البنك الدولي يتخوف من فتور إرادة الإصلاح لدى الحكومة المغربية مع اقتراب الانتخابات

التمويل الخارجي السنوي للمغرب يصل إلى نحو 700 مليون دولار

TT

انتقد فريد بلحاج رئيس مكتب البنك الدولي بالمغرب بطء وتيرة الإصلاحات التي يقوم بها المغرب واستغراقها وقتا طويلا قبل تحولها إلى واقع ملموس. وقال بلحاج خلال مؤتمر صحافي نظمه أول من أمس بالدار البيضاء، قصد تقديم خطة تعاون البنك مع المغرب لفترة 2005 ـ 2009، «لقد أطلق المغرب مجموعة من الإصلاحات التي جعلته بلدا متميزا وجذابا في منطقته، وشدت إليه اهتمام المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية الدولية. إلا أن هذه الإصلاحات تأخذ وقتا كبيرا قبل اكتمالها وإعطاء ثمارها».

وأضاف بلحاج إن بعض هذه الإصلاحات دخل مرحلة متقدمة من النضج وبدأت بوادر نجاحها تظهر وأصبح يتعين على المغرب أن يتخذ الخطوات اللازمة لنقل هذا النجاح من مرحلة الإرهاصات إلى واقع ملموس. وتحدث بلحاج عن قانون الشغل كنموذج لهذه الإصلاحات، وأشار إلى أن اعتماد مدونة الشغل (قانون الشغل) من طرف المغرب في سنة 2003 اعتبر انجازا جبارا، لكن لم تخرج المراسيم والنصوص المكملة والضرورية لتفعيل قانون الشغل الجديد للوجود الى حد الآن، وعلى الخصوص قانون الإضراب، كما أن هناك عددا من البنود في هذا القانون التي تحتاج إلى تعديل باتجاه المزيد من المرونة لتعزيز ثقة المستثمرين.

وثمن بلحاج إنجازات المغرب في عدة مجالات، وخاصة في مجال الإصلاح الإداري. ووصف النتائج التي حققها المغرب في هذا المجال من خلال برنامج المغادرة الطوعية للموظفين، والذي لم يساهم فيه البنك الدولي، بـ«الإيجابية جدا».

وأوضح بلحاج أن استراتيجية تعاون البنك الدولي مع المغرب لفترة 2005 ـ 2009 والتي تمت المصادقة عليها، تتسم بالكثير من المرونة وتتلاقى مع البرامج الكبرى للحكومة المغربية، كما أنها تتقاطع مع مبادرة التنمية البشرية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي يوليها البنك العالمي اهتماما وعناية خاصين.

وقال بلحاج إن هذه الاستراتيجية، التي جاءت نتيجة تشاور وحوار، ترمي إلى مساعدة المغرب على رفع تحديات الرفع من وتيرة النمو المستدام والموفر لفرص الشغل وتقليص الفقر والتهميش. وأضاف أن هذه الاستراتيجية تختلف عن سابقاتها عبر إدماج هدف الحكم الجيد، باعتباره هدفا كامنا، في هدفها العام المتمثل في تقليص الفقر، مشيرا إلى كون المحيط السياسي والإداري الحالي يعتبر مواتيا بشكل أفضل لتنفيذ الإصلاحات المؤسساتية.

وحول الجانب المالي للاستراتيجية أشار بلحاج إلى أنه وضع بشكل مرن وقابل للتكيف مع المستجدات. وقال «لم نربط التمويل ببرنامج معين، وإنما قررنا المساهمة في تمويل الحاجيات السنوية من التمويل الخارجي للمغرب، والمقدرة بنحو 700 مليون دولار، وذلك في حدود 50% كل سنة. وهذا يجعل الدعم المالي المرتقب في إطار هذه الاستراتيجية يتراوح بين 250 مليون دولار و350 مليون دولار في السنة.

وأشار بلحاج إلى كون صياغة الاستراتيجية قد تمت بشكل يأخذ في الاعتبار المخاطر التي يمكن أن تعترض برنامج البنك الدولي في المغرب خلال الأعوام الأربعة المقبلة، والتي ذكر منها على الخصوص مخاطر فتور الإرادة الحكومية وبطء اجراءات اتخاذ القرار بالإضافة إلى تراجع أهمية التمويل الذي يمنحه البنك الدولي للاستجابة لحاجيات المغرب مع إمكانيات لجوئه إلى تمويلات بديلة.

وربط بلحاج مخاطر فتور إرادة الإصلاح عند الحكومة خلال هذه الفترة بكونها تتزامن مع الفترة الانتخابية المقبلة، والمقرر إجراؤها في سنة 2007. وقال «هذا العامل ليس خاصا بالمغرب، فعادة ما نلاحظ فتورا في اهتمام الحكومات بالإصلاحات الكبرى ذات الكلفة السياسية المرتفعة خلال الفترات الانتخابية.

لكن الوضع في المغرب يتسم بميزة خاصة تتمثل في كون المؤسسة الملكية هي التي تقود العديد من مشاريع الإصلاحات الكبرى، وهذا يجعل هذه المشاريع خارج تأثير التقلبات الانتخابية».