الاختناقات المرورية في دبي تثير الإحباط وسط العاملين في الوسط الاقتصادي

يقطنها 1.4 مليون نسمة والسيارات المسجلة تتجاوز 368 ألفا

TT

دبي ـ رويترز: كانت دبي تفاخر يوما ما بمنشآتها التي شيدت على احدث الطرز العالمية وتربطها طرق سريعة تتميز بسيولة الحركة غير ان الاختناقات المرورية حاليا أضحت تؤرق سكان المدينة الصغيرة الذين جاءوا اليها بحثا عن ترف الحياة.

ويقول اقتصاديون وخبراء ان اختناق حركة المرور في الشوارع لعدة ساعات يوميا ربما يؤثر على تطلعات دبي للتحول من نجم ساطع في سماء الخليج الى مركز تجاري عالمي.

وقال دافيد فارييل، وهو من لندن ويعمل بنشرة غلف ترافيك التي تبث على شبكة الإنترنت «سيؤثر ذلك في الصورة الجميلة المضيئة لكل ما هو في دبي». واضاف «المرور الرهيب اهدار للوقت والطاقة وهو احد اسباب انتقالي الى دبي هربا منه بعد ان امضيت ساعات طويلة في الانتقالات في لندن». وتابع «اذا اردت ان افتح مكتبا في دبي فسأدرس موقعه بعناية». وتبلغ اجمالي مساحة دبي 3900 كيلومتر مربع تقريبا وبها طرق سريعة وتقاطعات عريضة على الطراز الأميركي. وهي مركز سياحي وتجاري لمنطقة الخليح يقطنه نحو 1.4 مليون نسمة. ويقدر مسؤولون أن يزيد تعداد سكانها بمقدار 120 الفا في الاقل سنويا.

وثمانون في المائة من السكان اجانب اجتذبتهم الاجور المعفاة من الضرائب التي تتجاوز ما يحصلونه في بلادهم كما ان المناخ الليبرالي ومستوى المعيشة المرتفع كانا عاملين اضافيين اجتذبا المصرفيين ورجال الاعمال وغيرهم. ولكن في الشوارع تزاحم الحافلات المكتظة بعمال البناء اساطيل السيارات الفارهة من طراز تويوتا وفيراري وسيارات الدفع الرباعي. وتفاقم اعمال الطرق ومشروعات البناء التي لا تنتهي من حالة الفوضى على ما يبدو. وعلى عكس المدن العالمية التي تكافح دبي جاهدة لمحاكاتها فان نظام النقل العام بها يقتصر على عدد قليل من الحافلات حتى ان السكان يقولون ان من الصعب تحديد مواعيدها.

وتحول درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة الخانقة دون المشي. كما ان قيادة الدراجات خطيرة جدا في غياب حارات مخصصة لها. ويقول السكان ان ليس هناك بديل حقيقي لسياراتهم نظرا لارتفاع تكاليف سيارات الاجرة.

ويقول سانجاي كاماث المحلل المالي الهندي «السبب الرئيسي للانتقال الى هنا تحقيق حياة كريمة تتميز بالراحة والسكينة. ولكن المرور يدمر حلم دبي»، اذ تستغرق رحلته الى العمل الذي يبعد 46 كيلومترا اكثر من ساعة ونصف الساعة. ويقول اليستر بارلي مدير العمليات في متجر تجزئة بريطاني كبير يعمل في دبي منذ سبعة اعوام ان ازدحام المرور يؤثر في النشاط التجاري بالمدينة. ويضيف «يلتهم جزءا من عملي المثمر خلال اليوم. امضي ساعات طويلة جالسا في السيارة بدلا من زيارة المتاجر. يعمل الموظفون في المتجر لمدة تسع ساعات يوميا.. واذا اضفنا ساعتين يوميا في الطريق من العمل واليه فان نصف اليوم يضيع». ويقول ستيف برايس، كبير الاقتصاديين في بنك ستاندرد تشارترد، ان الازدحام المروري احد «المشاكل المتنامية» لاقتصاد دبي الذي نما بنسبة 17 في المائة العام الماضي.

وقال «ينبغي ان نتعايش مع ازدحام المرور. انه احد العوامل التي تدرسها الشركات ولكنه ليس العامل الوحيد». واعترف مسؤولو الحكومة بان ازدحام المرور يشتد بنفس السرعة التي تطورت بها المدينة التي تشهد حركة بناء محمومة يغذيها الاقتصاد المحلي المزدهر. وتشير احصاءات مجلس المدينة الى ان عدد السيارات المسجلة في دبي سيتجاوز 368 الفا بحلول نهاية العام. وتدخل 60 الف سيارة اضافية المدينة من الامارات الاخرى يوميا. وقال اللواء ناصر السيد عبد الرزاق رئيس اللجنة العليا للمرور في دبي، «دبي واحدة من اسرع المدن نموا في العالم لذا فهذا تأثير طبيعي».واضاف «نعلم ان المرور مزعج ولكنه امر ضروري لنجعل من دبي المدينة العظيمة التي نتصورها». وقال عبد الرزاق ان الحكومة خصصت ما بين ستة وسبعة مليارات درهم (1.6 و1.9 مليار دولار) هذا العام لتوسعة الطرق والكباري كما ان دبي تبني خط مترو يتكلف 14 مليار درهم من المقرر ان يفتتح عام 2009. واضاف ان هناك خططا لتحسين شبكة الحافلات وربما فرض رسوم على المرور على الطرق السريعة. وحذر قائلا «لن تحل المشكلة على الفور ولكننا نتوقع ثورة في اعمال الطرق في السنوات القليلة المقبلة». ومن الاسباب الرئيسية للوفيات في الامارات ضعف مهارات القيادة وتجاهل قيود السرعة ونظام الحارات الى حد كبير، وكذلك ازدحام المرور وحوادث السيارات.

لكن سكانا وخبراء بالمرور يرون ان المشكلة الرئيسية هي الغياب الواضح لخطة رئيسية على نحو يسمح بإقامة مشروعات عقارية قبل تحديد طرق الوصول اليها.

وتقول اريكا برنر، وهي استاذة جامعية أميركية قادت سيارات في أكبر المدن الأميركية واكثرها ازدحاما، «هناك نقص خطير في التخطيط الاستراتيجي هنا. دبي مدينة شابة وكان ينبغي ان تجد حلا للمشكلة. ليس عذرا ان مدنا اخرى تعاني من نفس المشكلة». ويقول بنك إيه.اف.جي هيرمس الاستثماري انه سيجري خلال السنوات الاربع المقبلة مشروعات سكنية بقيمة 50 مليار دولار في الاقل تضم 85 الف منزل.

وينصح برايان سكودر من اروكس العقارية العملاء بدراسة شبكة الطرق قبل شراء عقار، ويقول «ستتاح خدمات ملائمة للأغلبية العظمى ولكن الامور ستزداد سوءا قبل ان تتحسن.. وسوف تتحسن».