منافسة شديدة بين موردي الأرز السعوديين لاقتطاع أكبر حصة في السوق

تزايد أهمية الأسواق الخليجية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودخول نوعيات جديدة إلى السوق عزز المنافسة

TT

تشهد الاسواق السعودية اشتعال منافسة تجارية حادة بين موردي الارز السعوديين لاستقطاع اكبر حصص ممكنة منه او المحافظة على مراكزها الحالية فيه كحدّ ادنى خاصة من دخول عناصر جديدة الى ساحة الصراع التجاري، من ابرزها الرز الاسترالي الجيد النوعية والباكستاني، مما اجبر الموردين على توفير نوعيات جيدة من الرز الهندي (البسمتي) باسعار منخفضة، اضافة الى دخول عناصر الاحتيال والتلاعب الى السوق.

واكد محمد عبد الرحمن مساعد مدير التطوير في شركة «المهيدب للاغذية» انه من النادر وجود اي من انواع الارز (البسمتي) ذات النوعية الجيدة في الاسواق السعودية نظراً الى ارتفاع اسعارها وعدم القدرة على المنافسة من خلالها حيث يتم خلطها حالياً بانواع اقل مستوى للقدرة على طرحها باسعار منافسة.

وبين لـ«الشرق الأوسط» ان مصدري الارز في الدول الرئيسية هي شركات محدودة فقط تتولى تصدير وتوفير الكميات الضرورية الى الاسواق الكبرى باسماء مختلفة وحسب احتياجات الموردين المحليين فيها، اي بالشكل الذي يحافظ على مستويات ربحية معقولة لهم بغض النظر عن نوعية ومستوى المواد المصدرة منه طالما انها تلقى رواجاً في تلك الاسواق، فيما بين الفضل محمد الحسن المشرف في شركة «عمر قاسم العيسائي للتسويق المحدوده» ان تطلع الاسواق الرئيسية المصدرة للارز في العالم الى الاسواق الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً يعود الى انهيار احد اكبر الاسواق الاستهلاكية للرز في العالم وهو الاتحاد السوفياتي الذي كانت له مكانة بارزة في استهلاك هذه المادة الاستراتيجية والذي نتج عنه ايجاد دول عديدة فقيرة يصعب ايجاد الوكلاء والموزعين فيها اضافة الى الصعوبات المالية المستعصية والامنية والتسويقية، اضافة الى قلة الكميات التي تستورد من قبلها وبالتالي صعوبة اعطاء هؤلاء الوكلاء المحليين اسعارا مناسبة ومنافسة.

واشار الحسن الى ان ذلك كله جعل من دول الخليج سوقاً هامة جداً على المستوى العالمي ليبدأ بالتالي التنافس على الفوز في اكبر حصص ممكنة منها بين المصدرين في كل من الهند والولايات المتحدة ومصر واستراليا وباكستان وتايلند وايران وعدد من الدول الاخرى، وخاصة المنتجات الهندية من الارز البسمتي التي تسعى الى تعزيز حضورها في السوق الخليجية في هذا العام وزيادته بنسبة 25 في المائة عن مستوياته المعتادة رغم احتفاظه بمستوياته المعتادة من الاسعار.

وقد ربط احد كبار مسؤولي شركة «ال. تي. اوفرسيز» الهندية المصدرة الاكبر لكافة انواع الحبوب وخاصة الارز، بين تحسن اسعار النفط وزيادة الطلب على افخر انواع الارز الهندي وخاصة (البنجابي ـ العنبر) و(البسمتي) عالي الجودة، متوقعاً طلبيات كبيرة خلال العام الحالي 2001 من السعودية اكبر مستوردي الارز (البسمتي) الهندي.

واشار الى ان الشراء الخليجي من الازر الهندي عموماً تباطأ لان السعودية كان لديها فائض من مخزونات العام الماضي، لكن ذلك تغير منذ بداية العام الحالي كون التجار السعوديون يسعون الى زيادة مخزوناتهم من الارز والتي تبقى في المستودعات ما بين عامين الى خمسة اعوام وبطرق تخزين خاصة لاعطاء المستهلك الارز بعد ان يكون قد اخذ مستوى جيدا من التخزين والجفاف تعطيه نكهته الجيدة وبتكاليف اقل من الارز المخزن من الهند.

