التمور المهربة من الجزائر تغرق السوق المغربية في رمضان

تأثير الأفلاك يحول دخل الواحات المغربية إلى الخارج

TT

يرتقب أن يتحول جزء هام من الدخل الذي يجنيه سكان الواحات المغربية من تسويق التمور في رمضان إلى الجزائر وتونس نتيجة تأثير حركة الأفلاك (الشمس والقمر). فبسبب التفاوت بين التقويم الهجري (الذي يعتمد على حركة القمر) والتقويم الميلادي (الذي يعتمد على حركة الشمس) ستكون سنة 2005 سنة انتقالية بين المرحلة التي كان يأتي فيها رمضان بعد موسم جني التمور في الواحات المغربية خلال السنوات الماضية، وبين المرحلة التي تبدأ هذا العام والتي يأتي فيها رمضان قبل موسم جني التمور في منتصف أكتوبر (تشرين الاول).

ويشكل شهر رمضان ذروة استهلاك التمور بالمغرب، ويتم خلاله تسويق جل منتوج الواحات المغربية الذي يتراوح بين 60 و80 ألف طن في السنة، والذي يشكل موردا أساسيا للدخل بالنسبة لسكانها. ونظرا للأهمية الاجتماعية لهذا المورد فإن الدولة توفر الحماية الجمركية للإنتاج المحلي من التمور من خلال منع استيراد التمور المتدنية الجودة، ومراقبة استيراد التمور العالية الجودة، والتحكم في ولوجها للسوق المغربية من خلال الرسوم الجمركية. وعندما يكون هناك نقص في تزويد السوق الداخلية تقوم الدولة بتخفيض نسب الرسوم الجمركية في الحدود التي تسمح باستيراد الكميات اللازمة لسد العجز، وبالعكس عندما يكون الإنتاج متوفرا فإنها ترفع الرسوم إلى نسب عالية قصد تشجيع استهلاك الإنتاج المحلي وحماية مداخيل سكان الواحات، غير أن حركة التهريب النشطة على الحدود مع الجزائر تربك كل هذه الحسابات وتغرق السوق بالتمور التي تدخل بدون إذن وبأسعار متدنية لكونها مدعومة من مداخيل النفط الجزائري بدل أن تكون مثقلة بالرسوم الجمركية المغربية، إلا أن تأثير التمور الجزائرية يكون نسبيا عندما يكون الإنتاج المحلي متوفرا بسبب التنوع الكبير للتمور المغربية مقابل هيمنة صنف واحد في الجزائر.

وفي السنة الحالية التي عرفت تأخر نزول التمور المغربية للأسواق خلال رمضان سمحت الدولة باستيراد التمور بإعفاء شامل من الضرائب لسد حاجيات المواطنين المغاربة. وتم استيراد كميات كبيرة من التمور التونسية التي طرحت في الأسواق بقوة مع بداية رمضان، غير أن المستوردين تفاجئوا بإغراق السوق بالتمور المهربة من الجزائر والتي طرحت للبيع بأثمان تقل بنحو 20% إلى 30% عن أثمان مثيلاتها من التمور التونسية المستوردة بطريقة مشروعة وبإعفاء تام من الضرائب.

أما بالنسبة لسكان الواحات المغربية فبالإضافة إلى تفاوت موسم الجني عن موسم التسويق، فالإنتاج تأثر هذه السنة نسبيا بالجفاف. وتقدر وزارة الزراعة المغربية حجم الإنتاج المرتقب لهذا العام بنحو 64 ألف طن، منخفضا بنسبة 8% مقارنة مع إنتاج السنة الماضية.

ونتيجة ضياع فرصة التسويق في رمضان الحالي فسيكون على المنتجين المحليين تخزين منتوج هذا العام لتسويقه في رمضان المقبل، لكن المشكلة التي سيواجهها سكان الواحات المغربية هي الضعف الكبير لوسائل التعبئة والتخزين الحديثة، فعلى مدى سنوات عديدة كان رمضان يأتي بعد موسم جني التمور، ولم تكن هناك حاجة للتخزين، الشيء الذي يفسر فشل تجارب إنشاء معامل حديثة لمعالجة التمور في مناطق تافيلالت وزاكورة، التي تعتبر أهم مناطق إنتاج التمور بالمغرب، لكن الأمر سيصبح مختلفا في المستقبل، فالأساليب العتيقة التي كانت تستعمل في الماضي البعيد لم تعد ملائمة لمتطلبات السوق وضغط المنافسة، وأصبح من الضروري أن تهتم التعاونيات وتجار التمور بالاستثمار في تجهيزات حديثة لمعالجة وتخزين التمور في المغرب.