيئا، في محادثات خط الانابيب المبدئية.

ففي شهر يوليو ذكر وزير النفط الهندي مارني شانكار ايار، ان «المشروع مليء بالمخاطر وان التمويل في غاية الصعوبة». وبعدها بعدة اسابيع كان سينغ في افغانستان يتحدث عن خط الانابيب وكأنه تم الاتفاق عليه.

لكن هذه التناقضات لا تثير الدهشة. فربما يصر المسؤولون الهنود علنا، على ان وجهة النظر الاميركية بخصوص خط الانابيب ليست بهذه الاهمية، ولكن بعد عقود من الشكوك المتبادلة، فإنهم يستفيدون من علاقات متزايدة مع الولايات المتحدة.

وذكر راجان مينون، استاذ العلاقات الدولية في جامعة ليهاي في بيثلاهيم في بنسلفانيا، «على الهنود تحديد الى أي مدى يمكنهم الضغط على الايرانيين في ما يتعلق بخط الانابيب، بدون التأثير على علاقاتهم الاستراتيجية مع واشنطن». الا ان مؤيدي مشروع خط الانابيب يرون ان خط الانابيب يستحق المقامرة الدبلوماسية. فهم ينظرون اليه على اساس انه علاقة رمزية ومادية بين الهند وباكستان، واستثمار مشترك سيؤدي الى التقريب بينهم. وتعتبر باكستان، التي يمكنها تحقيق دخل مقابل مرور الخط عبر اراضيها يصل، حسب تقديرات البعض، الى نصف مليار دولار، من مؤيدي المشروع. وقال رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز انه «سيؤدي الى خلق روابط واعتمادات متبادلة لتأسيس علاقة ثابتة بين البلدين». اما بناء الخط، فقضية مختلفة. ويقول منون «خطوط الانابيب تبدو مناسبة في الخرائط والرسومات البيانية، ولكن هناك حقائق سياسية بخصوص خطوط الانابيب، ولا يمكنها العمل الا اذا كانت الحقائق السياسية سليمة».