وتوقعت مصادر تجارية هندية ان يتم في هذا العام تصدير حوالي 650 الف طن من الازر (البسمتي) تحديداً بالمقارنة مع 520 الف طن خلال عام 2000 الماضي، كان نصيب السعودية منها نحو 400 الف طن من اجمالي مبيعات الهند، فيما وجهت بقية صادراتها الى دول الخليج الاخرى واوروبا والولايات المتحدة، ويعود هذا الاستيراد السعودي الكبير الى استخدام الموردين لعمليات معقدة من التخزين واحياناً اعادة التصدير.

وقدر المنتجون في الهند ان يبلغ محصول الارز البسمتي في بلادهم لهذا العام ما بين 950 الف طن و 1.05 مليون طن بانخفاض ما بين 10 و 20 في المائة عن محصول العام السابق متأثراً بالطقس الجاف في وسط البلاد دون وجود مخاوف حقيقية من جودة المحصول الذي بدأ حصاده منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما بلغ متوسط سعر النخب الاول من (البسمتي) نحو 2800 ريال (750 دولاراً) للطن وهي اسعار مرتفعة مقارنة باسعار العام الماضي، مما يزيد من احتمالات خلط الرز البسمتي بانواع اقل جودة او بالارز المكسور بنسب متفاوته لاعطاء الموردين القدرة على المنافسة. ويتخوف المنتجون في الهند من المنافسة الباكستانية التي تبيع الارز (البسمتي) من نوعيات متوسطة ومنخفضة الجودة باسعار اقل من الاسعار الهندية والذي يدعمه ان الروبية الباكستانية اضعف من الهندية مقابل الدولار اضافة الى ان الحكومة الباكستانية تدعم الصادرات.

ويبلغ سعر (البسمتي) الباكستاني 1875 ريالاً (500 دولار) للطن، مما يوجد منافسة للمنتجات الهندية المتوسطة والمنخفضة النوعية بشكل اكثر حدة، كما ان المنتج الباكستاني يفتقر الى التسويق خليجياً عموماً وفي السعودية بشكل خاص.

وتشير تقديرات الى ان السوق السعودية تستهلك في عام 2005 حوالي 1.3 مليون طن من الارز المستورد بجميع انواعه مع زيادة عدد الحجاج المسموح بدخولهم خلال موسم الحج، وسماح السلطات السعودية لدخول المعتمرين الى البلاد لاكثر من 10 اشهر في العام مقابل شهرين في السابق.

ويشهد الاستهلاك في السعودية ارتفاعاً يقدر بنسبة 4.8 في المائة ليصل الى 825 طناً تم استيرادها العام الماضي، كما يتوقع ان يرتفع نصيب استهلاك الفرد في العام الحالي الى 47 كيلوجراماً بناء على زيادة عدد الداخلين الى البلاد بعد ان كان الاستهلاك عند مستوى 35 كيلوجراماً منذ 5 سنوات.

وقدرت منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) استهلاك السوق السعودي من مختلف انواع الارز للعام الماضي ما قيمته 2.5 مليار ريال (666 مليون دولار) وهو ثلاث أضعاف القيمة التي انفقت عام 1989 والبالغة 750 مليون ريال (200 مليون دولار).

ويوفر الموردون للسوق المحلي مختلف انواع الارز الشائعة الاستخدام بعبوات تتراوح ما بين 40 و45 كيلوجراماً، فيما يعاني هذا السوق من حالات الغش من خلال خلط بعض الانواع الجيدة مع الاخرى الرخيصة قليلة الجودة، واكثر الانواع شيوعاً في السعودية هي (البسمتي، الاميركي، البنجابي، والمصري للمحاشي فقط) فيما يحتل الموردون من الهند 65 في المائة من حجم السوق السعودي، ومن اميركا 12 في المائة، وباكستان 11.3 في المائة، وتايلند 8.3 في المائة، واستراليا 2.4 في المائة، ومصر 0.2 في المائة.

وعلى ذات الصعيد، فقد انتقلت حرب الارز الى «معرض المأكولات السعودي 2001» الذي افتتح امس الاول في الرياض، حيث شارك اكثر من 10 موردين لهذه المادة من العديد من دول العالم ليس فقط المنتجة فالصراع امتد الى الموردين حيث يتجه الموردون في دول الخليج كالامارات لمحاولات اختراق الاسواق المجاورة لهم كالسعودية والعكس صحيح، فيما يعمل المصدرون من دول كتايلند والهند الى محاولات فرض نفوذهم على السوق السعودية التي تحولت اليوم الى احد ابرز المستوردين في منطقة الشرق الأوسط.